الدردري يؤكد: «توصيات البنك الدولي ستعتمد من قبل الحكومة كصانع قرار»؟!

ما كاد يجف حبر الكلمات التي كتبت عن اللقاء الذي جرى بين الحكومة ونقابات العمال، والذي قيل فيه الكثير عن نية الحكومة بالاستجابة لمطالب الاتحاد العام لنقابات العمال، حتى فتحت الحكومة جبهة جديدة مع الاتحاد ستمس مكاسب الملايين من العمال، في حال استطاعت الحكومة إقرار ما جاء من توصيات في ورشة العمل التي عقدتها مع صندوق النقد الدولي. ليتبين من هذا أن الحكومة بسلوكها قد بددت كل الأوهام العالقة في الأذهان، بعد أن بات واضحاً للجميع أنه لا يمكن الركون إلى وعودها، فكل ما تقوم به هو تنفيذ برامج سياسة اقتصادية مملاة عليها من الخارج ولا تستطيع التراجع عنها.

• نصائح البنك وصندوق النقد الدوليين حول حقوق العمال؟؟

عند سؤالنا لأحد المسؤولين الكبار في مؤسسة التأمينات الاجتماعية حول دور صندوق النقد الدولي في الدراسة التي يقدمها لإعادة هيكلة مؤسسة التأمينات الاجتماعية، أجاب المسؤول أن هذا الموضوع ليس للتداول وله طابعه السري الذي لا يمكن البوح به، هذا كان منذ أشهر، والآن أصبح ما كان سرياً ظاهراً في العلن، حيث عقدت ورشة عمل حول «إصلاح نظام المعاشات وحماية دخل المتقاعدين في سورية» في مبنى مجلس الوزراء، وبحضور النائب الاقتصادي ووزيرة العمل ووزير الاقتصاد وأمين مجلس الوزراء وممثلين عن منظمة العمل الدولية، ودعي إلى هذا الاجتماع أيضاً مندوبان من المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال بصفتهما عضوين في مجلس إدارة التأمينات الاجتماعية. وتلخصت نصائح (أو بالأحرى أوامر) بعثة صندوق النقد الدولي في هذه الورشة بما يلي: تخفيض الرواتب التقاعدية للعمال، وتخفيض نسبة الاشتراكات التأمينية!!

هكذا غدت نصائح صندوق النقد الدولي الأساس الذي تعتمد عليه الحكومة في تنفيذ برنامجها العمالي، حيث عبر عن ذلك النائب الاقتصادي صراحةً بقوله: «إن توصيات البك الدولي ستعتمد من الحكومة كصانع قرار لعرضها على اللجنة الاقتصادية واتخاذ القرار المناسب»!!

فماذا يعني هذا التصريح الخطير بمضامينه الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية؟ أليس هذا تأكيداً لما قلناه في متن هذا المقال حول العوامل التي يستمد منها الفريق الاقتصادي قوته في تنفيذ سياسته المرتبطة والمرتهنة خارجياً.

إن إعادة النظر في الراتب التقاعدي للعمال وكذلك في نسب الاشتراكات يعني خسارة العمال لحقوقهم، ويهدد مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم أرضاءً لتلك النصائح المتوافقة مع مطالب أرباب العمل، وتشجيعاً للاستثمار الذي يجري إرضاؤه وتقديم كل ما يلزم له، ولو على حساب العمال ومكتسباتهم وحقوقهم، واشتراكاتهم التأمينية العادلة والمتناسبة مع ما يقدمونه من جهود وعرق طوال سنين عملهم، فالاشتراكات التأمينية الحالية البالغة 24.1 % من أجر العامل، هي من النسب الأقل التي يحصل عليها العمال في الكثير من الدول التي سبقتنا في ميادين الاستثمار الأجنبي، و التي لم تسع إلى تخفيض اشتراكات العمال التأمينية. وهذا الجدول يبين تلك النسب:

• موقف الاتحاد العام من التوصيات التي قدمت في ورشة العمل؟؟

لقد وزع الاتحاد العام على أعضاء المكتب التنفيذي ملاحظاته حول ورشة العمل، وما قدم فيها من نصائح من بعثة صندوق النقد الدولي لفرضها كما قدمت، وعلى أهمية هذه الملاحظات، فإنها لم ترق إلى متطلبات مواجهة ما يحاك ويطبخ في السر والعلن لسلب الطبقة العاملة حقوقها ومكتسباتها، حيث اقتصرت تلك الملاحظات على ما يلي:

1) إن كل ما عرض في هذه الورشة لم تتم مناقشته أبداً، ولم يعرض علينا في مجلس إدارة مؤسسة التأمينات الاجتماعية من أجل إبداء الرأي فيه وتسجيل ملاحظاتنا.

2) تأكيد النائب الاقتصادي بأن توصيات (البنك الدولي) ستعتمد من قبل الحكومة كصانع قرار لعرضها للجنة الاقتصادية واتخاذ القرار المناسب.

3) فيما يخص التوصيات، يتبين أن الخيارات التي أثارتها الحكومة ستعمل على خلق إشكاليات في القواعد العمالية، كونها ستخفض من الراتب التقاعدي، لأن المقترحات تعتمد على تخفيض نسبة الاشتراك من 24.1 % إلى 14 %، حيث توزع نسبة 4 % للعامل و10 % لرب العمل، مع تخفيض نسبة التعويض للعاملين من 2.5 عن كل سنة إلى 1.7 عن كل سنة.

4) اعتماد عمر 40 سنة وما دون لتطبيق هذه الشرائح الجديدة بغض النظر عن سنوات الاشتراك، علماً أن هناك عمالاً عمرهم 40 سنة ولديهم خدمة 22 سنة، وهناك عمال عمرهم 41 سنة ولديهم خدمة5 سنوات مثلاً، ولذلك فهناك ظلم كبير سيحيق بهذه الشريحة من العمال.

5) هناك استفسار هام: هل ستتمكن المؤسسة بعد تخفيض نسبة الاشتراك على دفع التزاماتها للإخوة المتقاعدين، ومن هو الضامن لهذه المسألة.

وفي الختام نقول: مواجهة سياسات الفريق الاقتصادي تحتاج لأكثر من الملاحظات، فهي تحتاج لحملة وطنية ولأوسع توافق بين القوى الوطنية المدافعة عن حقوق العمال ومكتسباتهم ومنها الحركة النقابية، لأن ما يطرح وما يمارس خطير يمس كياننا الوطني... فهل نقبل التحدي؟؟

■ ع.ي

آخر تعديل على الجمعة, 02 كانون1/ديسمبر 2016 16:23