ادرس واشتغل فحكومتك (مبسوطة)
هاشم اليعقوبي هاشم اليعقوبي

ادرس واشتغل فحكومتك (مبسوطة)

ستراهم عمالاً في (المولات) الكبيرة وفي المقاهي والمطاعم، سترى منهم نادلات وأخريات بائعات، ستتفاجأ بأن من يوصل لك طلب البيتزا أو يبيعك بنطالاً، هو واحد منهم، ربما كان طالب هندسة سنة أولى أو كانت سنة ثالثة حقوق!؟

 

 (ما معو يصرف على ولاده)

كلما ارتفعت تكاليف المعيشة للأسرة السورية، وفقدت الأجور نسبة جديدة من قيمتها الشرائية، كلما انعكس ذلك على مجمل حياتها، فالأجر الواحد الذي من المفترض أن تكون وظيفته تأمين تكاليف معيشة أسرة كاملة, أصبح هذا غير قادر على إعانة صاحبه, مما دفع بطلاب الجامعات الذين هم من عائلات معتمدة على أجر لدخول سوق العمل, بالتزامن مع متابعتهم لدراستهم الجامعية.

مصروف الجامعة لا يرحم

يضطر الطالب أو الطالبة الجامعية للعمل قبل أن يكمل دراسته، بل أصبح من المتعارف عليه أن يسعى الطالب للبحث عن العمل مجرد أن أنهى دراسته الثانوية، فهو وعائلته المنهكة من أوزار الأسعار، يعلمون تماماً بأن مصروف الدراسة الجامعية، وإن كانت حكومية، تحتاج (صرّة مصاري) لأموال هي بنهاية المطاف غير متوفرة عند عائلة عمالية تعتمد على أجر، لذلك فالحل الوحيد المتوفر أمامهما هو أن ينزل الطالب أو الطالبة لسوق العمل، لعله يحصل على أجره الخاص الذي يعيله ويؤمن مصروف جامعته، وأما إن كان من جماعة التعليم المفتوح أو الخاص فعليه أن ينحت الصخر بأظافره، أو أن يقول على الجامعة السلام.

وظائف للجامعين فقط

لا يمكن اعتبار حصول الطالب(ة) الجامعي(ة) على عمل بالأمر السهل، بل على العكس تماما فتلك مهمة بالغة الصعوبة نظراً لأسباب عدة، أولها: تدني الأجور في الشواغر المتوفرة والتي تبقى شاغرة لعدم جدوى الأجر المعروض، وكذلك الظرف الخاص للجامعي المتمثل بالتزامه بجدول الدوام الذي يختلف من كلية لأخرى ومن معهد لآخر ومن اختصاص لاختصاص، وأيضاً هناك مشكلة عدم امتلاكه (مو ابن مصلحة) لمهارة مهنية أو فنية أو حرفية محددة, بالإضافة لعوامل أخرى متعددة, مما يجعل خياراته محدودة وضمن قطاعات معينة أغلبها ذات طابع خدمي بامتياز، كالمطاعم والمقاهي ومحلات بيع الألبسة ومندوبي المبيعات وعمال توصيل طلبات ..الخ.

أعلى استغلال وأدنى أجر

تعتبر أجور هذه الشريحة العمالية الموسمية والمؤقتة من أدنى الأجور على الإطلاق، حيث يجري استغلالهم من قبل أصحاب العمل أشد استغلال، وهناك الكثير من أرباب الأعمال الذين يطلبون طلاب الجامعات حصراً للعمل لديهم، كون نسبة التحكم بهم أعلى وبالأجر الأدنى، فيما يحاول الطالب التأقلم والحفاظ على عمله كي لا يضطر للبحث مجدداً عن عمل قد يكون أسوأ من حيث الظروف العامة والأجر، ويلجأ البعض منهم للعمل ضمن صناعات خفيفة غذائية أو نسيجية ولو بأجور متدنية، واعدين أنفسهم بتحسن واقعهم بمرور الوقت إذا ما تعلموا مهنة أو حرفة ما.

حكومات الإفقار 

يحتاج هذا الموضوع للكثير من المعالجة والتوسيع والبحث عن الإحصائيات والأرقام والدراسات المتعلقة به، ولا بد أن يولى اهتماماً خاصاً من نقابات العمال، ولا بد أيضاً من تحميل الحكومات السابقة المتلاحقة والحالية مسؤوليتها، كون السبب الرئيسي في هذه الفوضى كلها مجمل السياسات الاقتصادية الليبرالية التي سحبت من جيوب العاملين بأجر مصروف تعليم أولادهم الجامعين، فانضموا قسراً لآبائهم في صفوف الطبقة العاملة المنهوبة.