عمال الحمل والعتالة والوعود المستمرَّة بالإنصاف
يعتبر عمال الحمل والعتالة من الشرائح العماليّة المحرومة من أيَّة مظلة تأمينية أو قانونية تحميهم، باستثناء من تم انتسابه لمكاتب نقابة عمال الحمل والعتالة التي تبدو من أفقر المكاتب النقابيّة في المحافظات كافّة.
وما يزال قرار شملهم بالقوانين المعمولة بها في الدولة بما فيه التأمينات يعاني من مطبّات، رغم قضاء البعض منهم جلَّ سنوات عمرهم في هذا العمل، مع غياب نيلهم الاستحقاقات والأجر الإضافيّ، لكن السؤال لماذا هذا الإجحاف بحقوقهم رغم معرفة الجميع أن ما يقومون به من أعمال حمل وعتالة يستحق أكثر من ذلك بكثير مع انخفاض أعداد العاملين فيها سواءً بقرارات إداريّة أو تهربهم من العمل بسبب الرواتب المتدنيّة؟!.
أعمال شاقة
يؤكد العاملون في الحمل والعتالة أنهم يعانون بشكل مستمر من طبيعة عملهم الشاقة، والتي يشوبها الكثير من الخطر أحياناً، خاصة في موضوع تنقلهم الذي بات صعباً مع الأزمة، وتجاوز نسبة سنين الخدمة لقسم كبير منهم لعشرين سنة، دون الحصول على أيَّة تعويضات أو تقاعد في حال التفكير بترك العمل، بالإضافة إلى عدم الاستفادة حتى من المنح التي تشمل كل القطاعات والعاملين، وتستغرب الأكثريّة منهم من عدم وجود إجازات سنويّة أو مرضيّة لهم، وأن غياب أحد منهم لأي سبب طارئ يخصم من راتبه خاصة العاملين خارج إطار المظلة النقابيّة، الذين لا يشملهم أيُّ ضمان صحيّ أو تأمين أما الحوافز فتذهب لمصلحة الموظفين المثبتين، ولا يحصلون على شيء سوى رواتبهم، فكيف يتقاضون رواتبهم من الدولة، ولا تشملهم الزيادات والمنح الدوريّة؟.
الفرص الضائعة
عدم تواجد هؤلاء العمال ساعات الضرورة تربك الإدارات، وهذا ما يفسر الدور الكبير الذي يلعبونه في تنفيذ أعمال بغاية السرعة، ومع ذلك هم محرومون من أدنى حقوقهم، فهل فكرت النقابات مثلاً بضرورة وجوب تعويض العامل بعد سن الستين لعدم استطاعته وقدرته العمل في المهنة التي عمل بها لسنوات بسبب العمر؟ من أسوأ ما يشعر به العامل في أيّة دائرة حين يتوصل لفكرة أنه عبد وليس إنسان!!.
إن من واجب الحكومة حماية كل إنسان غير محميّ، بما في ذلك تثبيتهم وتعويضهم عن الفرص الضائعة، والحفاظ على حقوقهم ومشاركتهم بصناديق المساعدة للنقابات في جميع المحافظات التي تقدم إعانات اجتماعية وتعويض نهاية الخدمة عند التقاعد، وتحسين وضعهم المعيشي من خلال تثبيتهم الذي هو مطلب العامل والنقابة لضمان مستقبل العامل وأسرته وأطفاله، والذي يقدّر عددهم بحواليّ 100 ألف عامل حمل وعتالة معاناتهم واحدة.
حل المشكلة
أكد نبيل العاقل رئيس الاتحاد المهني لعمال الخدمات العامة في تصريح لـ«قاسيون» على مطالبتهم الدائمة والمستمرّة بضرورة حل مشكلة التأمين على عمال الحمل والعتالة من خلال إيجاد آلية عمل تضمن حقوقهم التأمينية خاصة إصابات العمل، بالإضافة إلى ضرورة العمل لرفع سقف الحوافز الإنتاجية لعمال الحمل والعتالة، وصرف مستحقات العاملين من البدل النقديّ عوضا عن الإجازات لما يتحملونه من الأعمال الشاقة والمجهدة.
وأوضح العاقل أنه طالب بزيادة أجور المناولة للطن الواحد، لأنها من حق العاملين وليست لمصلحة أيّة مؤسسة لديها عمال الحمل والعتالة عدم مكافأتهم، مشدداً على ضرورة منح مديري الفروع صلاحيات إدارية واسعة وإلى ضرورة منح العاملين سلفاً مالية بضمانة رواتبهم كما بقيّة العمال.
أخيراً إن معاناة عمال الحمل والعتالة ليست جديدة، فمنذ أكثر من عشرين عاماً والمطالبات مستمرة لإنصافهم وهم يعملون في ظروف قاسية، ولم يخل مؤتمر نقابيّ وعماليّ من المداخلات التي تطالب بالنظر في أوضاع هذه الفئة المحرومة من أبسط حقوقها الإدارية والإنسانية، علماً أن هذه المؤتمرات كان يحضرها مسؤولون على أعلى المستويات ولكن دون جدوى. فهل آن الأوان لإنصافهم فعلا وقولاً لا مجرّد وعود، وتنهي معاناة فئة من العمال كل همّها الحصول على لقمة عيشها بكرامتهم التي هي من كرامة الوطن؟!.