في ضرورة تعديل قانون العمل /17/ من أجل تحقيق العدالة..3- 4

مساهمة من «قاسيون» في الحوار الجاري حول تعديل قانون العمل رقم/17/ سنقدم هذه الرؤية على أربع حلقات متتالية، بهدف إغناء الحوار والوصول لأفضل الصيغ لمصلحة الطبقة العاملة السورية، في الجزء الثالث سنتناول باب الجزاءات بعد أن درسنا في الجزأين السابقين (العقد شريعة المتعاقدين، مكاتب التشغيل، الأجور) مع التنويه أن هذه الرؤية أعدت بإشراف المحامي سالم كلاس.

سادساً ــ الجزاءات:

نلاحظ بأن الجزاءات المفروضة على العامل في حال قيامه بمخالفة ما.أشبه ما تكون أحكاماً قضائية مبرمة دون أن يتمكن العامل من الدفاع عن نفسه تجنباً للعقوبة.

كما غيب القانون دور النقابات كلياً عن التدخل لمصلحة العامل ووضع كل سلطان وقوة بيد صاحب العمل فهوالوحيد المقرر لجسامة الضرر الناتج عن فعل العامل، نعيد ونكرر لا بد من أن يتضمن القانون نصوصاً صريحة يسمح فيها للنقابات بالتدخل لمصلحة العامل والدفاع عنه في حال استدعى الأمر مساءلة العامل تأديبياً.

نرى إلغاء المادة 102 بشكل كامل التي تنص:

إذا تم توقيف العامل من قبل السلطات العامة خلال مدة سريان عقده لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، وجب على صاحب العمل إعادته إلى عمله بعد انتهاء توقيفه دون أن يكون للعامل أي حق في الأجر المقرر له، ما لم يقرر صاحب العمل خلاف ذلك. وفي حال رفض صاحب العمل إعادة العامل إلى عمله، يجب عليه دفع التعويض المنصوص عليه في المادة 65 من هذا القانون.

إذا زادت مدة توقيف العامل على ثلاثة أشهر فلصاحب العمل الحق بعدم إعادة العامل إلى عمله، وفي هذه الحالة تطبق الأحكام المتعلقة بالتسريح المبرر المنصوص عليه في المادة 64 من هذا القانون.  

سابعاً ــ منازعات العمل الفردية: 

سنتناول هذا الموضوع  بشيء من التفصيل لأهميته الكبيرة في تحديد الطرق العملية لحل النزاع في الدعاوى العمالية:

أحدث القانون17 محكمة عمالية تدعى محكمة البداية المدنية تختص بالمنازعات الفردية الناشئة عن علاقات العمل في كل محافظة من محافظات القطر وهذه المحكمة تتكون بهيئتها: من قاضي بداية وممثل عن التنظيم النقابي وممثل عن أصحاب العمل وفي حال غياب أحد الأعضاء يوجد عضوملازم يقوم مقام الأصيل في حال غيابه.سنداً للمادة 205 

إن تشكيل المحكمة وفق المادة 205 مخالف لنص المادة (40) من قانون السلطة القضائية التي تنص على أن محكمة البداية تؤلف من قاض منفرد يدعى القاضي البدائي لذا فإن المحكمة العمالية المشكلة وفق المادة 205 ينطبق عليها وصف لجنة قضائية (كلجان قضايا التسريح الملغاة، وإزالة الشيوع، وتحديد أجور العمل الزراعي ) لذا يجب إعادة تكييف هذا النص مع أحكام السلطة القضائية.

أحدث القانون 17 محكمة بداية مدنية في مركز كل محافظة وهي المحكمة الوحيدة الناظرة في النزاعات العمالية.

إن محكمة الصلح بموجب المادة 63 الفقرة ب من قانون أصول المحاكمات هي المحكمة المختصة بالنظر بالقضايا العمالية ولذا فإن محاكم صلح العمل موزعة على نطاق أوسع في المحافظة تؤكد على المتقاضين الالتزام بالاختصاص المكاني، وبعد صدور القانون 17 لعام 2010 أضحى الاختصاص المكاني لمحاكم البداية العمالية المحدثة في المحافظة طبقاً للقانون17 لعام 2010.

