من الأرشيف العمالي: الواقع والمعاناة

من الأرشيف العمالي: الواقع والمعاناة

يعاني القطاع الصناعيّ للغزل والنسيج من بعض المصاعب والمشاكل الخطيرة، والتي تتجسد في نقص المواد الأولية وقطع التبديل ومشاكل في التخطيط والهدر بجميع أشكاله وضرورة استبدال الآلات القديمة التي باتت تشكل عبئاً على الشركات والتي تتسب في تدني نوعية النسيج المنتج وكذلك المشاكل المتعلقة بعدم التوافق الانتاجي بين الخطوط وغيرها وغيرها.


كل هذه المشاكل تؤثر على العملية الإنتاجية وتزيد من التكلفة وتخلق المصاعب المالية، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بتوقف بعض الآلات الصالحة والجاهزة للعمل بسبب نقص العمال المزمن (نتيجة قرارات منع التعيين المطبقة). هذه الآلات التي يمكن أن تدر على الشركات في حال تشغيلها ريعية ذات قيمة نحن بحاجة إليها، ويمكن أن تساعد على امتصاص جزء من الطلقة المتزايدة في مجتمعنا، والتي يقع عبئها الأساسي على الشباب والحزبين، وإضافة إلى ذلك فإن هذه المصاعب تؤثر بشكل على الوضع المعاشيّ للعمال، عند تدنيّ الإنتاج فحتماً ستنعدم المكافآت والحوافز ولا يبقى مجال للعمل الإضافيّ.
ورغم نضال الطبقة العاملة، وما أكدته في مؤتمراتها النقابيّة عبر تنظيمها النقابيّ، وما جاء في مؤتمر الإبداع بخصوص تشغيل المعامل بطاقتها القصوى وحل جميع المصاعب التي تعترضها، فقد شركات الغزل والنسيج على الاستثناءات لقبول العمال الجديد لتشغيل الآلات المتوقفة، إلا أن الإدارات وضعت شروطاً صعبة لقبول المتسابقين، كحصول المتسابق على الشهادة الإعدادية أو الثانوية أو الصناعية أو المعاهد المتوسطة الصناعية أو التدريبية وإنهاء خدمة العلم ورغم هذه الراغبين في العمل والقادمين من كل حدب وصوب من مناطق بلادنا طالبين التعيين.
إن الذين قبلوا للعمل حاملين معهم آمالاً كبيرة سيحملونها عن طريق فرصة العمل هذه، لكنهم اصطدموا بمصاعب كبيرة منها ما يتعلق بمشاكل كل الأجور المتدنية التي لا تتناسب مع ارتفاع أعباء الحياة المعاشية وغلاء أجور السكن الفظيع بالإضافة إلى المشاكل الخاصة كالزواج وتأسيس الأسرة وغيرها.
إن كل هذه المصاعب التي توضع في وجه هذا الشاب العامل المتعلم والمندفع بحيوية وطاقة، والذي يمكن أن يتطور بسرعة ويعطي الوطن جهده وعرقه الشريف، هذه المصاعب دليل على أن الإدارات وكأنها تقول لهم: «إننا مستغنون عن خدماتكم.. تفضلوا». ولكن هل يتوقف الأمر على الشكل غير المباشر هذا؟. كلا فالويل للعامل إذا طالب رئيسه أو إدارته بطلب عادل. غداً لا تأتي للعمل أنت مسرَّح. هذه العبارة استخدمت بحق الكثيرين من العمال والعاملات وهم بأمس الحاجة للعمل!

قاسيون العدد 108 تشرين الأول 1988