بصراحة: كي تكون النقابات أقوى

بصراحة: كي تكون النقابات أقوى

لا أحد لديه أدنى شك بأهمية دور الحركة النقابية في كل المراحل التاريخية التي مرت على بلادنا بدءاً من مرحلة مقاومة الاستعمار الفرنسي مروراً بعهد الاستقلال ومقاومة المشاريع الامبريالية التي طرحت في ذلك الوقت،

وكان المراد منها إبقاء سورية مرتهن قرارها الوطني الاقتصادي والسياسي للمصالح الغربية، ولكن مقاومة شعبنا وقواه الوطنية بما فيها الحركة النقابية والعمالية لتلك المشاريع قد فوَّت الفرصة على أصحابها، وأصبحت الحركة النقابية من الناحية السياسية والاجتماعية بعد التجارب التي أكتسبتها في مسار كفاحها الوطني والطبقي دفاعاً عن مصلحة الطبقة العاملة، وحقوقها النقابية والسياسية والديمقراطية أكثر جذريةً وأكثر خبرةً في طرح قضاياها، وهذا يعود إلى التلاحم الكفاحيّ بين الحركة العمالية والنقابية، وهذا الوزن ظهر جلياً في انتزاع العمال لقانون عمل فيه الكثير مما طالبوا به؛ وفي مقدمة ذلك ثماني ساعات عمل زيادة الأجور الدورية، الإجازات بأنواعها، والأهم هو انتزاع حق الإضراب للطبقة العاملة الذي ثبت قانونياً، وأقره أرباب العمل من خلال ممثليهم في المجلس النيابيّ.

الآن ونحن في أزمة شاملة وعميقة أحوج ما نكون لاستعادة تلك التجارب الكفاحية الوطنية والطبقية اللتين اندمجتا معا، وهذا ما كان ليحدث لو أستفرد اتجاه سياسي محدد في قيادة العمل النقابي والعماليّ، بل كانت الحركة النقابية هي تعبير حقيقي عن وحدة شعبنا بقواه الوطنية والتقدمية كافة؛ وكان المقياس لدور قوة ما هو صناديق الانتخابات الديمقراطية البعيدة عن التدخلات المباشرة في ترتيبها أو أثناء سيرها مما أنتج قيادة نقابية عمالية، استطاعت أن تواجه المهمات المطلوبة منها بكل شجاعة واقتدار.

الأزمة تفرض علينا إعادة قراءة تجربتنا النقابية خلال الدورة الخامسة والعشرين بكل ما لها وما عليها، وتحديداً التجربة المريرة مع السياسات الليبرالية الاقتصادية التي جرى تبنيها مع تبنيّ اقتصاد السوق الاجتماعي، مما فتح الأبواب على مصراعيها باتجاه تعميق الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذه الأزمات ما كانت لتحدث وتتعمق بهذا الشكل لو جرى مقاومتها، ومواجهتها، خاصةً مع توفر الإمكانات والقوى القادرة على المواجهة وفي طليعتها الطبقة العاملة.

الانتخابات النقابية على الأبواب.. فلنحولها إلى انتخابات عمالية نُثبت فيها برنامجياً مهمة الدفاع عن الوطن ووحدته وسيادته، والدفاع عن اقتصادنا الوطني الذي هو دفاع عن مصالح وحقوق الطبقة العاملة في الآن معاً.