اللجنة النقابية.. من التعطيل إلى التفعيل

تعتبر اللجنة النقابية الخلية الأولى للتنظيم النقابي، وهي اللبنة الأولى في الهرم التنظيمي للحركة النقابية، ولهذه الاعتبارات فإن اللجنة النقابية في المصانع ـ والمواقع الإنتاجية، لها الدور المفصلي في تنفيذ المهام النقابية المختلفة التي تواجه الحركة النقابية للأسباب التالية:

1 ـ اللجنة النقابية منتخبة من عمال التجمع مباشرة.

2 ـ على صلة حية بظروف العمل، وشروط العمل، وأثرها على العمال سلباً أو إيجاباً.

3 ـ على تماس مباشر بالعمال، وهمومهم الخاصة، والعامة.

4 ـ على معرفة تامة بالقضايا الإنتاجية، والإدارية، وكل ما يتعلق بالتجمع.

5 ـ لها شرعية في حركتها وصلتها، وصلاحياتها حسب قانون التنظيم النقابي لتلك الاعتبارات التي ذكرت فإن اللجان النقابية يقع على عاتقها مهام كثيرة وكبيرة في موقع عملها، حيث يعطيها حق اختيار أعضائها مباشرةً من قبل العمال والذين هم على دراية وخبرة بأعضائها المنتخبين، القوة اللازمة والضرورية التي تمكنهم من أداء مهامهم في الدفاع عن حقوق العمال ومكاسبهم، وكذلك النضال من أجل حقوق جديدة تفرضها شروط وظروف العمل.

فإذا تمكن العمال من اختيار ممثليهم وفق إرادتهم، فإن هذا الاختيار سيمكّن من إيجاد لجان نقابية، ومناضلين نقابيين صلبين في الدفاع عن قضاياهم وحقوقهم، غير خاضعين لضغط الامتيازات والمكاسب خاصة التي تقدمها الإدارات لرشوة العديد من النقابيين فتحولهم إلى خدماً لها بدلاً من أن يكونوا مدافعين عن العمال، وهذا يستدعي إعادة النظر بآلية تقديم ممثلي العمال في الإدارات والمجالس الإنتاجية، وذلك بأن يكونوا خاضعين لرقابة العمال المباشرة وللعمال الحق بسحب الثقة منهم في حال عدم قيامهم بواجبهم النقابي، على أن يكونوا منتخبين مباشرة من عمال التجمع.

إن قانون التنظيم النقابي (84) قد حدد مهام اللجان النقابية وصلاحياتها في مواقعها، كما جاء في المواد (14، 15، 16)، حيث حولت اللجان النقابية إلى مورّد للمعلومات التي تمد بها مكاتب النقابات، وإلى مراقب لمدى تقيد الإدارات بقضايا الصحة والسلامة المهنية، والأمن الصناعي ....الخ، وكذلك حث العمال على زيادة الإنتاج والمباريات الإنتاجية.

إن تحديد مهام اللجان النقابية بتلك القضايا على أهميتها، أفقد هذه اللجان والحركة النقابية، وكذلك حرم العمال قانونياً، من ممارسةً حقهم الطبيعي الذي نصت عليه قوانين العمل العربية والدولية في استخدام كل الوسائل الممكنة للدفاع عن حقوقهم، وفي مقدمتها حق الإضراب والاعتصام من أجل زيادة الأجور، زيادةً تتناسب مع تكاليف المعيشة التي هي في ارتفاع مستمر مع بقاء الأجور تراوح مكانها دون زيادة حقيقية تلبي تطلع العمال بحياة أفضل.

لقد اقتصر النضال النقابي على قاعدة «نحن والحكومة شركاء»، و«نحن والحكومة فريق عمل واحد»، مما فرض شكلاً وحيداً للنضال المطلبي يعتمد على المذكرات والمراسلات بين الحكومة والجهات التابعة لها، والحركة النقابية، وهذا الأسلوب قد يكون مفيداً أحياناً للتذكير بالمطالب، ولكن ليس مجدياً في كثير من الأحيان مما يتطلب استخدام كل الوسائل المتاحة، التي خبرتها الطبقة العاملة السورية، والتي كانت عاملاً مهماً في توحيدها كطبقة لا يمكن التغاضي عن مطالبها وحقوقها.

إن الحركة العمالية مقبلة على دورة انتخابية جديدة، في ظل ظروف ومستجدات اقتصادية، وسياسية، واجتماعية تزداد تعقيداً، مما يعني ازدياد الضغوط على حقوق ومكاسب العمال، مما يستدعي، إعادة النظر بقانون التنظيم النقابي من حيث الدور والمهمات، والصلاحيات، بالشكل الذي يمكّن الحركة النقابية من التصدي الحازم لتلك المهام التي يفرضها الواقع الحالي المتبدل، خاصة مع تبني اقتصاد السوق الاجتماعي كنهج يحدد طبيعة الاقتصاد السوري، والذي على أساسه تُبنى السياسات الاقتصادية الحكومية، وغير الحكومية، مما يعني خضوع كل شيء لقوانين السوق، بما فيها حقوق العمال سواء في القطاع العام، أو الخاص. فالوضع بالنسبة لعمال القطاع الخاص يزداد سوءاً، لأنهم خاضعون لشروط مختلفة عن عمال القطاع العام من حيث شمولهم بالمظلة التأمينية والنقابية، وشروط العمل، ودرجة الاستغلال. والذي يزيد الطين بلة بهذا الخصوص صعوبة الوصول لعمال القطاع الخاص للممانعة التي يبديها أرباب العمل، ولضعف أداء الحركة النقابية من أجل جذبهم إلى النقابات، مما يجعل العمال بهذه التجمعات خاضعين تماماً لشروط أرباب العمل، وحتى التجمعات التي فيها لجان نقابية، فإن رب العمل يتدخل بشكل مباشر في تركيب هذه اللجان بحيث تكون منسجمة إلى حد بعيد مع شروطه، أي تكون تلك اللجان فاقدة لدورها المفترض بالدفاع عن عمال التجمع، وهذا ما تؤكد عليه الوقائع اليومية التي يعيشها عمال القطاع الخاص، من عدم زيادة أجورهم، وعدم تسجيلهم بالتأمينات، وإن سجلوا فيكون بالحد الأدنى من رواتبهم، الاستقالات، وبراءات الذمة المسبقة السيف المسلط على رقابهم في حال إبداء أية مقاومة أو مطالبة بحقوق.

إن إعادة النظر بمهام وصلاحيات اللجان النقابية وفق المستجدات الحاصلة، والتي لا بد أن تُنتخب وفق إرادة العمال واختيارهم الحر، الذي سيعكس نفسه بالضرورة على مجمل الحركة النقابية من حيث أدائها لمهامها النضالية التي تفرضها طبيعة الصراع يبن العمل والرأسمال أينما كان موقعه.

■ ع . ياسين

آخر تعديل على الخميس, 17 تشرين2/نوفمبر 2016 18:47