بدايات الحركة النقابية في أوروبا
مصطفى محمد غريب مصطفى محمد غريب

بدايات الحركة النقابية في أوروبا

صاحب نهوض الرأسمالية في بريطانيا وفي بلدان أوروبا ازدياد هائل في عدد العمال، وعليه بدأ العمال يشعرون بوجوب النضال ضد الرأسمالية إذا هم أرادوا الاستمرار في الحياة. ولهذا فإن مرحلة تأسيس النقابات في بريطانيا انعكست على تكوين النقابات وتأسيسها في الدول الرأسمالية الأوروبية وبعض المستعمرات.

إن قوانين نشوء الرأسمالية وانتصارها حتمت بالضرورة إيجاد القوى الملائمة لظهورها، تلك القوى التي قامت الرأسمالية نفسها بتحريرها من العلاقات القديمة، ولكن في الوقت نفسه استعبدتها، فالرأسمالية حررت الفلاحين من العلاقات الإقطاعية الجائرة والعمال المأجورين من الجمعيات الحرفية، وجعلتهم وفق إرادتهم يختارون أعمالهم بأنفسهم، إلا أنها في الوقت ذاته، استخدمتهم بشكل فظ واستعبادي، منحتهم الأجور لتجديد طاقاتهم ولتعود فتسرق منهم قوة عملهم «إن الطبقة العاملة لم تعان في أي وقت مثل ما عانته بظل ظروف يوم العمل الطويل والسكن المزري، وانخفاض أجر النساء العاملات، وتشغيل الأطفال المخجل، وإرهاب أرباب العمل للعمال في جميع أماكن العمل».

وعليه راح العمال ولأجل الدفاع عن أنفسهم يؤسسون جمعياتهم أو «اتحادات المساعدة المتبادلة» وطوروا هجومهم، ومارسوا النضال بأشكال متعددة، فمن تحطيم الآلة إلى الإضرابات أو التمردات، والانتفاضات، وأخذ العمال يفكرون ويبحثون عن طريق يؤدي لتصفية النظام الرأسمالي، وإقامة مجتمع عادل بدلاً عنه، مجتمع بدون استغلال، يحفظ حقوقهم ويصون كرامتهم.

إن الطبقة العاملة الفرنسية تطورت واتسعت كماً ونوعاً « وعلى سبيل المثال بلغ عدد عمال الصناعات النسيجية فقط حينذاك 300 ألف عامل»  وبنتيجة تردي أوضاع الطبقة العاملة قام العمال في عام 1864م بالتوقيع على «رسالة الستين عامل» التي تم نشرها، يطالب الموقعون عليها « القيام بأعمال سياسية مستقلة بالطبقة العاملة وبحق التنظيم النقابي» إلا أن نابليون الثالث قام باستخدام قانون صادر في عام 1761م ينص أيضاً على محاربة الاتحادات، وعلى ما يبدو أن الرأسماليين الكبار في أوروبا كانوا يستفيدون من خبرة بعضهم البعض في سن مثل هكذا قوانين متشابهة تستخدم في الأوقات الخطرة على مصالحهم.. فلم تقف النقابات مكتوفة الأيدي أمام الإجراءات التي حاول نابليون الثالث تطبيقها واستمرت بالتصدي لها ولقد ازدادت قوة يوماً بعد آخر بوقوفها ضد الأعمال الإرهابية والقمعية التي مورست ضدها، إن «الكومونة» كانت بحق أول دولة حملت روح الطبقة العاملة ولكنها انتهت بعد شهرين ونصف فقط، وكان لفشلها أسباب عديدة، ولتستمر النقابات بنضالاتها!!.

«بتصرف»