رسالة من عامل في القطاع الخاص إلى جريدة قاسيون: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء..

بعث إلينا عامل في القطاع الخاص هذه الرسالة ننشرها كاملة، مع التدخل في بعض صياغاتها لضرورات فنية..

يقول العامل في بداية رسالته متسائلاً:

«ماذا تعني كلمة الاتحاد؟ ليجيب أن كلمة الاتحاد تعني اتحاد مجموعة قوى أو أفراد من أجل أهداف واحدة، ولكل عضو في هذا الاتحاد ميزات ومواصفات يجب أن يتمتع بها كافة الأعضاء، ولكن هذا لا ينطبق على الاتحاد العام لنقابات العمال من حيث التمييز بين أعضائه، بينما نرى القطاع العام يتمتع بكافة الحقوق ولو «بالتقسيط» وحقوقه محفوظة على «قلتها» لا نجد شيئاً من هذا في القطاع الخاص، بل إنه ليس إلا مجرد حامل لصفة العضوية، ولا ينطبق عليه أي من المزايا المعطاة للأعضاء المماثلين من القطاع العام، وكأنه عنصر أجنبي أو دخيل ليس له أي وجود.

فإذا كان كل هذا يجري على صعيد الاتحاد، وإذا كانت جميع حقوق عمال القطاع الخاص مهضومة بهذا الشكل في الاتحاد الممثل للعمال، فلماذا يتم تنسيب عمال هذا القطاع للاتحاد؟ وما هو الهدف من ذلك؟.

أما على صعيد مطالبنا الملحة والتي أعلناها أثناء تعديل قانون العمل الموحد /91/ لعام 59، والتي مع الأسف تمت الاستجابة للنتائج ليس لمطالبنا، ولكن الحقيقة لحاجة المستثمرين الجدد تم هذا التعديل، وتم نسف حقوق عمال القطاع الخاص بالكامل، ولم يستجب لأي من مطالبنا في هذا التعديل، وقد أعطي العامل فيه ميزات لا يمكن القول إلا أنها جاءت جيدة في المظهر فقط، ولكن في المضمون هي صعبة المنال، ولا يستطيع العامل حتى الحلم بها لعدة أسباب يعرفها الجميع.

فالعقد الذي جاء تسميته بعقد العمل المثالي هو محدد المدة يمتد من ثلاثة أشهر إلى الموسمي والسنوي، أما بالنسبة لعقود العمل التي من المفترض أننا اكتسبناه تم تسليط المادة /65/ من هذا القانون عليها وأخذ كل شيء بطريقه.

ففي هذا القانون تم إطلاق يد صاحب العمل على العامل، وتم إذلال العامل من صاحب العمل دائماً لكي يرضى عنه، ولا يحرمه فرصة العمل التي حصل عليها بشق الأنفس، والتي لا تؤمن له سوى قوت أطفاله، وإذا غضب رب العمل منه لأي سبب كان يرميه في الشارع، ويقول له: هكذا تقول روح القانون.

لكن السؤال ما الذي حدث بعد التعديل العظيم؟.

إننا نقول لهم ودون أي خوف، ما هذا الذي فعلتموه بنا؟ وهل هذا ما كنا نطالب به؟ لقد بدا واضحاً أنهم تآمروا على لقمة عيشنا حتى أصبحت تأتي بالذل والمهانة بعدما كانت تأتي مع قليل من الكرامة وحفظ ماء الوجه.

-     لقد ازدادت أعداد العاطلين عن العمل بعد صدور القانون، وقريباً جداً سيصبح /90%/ من عمال القطاع الخاص ضمن صفوف جيش العاطلين عن العمل، ويأخذون إجازات على مدى عام كامل، وليس /30/ يوماً حسب المواثيق الدولية، وسيأخذون الترفيعات الدورية على أرصفة الشوارع، حتى أصبحت أشك في التعويض الذي نأخذه من أرباب العمل والذي تم تقليصه من أربعة أشهر إلى شهرين، ولم يتم تفسير ذلك لنا، والسؤال هنا: لماذا تراجع الاتحاد عن مدة أربعة أشهر بعد الاتفاق على ذلك على ضوء التسريبات التي حصلنا عليها؟ وما هي الجدوى الاقتصادية والاجتماعية من هذا القانون؟ وما هي الأسباب الموجبة لهذا التعديل؟ وهل ترونه يحقق الحد الأدنى من هذه الأسباب بعد هذه الكوارث التي حققها وحصدها؟.

ما دور النقابات في هذا القانون، خاصة وأنه لا يوجد شيء يذكر بالنسبة إلى التنظيم النقابي؟ وكيف يتم تنسيب العمال إلى النقابة ولا يوجد أي حافز لهؤلاء العمال، ولا تستطيع النقابة تقديم أية خدمة لهم سوى صرف المساعدات؟.

وهل تستطيع النقابة حماية أعضائها قبل عمالها في ظل هذا القانون الجديد؟.

ما مصير النقابات بعد العمل وفق هذا القانون وبعد تلاشي مؤسسات القطاع العام وإغلاقها وتخسيرها واحدة تلو الأخرى؟ وهل تستطيع أن تشكل لجاناً نقابية في المنشآت في ظل العقد السنوي الذي تم تمريره؟ وهل تنال أصلاً ثقة عمال هذا القطاع حيث يعدون بالملايين؟ وهل سيدفعون الاشتراكات بعد إفلاسهم وتحجيم العمل النقابي في المفاوضات فقط والحوارات التي تنتهي دون تقديم أية نتائج ايجابية؟ وهل ما تم تعديله في هذا القانون يشكل أي رادع لأي صاحب عمل لكي يصغي إلى النقابة؟ أظن أن جميع حقوقنا أصبحت في خبر كان، ولا تجوز عليها سوى الرحمة.. فيا أولي الأمر، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.

■ عامل مصدوم من القطاع الخاص