وكان باستطاعة المتقاضين من العمال وأرباب العمل إقامة دعواهم أمام محكمة الصلح حيث وجدت وفق اختصاصها المكاني مما وفر على المتقاضين الوقت والجهد والمال، ورغم هذا  العدد الكبير من المحاكم الموجودة في جميع مناطق القطر كانت إجراءات التقاضي تستغرق زمناً طويلا ً مع أن القانون نصً على سرعة البت بالدعاوى العمالية فكيف والحالة هذه مع تطبيق المادة 205 من القانون 17 الذي نص ً على وجود محكمة واحدة في مركز كل محافظة وأصبح لزاما ً على المتقاضين من جميع أرجاء المحافظة اللجوء إلى هذه المحكمة في مركزها وهذا يؤدي إلى إرهاق المتقاضين بالوقت والجهد والمال، وإلى كثرة الدعاوى وإطالة أمد التقاضي ويجعل النص ً القاضي بسرعة البت في هذه الدعاوي غير قابل للتطبيق.

3. إن المادة 205 من القانون 17 أحدثت قضاءً عمالياً يختص بالمنازعات الفردية الناشئة عنه وهي محكمة بداية جماعية هذا القضاء الجماعي البدائي لا مكان له بقوة السلطة القضائية ولا بأصول المحاكمات، وفي جماعية القضاء البدائي المنفرد الأمر الذي يسبب إشكالاً يستوجب تدخلاً من المشرع لحله لجهة الأحداث والطبيعة والاختصاص وطبيعة  هيئة المحكمة والشروط الواجب توافرها فيمن لا يعدون من القضاة  إضافة إلى تخصصها بديوان وإلى بيان أصول المحاكمات لديها ولاسيما

 كيفية إصدار الأحكام وتحديد تعويضاتها وهنا توجد بعض الأسئلة:

لماذا لم يشترط المشرع فيمن يمثل التنظيم النقابي وأصحاب العمل في هذه المحكمة أن يكون من حملة الإجازة في الحقوق؟

لماذا لم يحدد المشرع سناً معينة لعضوي المحكمة المشار إليهما أسوة بالسن والخدمة المفترضة بقاضي البداية؟

لماذا اتجه المشرع لإشراك أشخاص من غير القضاة في العمل القضائي بالرغم من عدم امتلاكهم لأي تجربة قضائية وقانونية ودون اشتراط أي مؤهل علمي لهم وإنما اكتفى بأن تسميهم الجهات التابعين إليها. 

لماذا لايوجد ممثل لمؤسسة التأمينات الاجتماعية في تشكيل المحكمة، مادام مبدأ التمثيل قد اعتمد في القضاء العمالي، إضافة للمادة 4 من القانون 17 التي نصت على سريان أحكامه على كل علاقات العمل الناشئة عنه حيث أن مؤسسة التأمينات تعتبر طرفاً في أكثر من خمسين بالمائة من الدعاوى العمالية. 

ورد في البند 3 من الفقرة أ من المادة 205 (( ممثل عن أصحاب العمل يسميه اتحاد غرف الصناعة أوالتجارة أوالسياحة أوالتعاوني –حسب مقتضى الحال – للنظر في المنازعات العمالية بين العمال وأصحاب العمل

إن ما جاء بالعبارة الأخيرة من النص الآنف الذكر ونقصد:»للنظر في المنازعات العمالية بين العمال وأصحاب العمل « يثير تساؤلات عما إذا كان دور ممثل أصحاب العمل كعضوفي المحكمة يقتصر على القضايا التي يكون طرفا النزاع فيها العامل وصاحب العمل دون غيره. ذلك ما يحتمله التخصيص الوارد في النص إياه والذي لم يرد له مثيل في تمثيل التنظيم النقابي. فإذا كان كذلك هوالمقصود فهذا يعني:: أنه لا يصح أن يكون طرفا النزاع فيها العامل ومؤسسة التأمينات الاجتماعية وذلك ما لا نعتقد أن المشرع يقصده، إذ لوكان الأمر كذلك لاختل تشكيل المحكمة إذ من المتوجب أن يكون عدد أعضائها وتراً، وغياب ممثل أصحاب العمل يخل بتشكيلها على هذا الأساس. لذا يجب إعادة النظر بصياغة هذا البند بما يتفق وإرادة المشرع.