وزارة الكهرباء تحرم عمالها استحقاق «المنحة المرضيّة»!

وزارة الكهرباء تحرم عمالها استحقاق «المنحة المرضيّة»!

بقرارٍ مفاجئ، كان له وقع الصاعقة على عمّال الكهرباء في مختلف المحافظات، أقدمت وزارة الكهرباء على (تعييد) عمالها بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، بحرمانهم من تعويض (المنحة المرضيّة) والتي ينتظرها العمال بفارغ الصبر في نهاية كل عام.

إن أهميّة «المكتسب» يأتيّ كونه من أهم الاستحقاقات المالية التي يقبضها العامل. إذ تعادل قيمتها أجرة عشرة أيام من أصل الراتب المقطوع لكل عامل يمتنع عن أخذ استراحة مرضيّة. وطبعاً يبدع مسؤولونا في إيجاد المبررات لأيّة خطوة يخطونها؛ وحجة الوزارة هذه المرة، وفي كل مرة تقوم فيها بقضم الامتيازات التي كان يتمتع بها عمال الكهرباء هي: «الأزمة والمؤامرة والتخريب من الإرهابيين وزيادة الفاقد التجاريّ بسبب قلة التحصيل الماليّ.. وما إلى ذلك».

لاشك أن الأزمة أثّرت سلباً على مرافق الدولة كافة. ولعل قطاع الكهرباء من أهمها. والجميع يعلم ويشهد كم لاقى عمال الكهرباء من متاعب ومِحَن في معرض قيامهم بواجبهم الوظيفيّ، ويكفيّ أن نذكر بأن عدد الشهداء والمصابين والمخطوفين منهم بلغ حتى تاريخه أكثر من (427) عاملاً كما ذكر وزير الكهرباء في أحد تصريحاته إذ قال: «تمت مهاجمة العاملين في قطاع الكهرباء ضمن مقرات عملهم الإدارية، وفي محطات التحويل والتوليد، وفي الطرقات المؤديّة إلى مواقع العمل، وترهيبهم بمختلف الأساليب غير الإنسانيّة، واختطاف بعضهم وقتل البعض الآخر، وقد بلغ عدد الشهداء من قطاع الكهرباء 225 شهيداً و152 مصاباً و50 مخطوفاً منذ بدء الأزمة، وحتى بداية تشرين عام 2014». 

فهل بقرار الوزارة هذا نكافئ العمال على جهودهم وتضحياتهم، والتي يقرّ بها العدو قبل الصديق؟ لقد حُرِمَ عمال الكهرباء خلال الأزمة من مزايا كثيرة كانوا يتمتعون بها؛ فقد تم تقليص عدد المكلفين بالعمل الإضافيّ، واقتصر التكليف على عدد محدود من عمال الصيانة والطوارئ وبعض من البطانة المحسوبين على المسؤولين في شركات الكهرباء كافة. وتم تقليص أذونات السفر والمكافآت والحوافز الإنتاجيّة، وإلغاء الجولات الشهريّة، وإيقاف صرف بدل الإجازات الإداريّة السنويّة والعطلات.. لتتوّج أخيراً بحرمانهم من المنحة المرضيّة.

نعتقد أنه كان بمقدور الوزارة المواظبة على منح عمّالها أغلب استحقاقاتهم الماليّة فيما لو قامت بتخفيض الهدر في نفقاتها، كالحدّ من المخصصات المتعلقة بوقود وإصلاح مئات السيارات التي تستخدم للأغراض الشخصيّة لا للخدمة. ومكافحة الفساد المستشريّ بلجان المشتريات والعقود والمناقصات. وملاحقة كبار سارقيّ الكهرباء من أصحاب المنشآت الخاصة.. وغير ذلك الكثير من الموارد. إلا أنها للأسف انتهجت ذات النهج الذي تتبعه الحكومة، وهو اللجوء إلى أيسر الخطوات وأسهلها، والتي من شأنها مزيد من إفقار الفقراء والابتعاد عن (إزعاج) قوى النهب والفساد. 

إن المطلوب هو استئناف منح التعويضات المشار إليها وتثبيتها وإعادة الحقوق إلى أصحابها.