اتركوا الحلول لأصحابها ومن ثم حاسبوا

لا يمكن القول بأن أوضاع جميع شركات القطاع العام الصناعي متشابهة، لكن بإمكاننا القول إن معظم الأسباب التي أدت إلى إيقاف هذه الشركات أو إغلاقها أو تحويلها للاستثمار الداخلي أو الخارجي متشابهة، تتلخص منذ بدايات العام 2000 بعدم توفر السيولة المالية، والعجز الواضح من ناحية إيفائها بالتزاماتها المترتبة تجاه عمالها من حيث أجور ورواتب اليد العاملة، إضافة إلى الدعم الذي كان يحول لها من وزارة المالية لتعويض ما كانت الإدارات تصرفه في المناسبات المتعددة

ينطبق المثل الشعبي الشهير «اترك الخبز للخباز ولو أكل نصفه»  على الشركة الهامة للإنشاءات المعدنية، فهذه الشركة لم تنتظر  رصاصة الرحمة التي أخفت وراءها الكثير من الأحقاد، ولجأت إدارتها إلى الاعتماد على الذات والتفكير الجدي بإنتاج صناعات أخرى تنقذها من محنتها وتعيدها إلى الحياة بافتتاح جبهات عمل إضافية، وبطرق وأفكار اقتصادية تستطيع بها أن تحمي نفسها أمام المستجدات الاقتصادية التي طبل وزمر لها ليبرالياً.

وفي إطار البحث عن صناعات أخرى جديدة أمنت الشركة عقوداً مع أكثر من أربعين جهة عامة بقيمة /7/ ملايين ليرة سورية لكي تؤمن على أقل تقدير رواتب عمالها من منتجاتها، ودون أية منةٍ من أحد، وفي الوقت نفسه تعيد للشركة هامش قيمة مضافة لأرباحها، وكانت أولى التقسيمات الإنتاجية التفكير الجدي بإنتاج منتج وطني لم يدخل بعد إلى الصناعات الوطنية، فعمدت الإدارة إلى صناعة العنفات الهوائية لتوليد الطاقة الكهربائية بالتعاون مع أكثر هيئة تملك آباراً يقدر عددها بنحو /400/ بئر، وتحت إشراف هيئة تنمية البادية السورية.

وعلى الرغم من جميع الخطوات المتخذة للنهوض بالشركة فإن البعض مازال يشكك بجدواها الاقتصادية ويضع العصي بالعجلات، والخوف أن تأتي جهات خاصة وتعمل على إنتاج هذه المواد نفسها كما حصل مع الشركات الوطنية الأخرى، خاصة بعد الإقبال على استخدام العنفات الهوائية، وبعد أن زادت الشركة من إنتاجها المقدر بـ /90/ جهاز طاقة شمسية شهرياً، بقوة /35/ عاملاً، وهي تنتج ثلاثة أنواع منها بطاقات حرارية مختلفة وحسب طاقة كل منزل أو معمل وبأسعار متقاربة ومقبولة.

 ولتزيد من الإنتاج أكثر طالبت الشركة الجهات العامة بتحصيل ديونها وتوقيع عقد لمشروع ضخم في حقول الرميلان وهو عبارة عن تركيب /170/ جهاز طاقة شمسية بقيمة تسعة ملايين ليرة سورية، وهي الآن بصدد تأمين والاستعجال بالموافقة لتركيب /1500/ جهاز طاقة شمسية بقيمة /50/ مليون ليرة سورية لكل المباني السكنية المخصصة للعمال في القطاع العام، كما وقعت عقوداً مع الشركة العامة للكهرباء لتركيب أبراج كهربائية حسب حاجتها للأبراج المقدرة قيمتها بنحو /300 ـ 400/ مليون ليرة، والشركة تأمل من المحافظات الأخرى أبرام عقود معها، كما فعلت محافظات حمص والقنيطرة والرقة التي أبرمت عقوداً بقيمة /15/ مليون ليرة سورية.

تشير كل المعطيات أن شركات القطاع العام كافة، ورغم ما عانته طيلة السنوات الماضية يمكن إنقاذها وإعادتها إلى العمل والإنتاج وبمؤشرات جيدة وحقيقية من خلال عمالها أنفسهم، لأن المساعدات كانت تأتي دائماً إما متأخرة أو مبتورة، فالشركة العامة للإنشاءات المعدنية استطاعت منذ بداية العام 2009 وحتى الآن أن تبيع منتجاتها بمقدار /142/ مليون ليرة، في حين كانت مبيعاتها في الفترة نفسها من العام الماضي /79/ مليون ليرة، أي أن أرباحها تضاعفت، لذلك لابد من الدفاع عن الطاقات الجبارة التي بذلها العمال لبقاء الشركة على حالها، وعدم تحويلها للاستثمار، وإيجاد كل الطرق والسبل الكفيلة بضمان استمراريتها، وتحويل الدعم اللازم لها من الوزارات المختلفة، وخاصة وزارتي المالية والصناعة.