بصراحة: العمال في نقطة تقاطع النيران؟!

بصراحة: العمال في نقطة تقاطع النيران؟!

الأزمة الوطنية التي نعيش فصولها لحظة بلحظة خوفاً ورعباً مما هو جار على الأرض بسبب احتدام المعارك في الشوارع والأزقة والحارات والزوايا في الكثير من المناطق والأماكن التي يعيش فيها الفقراء ومنهم العمال الذين أصبحوا في حالة ترحال دائم من منزل إلى آخر إن توفر لهم ذلك والبديل عن المنزل إما الحدائق أو المدارس أو الأبنية غير المكسية التي تنعدم فيها أية شروط إنسانية للحياة وبالرغم من هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه العمال وعموم الفقراء الواقعين بين عدة نيران تجعل حياتهم أكثر صعوبة وأشد مرارة وأكثر مأساوية بينما في المقلب الآخر يعيش الأغنياء في أمان و طمأنينة ، 

القلة بقيت منهم لم تهاجر والأغلبية هاجرت مع أموالها إلى الخارج لأن وطنهم حيث توجد أموالهم بأمان وسلام بينما العمال صامدون في وطنهم، والوطن خيارهم الوحيد الذي لا بديل لهم عنه حبهم له متجذر لا يمكن اقتلاعه من وجدانهم سيدافعون عنه وسيحمونه من كل العواصف التي تهب عليه الآن كما ساهموا في تأمين استقلاله عن المحتل الفرنسي، وكما لعبوا الدور المهم في كسر الحصار الجائر في الثمانينيات عندما انقطع توريد القطع التبديلية للمعامل والمنشآت والإنتاجية خلقوا البدائل التي كفلت استمرار الإنتاج وعدم توقف الخطوط الانتاجية عن العمل لقد فعل العمال الكثير ومع هذا دائماً متهمون بالتقصير والجهل بثقافة العمل وأهمية أن يعملوا على أساسها، ولاندري بهذا الإطار كم من المسؤولين الكبار المنادين بأن يكون لدى العمال ثقافة عمل لديهم هذه الثقافة التي لا أحد يعلم منهم ما هي قواعدها وأسسها وكيف سيجري العمل بها ، وما هي الجهود التي بذلت مع العمال كي يقتنعوا بها ويعملوا وفقها؟ لقد ساهمت العديد من القيادات النقابية بهذا الاتهام للعمال مع علمهم الأكيد بأن واقع القطاع العام وما حل به ليس سببه العمال، و«جهلهم» بثقافة العمل المزعومة، بل القضية شيء آخر أعمق بكثير مما يطرحه البعض حول ما جرى في القطاع العام في إقصاء دوره الذي كان يضطلع به في قيادة الاقتصاد الوطني ونقل هذا الدور إلى القطاع الخاص، حيث اعتبروه قاطرة النمو باعتبار هذا التحول يخدم إلى حد بعيد التحولات التي قادتها السياسات الليبرالية بمجملهما وأدت إلى تحضير الحطب الاجتماعي اللازم لإشعال الأزمة الوطنية التي نحن بصددها الآن ويحصد الشعب السوري نتائجها التدميرية، وتهدد بتفتيت الوطن كما يريده أصحاب المشروع التفتيتي للمنطقة إذا لم تبادر القوى الوطنية أينما كان موقعها باتجاه ايجاد المخارج الحقيقية الكفيلة بالحفاظ على الوطن موحداً أرضاً وشعباً، وصنع سورية الجديدة الديمقراطية التي يسود فيها العدالة الاجتماعية والمساواة والتوزيع العادل للثروة.

إن واقع فقراء الشعب السوري، ومنهم الطبقة العاملة بأسوأ أحوالها إنسانياً ومعيشياً هذا بالإضافة لما يتعرض له العمال من ضغوط  بسبب الظروف السائدة، والقرارات غير الواقعية التي تصدرها الحكومة وأرباب العمل منها:

قرار صادر عن رئاسة الوزراء في شهر آب يقضي بإلزام العمال الحضور إلى العمل مهما كانت الظروف المانعة، وغيابهم يعتبر غير مشروع وغير مبرر وهذا القرار يعتبر غير منطقي ولا يؤدي الغرض من إصداره بل يضر بالعمال ويجعل مصيرهم على كف عفريت لأسباب ليسوا مسؤولين عنها بل خارجة عن إرادتهم وخاصةً في المناطق والمحافظات التي يسود فيها أوضاع أمنية ليست مستقرة ومتوترة يتعرض فيها العمال لمخاطر حقيقية أثناء تنقلاتهم.

عدم دفع أجور العمال في بعض المناطق لأشهر عدة.

إقفال المعامل والمنشآت الصناعية والخدمية الخاصة، وتسريح عمالها البالغ عددهم عشرات الألوف، حيث انضموا إلى جيش العاطلين عن العمل.

قيام القطاع الخاص بتخفيض أجور العمال بأساليب مختلفة منها إعطاء العمال نصف الأجر أو ربعه أو إعطاء العمال إجازة مفتوحة على حساب العمال.

اعتقال بعض العمال من أماكن عملهم لمواقفهم السياسية أو لتقرير كيدي يؤدي إلى بقائهم رهن التوقيف لأشهر دون مبرر لذلك.

إن الحركة النقابية تتحمل المسؤولية بشكل عام تجاه ما يحدث للطبقة العاملة السورية كونها الممثل القانوني لحقوقها، والمفترض أنها المدافع عن حقوقها، وفي المقدمة مستوى معيشتها.