بصراحة: لقمة الشعب خط أحمر

السياسات الليبرالية التي جرى تبنيها اقتصادياً واجتماعياً كان لها دور مهم في التحضير للأزمة الوطنية العميقة بكل تفاصيلها المأساوية التي يعيشها الشعب السوري، منها الأزمات المعيشية المتتالية حيث يكتوي بنارها الفقراء، والفقراء حصراً، الذين هجروا وشردوا مراراً وتكراراً بفعل الأوضاع الأمنية التي تفرض نفسها بقوه على الحياة اليومية للمواطنين القاطنين في أماكن الأشتباكات مما زاد من حجم المعاناة وخاصةً في تأمين إحتياجاتهم اليومية من غذاء وخلافه الذين يجدون صعوبة بالغة في تأمينها أو الحصول عليها من خلال لجان الإغاثة الأهلية أو الحكومية العاملة في تقديم المساعدات لهؤلاء الذين حكم عليهم القدر، والمتقاتلون بأن يصبحوا مهجرين في أوطانهم لا معين لهم سوى صبرهم لحين الخلاص من الأزمة التي ابتلي بها الشعب السوري حيث لا خلاص منها إلاِ بإرادة المتضرر الأول والأخير الرافض للأقتتال الذي في النهاية هو تدمير للبشر والحجر، ولن يكون هناك رابح سوى القوى التي لها مصلحة في استمرار نزيف الدم  السوري وهي قوى الفساد عند الطرفين.

 

إن قوى الفساد الكبير منه، والصغيرً قد زادت من نشاطها إلى حدود خطيرة جداً بسبب تحكمها في المفاصل الأساسية للأسواق التي حررتها السياسات الاقتصادية ورفعت يد الدولة عن التحكم بالأسعار، وبالأسواق، وكما صرح العديد من المسؤولين بأن الدولة لا تتحكم سوى بعشرين بالمائة من الأسعار والأسواق مما عكس نفسه مباشرةً على قدرة المواطنين في الحصول على الحاجيات الأساسية لندرتها ولإرتفاع أسعارها الجنوني مترافقاً هذا الوضع مع التهجير والتشرد الذي فاقم الوضع أكثر وأكثر مما يجعل التصدي لهذا الوضع غير الإنساني قضية وطنية لا تقل أهمية عن التصدي لأي عدوان خارجي مباشر قد تتعرض له البلاد، لأن ما تقوم به قوى الفساد من أعمال بحق الفقراء لا يقل خطورة عن ما تقوم به الكثير من المجموعات المسلحة والميليشيات المسلحة من نهب وسلب بمختلف الأشكال والألوان لأرزاق المواطنين التي هي شقاء عمرهم لتذهب بغمضة عين لمصلحة الفاسدين والناهبين دون حسيب أو رقيب.ولكن السؤال الذي يطرح في هذه الأيام هو ألا يمكن مواجهة قوى الفساد والنهب ؟

لقد لعب غياب الحريات السياسية وغياب الأحزاب الوطنية عن ساحة العمل السياسي لسنوات طويلة دوراً هاماً في عدم قدرتها الفعلية عن تنظيم الجماهير وتحفيزها للدفاع عن حقوقها السياسية والاقتصادية مما خلق حالة فراغ عملت قوى النهب والفساد على الأستفادة القصوى منها جعلها تنفذ برنامجها الكارثي بحق الاقتصاد الوطني وبحق الفقراء دون مقاومة ذات أهمية تقطع عليها الطريق في تنفيذ وتحقيق برنامجها، ولكن هذه الحال لن تستمر طويلاً طالما الشعب السوري في حالة نشاط سياسي غير مسبوق وهذا يؤسس بأن تأخذ الجماهير المبادرة في الدفاع عن لقمة عيشها وحقوقها السياسية في أن تنظم نفسها وتقول كلمتها في كل ما يتعلق بشؤونها السياسية والحقوقية بما فيها لقمة عيشها التي هي خط أحمر لا يجوز السماح بتخطيه وعدم الجواز هذه تعني أن تنظم الجماهير نفسها ليس بالضرورة في أحزاب قد تعيق حركتها ومبادرتها التي من المفترض أن تتمتع بالاستقلالية عن تعقيدات العمل الحزبي المباشر وهذا لا يعني أن هناك تناقضاً بين عمل الأطر الجماهيرية وعمل الأحزاب السياسية التي برامجها ونضالاتها تصب في قضية الدفاع عن حقوق الفقراء والمهمشين.

إن القوى الوطنية والقوى الشريفة مدعوة في هذه اللحظة التاريخية إلى تحمل المسؤولية لمساعدة الجماهير على تنظيم نفسها وقواها من أجل الدفاع عن لقمة عيشها المهددة الأن من  قوى الفساد العاملة على نهش حتى الحم الحي.