من الأرشيف العمالي: النهج الاقتصاديّ السائد

باتت مسألة ارتفاع أسعار جميع المواد وبشكل خاص السلع الغذائية والاستهلاكية أمراً «مفروغاً» منه، لا جدال فيه، فمنذ سنوات بدأت الأسعار ترتفع بشكل غير عاديّ، حتى وصلت إلى شكلها الجنونيّ، وأصبح الفرق شاسعاً بين الأجور والأسعار، وهو يزداد كل يوم، وفي كل مرة يطالعنا المسؤولون من خلال وسائل الإعلام المختلفة بحلول «حازمة» منها مسألة تثبيت الأسعار والرقابة التموينية الشديدة وغير ذلك، ولكن ما أن تمضيّ أيام حتى تبدأ الأسعار بالارتفاع من جديد، ونتيجة ذلك تزداد أوضاع الطبقة العاملة والكادحين سوءاً.
 

إن طبقتنا العاملة السورية وجماهير الكادحين وأصحاب الدخل المحدود هم المتضررون من هذا الغلاء الفاحش، ويزدادون بؤساً وشقاء في كل يوم حتى وصل الأمر بهم حد الإملاق، وهم منتجو الخيرات المادية في وطننا، ويقدمون عرقهم ودمهم وكل غال ونفيس في سبيل وطنهم، وبالمقابل لا يأخذون شيئاً، إن في هذا إجحافاً وجحوداً ونكران جميل لما تقدمه الطبقة العاملة وسائر الكادحين لوطنهم.
قبل أكثر من ألف عام أنشد أحد الشعراء الفرسان شعراً يبين فيه التمييز بين الغنيّ والفقير عند توزيع الغنائم:
تعطى السويّة في طعن له نفذ
ولا سويّة إذ تعطى الدنانير

إن الشطر الأول يبين أن عامة الناس و «نخبتهم» كانوا يتساوون في المعارك، والشطر الثاني يبين سوء توزيع الغنائم، واليوم فالوضع أسوأ بكثير فالذي يدافع عن الوطن هم الكادحون عموماً وأبناؤهم، أما البرجوازيون الكبار وأبناؤهم مصاصو دماء الشعب والوطن، فهمهم جمع الثروات الطائلة على حساب فقر العمال والكادحين وشقائهم وبؤسهم، هذا هو وطنهم «المال» لا غير وطنهم في حقيبتهم، وهو يساوي عندهم حفنة من الدولارات لا أكثر.
إن موجات الغلاء المتلاحقة سريعاً لن تتوقف، والعائلات الفقيرة التي يهددها الجوع الحقيقي ستزداد، وسبب ذلك هو النهج الاقتصاديّ السائد في البلاد، والذي هو اقتصاد رأسمالي ذو طابع طفيليّ.

قاسيون العدد «103- 104» نيسان وأيار 1988. 

آخر تعديل على السبت, 24 كانون2/يناير 2015 19:34