وجهة نظر النقابيين الشيوعيين في الأزمة: دور الحركة النقابية في الحوار والحل السياسي

وجهة نظر النقابيين الشيوعيين في الأزمة: دور الحركة النقابية في الحوار والحل السياسي

إن الأزمة الوطنية العميقة التي تعيشها سورية أرضاً وشعباً، لم تكن وليدة لحظة انطلاقتها في 15 آذار 2010، بل هي محصلة لمجموعة كبيرة من الأزمات التي تراكمت على الصعد كافة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

جرى خلالها فرز المجتمع السوري، فرزاًطبقياً واضحاً، حيث تعزز فيه دور قوى الفساد والمال، وتكونت طبقة ثرية وجرت مركزة شديدة لرأس المال بسبب الشراكة الحقيقية لقوى الفساد داخل الدولة وقوى الفساد في المجتمع والعامل المشترك بين القوتين، عمليات النهب الواسعة التي جرت، ومازالت تجري فيظل الأزمة، للدولة والمجتمع معاً، ورافقها الكثير من التشريعات والمراسيم والقوانين التي شرعنت عملية النهب الواسعة، وحمت رؤوس الأموال المتكونة والوافدة من الخارج تحت مسمى (الاستثمار)، الذي عملت الحكومات المتعاقبة على تشجيعه وتوفير المناخ المناسبله دون قيد أو شرط وبأي اتجاه من المفترض أن يجري الاستثمار فيه، حيث اتجه نحو الاستثمار في الاقتصاد الريعي الذي دورة رأسماله سريعة وأرباحه عالية.

وبالمقابل ونتيجة لما سبق ارتفعت معدلات البطالة والفقر وأعداد المهمشين القاطنين في الأرياف وفي العشوائيات التي أحاطت بالمدن السورية لتشكل حزام فقر وبؤس وحرمان.

انسحاب الدولة من دورها

لقد عملت السياسات الحكومية خلال العقود المنصرمة باتجاهين:

الاتجاه الأول: إطلاق يد قوى السوق وقوى الفساد الكبير على قاعدة تبني السياسات الليبرالية من خلال تبني اقتصاد السوق الاجتماعي في المؤتمر العاشر لحزب البعث، حيث جرى فيه ومن خلاله تفعيل اقتصاد السوق بقوانينه المتوحشة التي خلقت التربة والأرضالخصبة وجمعت الحطب الضروري واللازم لإشعال الأزمة وتفجيرها.

الاتجاه الثاني: وهو اتجاه كان متلازماً مع الأول من حيث الفعالية وأخذ أشكالاً منها:

التضييق على الحريات السياسية وأشكال التعبير والتنظيم للطبقات الشعبية، ومنها الطبقة العاملة السورية التي جُردت من أهم أسلحتها السلمية في الدفاع عن حقوقها ومكتسباتها ومصالحها.

مصادرة دور واستقلالية المنظمات الشعبية والأهلية ومنها النقابات المهنية والعمالية وربط حراكها وقراراتها بجهة سياسية واحدة.

انسحاب الدولة من دورها بشكل تدريجي، من الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وتقليص دور القطاع العام خاصة الإنتاجي منه في الاقتصاد الوطني لمصلحة دور أكبر وأساسي للقطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية التي كانت تقدم للشعب السوري على أنها ستُخرج الزيرمن البير وستحُل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المستعصية، ومنها زيادة معدلات النمو وتحقيق التنمية وتخفيف معدلات البطالة التي ارتفعت إلى ما يقارب الـ 40%.

قوى الفساد المتكونة قبل الأزمة التي اغتنت من عمليات النهب الواسعة والتي قدرها الخبراء الاقتصاديون بأكثر من /200 مليار ل.س/ سنوياً، هي نفسها تلعب الآن الدور الرئيسي في إطالة عمر الأزمة، وهي نفسها من يُعول عليها العدو الخارجي في تحقيق تسويةسياسية، تحقق مشروعه السياسي والأمني الذي فشل عبر الوسائل العسكرية سواء منها الداخلي بدعم المسلحين والمجموعات التكفيرية أو بالتدخل الخارجي العسكري المباشر.

قوى الفساد وبرامجها التدميرية

إن الحركة النقابية والعمالية ذات التاريخ المجيد في الدفاع عن الوطن وحقوق الطبقة العاملة جرى تحييدها وتحييد قواها الجبارة عن الصراع الدائر بين قوى الفساد وفقراء الشعب السوري مما أدى لاكتساب قوى الفساد الجولة، وتحقيق برنامجها التدميري الذي نعيش الآنجزءاً من فصوله حيث اكتوت الطبقة العاملة السورية، وفقراء الشعب السوري بناره الملتهبة، ولكن بالرغم من كل القيود والمكبلات التي وضُعت، استطاعت الحركة النقابية ومن خلال الكثير من كوادرها أن يرفعوا الصوت ويطلقوا التحذيرات والتخوفات من السياساتالجاري تطبيقها، ولكن ذلك لم يغير من طبيعة المعركة ولم يعدل من موازين القوى المختلة لمصلحة قوى الفساد ورأس المال، مما خلق هوة واسعة بين الطبقة العاملة السورية وممثليها (النقابات)، وهذا ما سعت إليه القوى الطبقية المعادية كي لا يكون للطبقة العاملة الدوروالقرار المستقل، والأدوات النضالية التي تدافع بها عن حقوقها ومصالحها وعن القطاع العام والخاص المنتج.

الفرز الطبيعي للقوى والمجتمع

إن تطورات الأزمة الحالية قد أفرزت القوى والمجتمع، ومنها الحركة النقابية والعمالية الذين لن يكونوا إلا مدافعين عن الوطن إلى جانب القوى الوطنية والشريفة وهذا يتطلب من الحركة النقابية أن تكون لها رؤيتها بحل الأزمة والخروج منها والحفاظ على وحدة الشعبالسوري والأراضي السورية، خاصة وأن مقدمات الحل السياسي بدأت تظهر والعامل الموضوعي الدولي والإقليمي والمحلي قد نضج من أجل أن تكون لغة الحوار بالعقل والمصالح بدلاً عن لغة الرصاص، من أجل ذلك نقترح نحن النقابيون الشيوعيون العمل على:

في المجال السياسي والحريات العامة:

حق كل القوى الوطنية بما فيهم المسلحون الرافضون للتدخل الخارجي واستمرار العنف في الجلوس على طاولة الحوار للمساهمة في رسم سورية القادمة الجديدة.

إيجاد المنابر الإعلامية وغير الإعلامية من أجل تفعيل الحوار بين مختلف القوى على أساس المادة الثامنة من الدستور الجديد.

رفع الوصاية والهيمنة عن المنظمات الشعبية بما فيها الحركة النقابية لكي تساهم وبشكل فعّال حقيقي بدورها الذي لا يستهان به من أجل تعزيز آليات الحوار والحل السياسي.

في المجال النقابي والعمالي:

دعوة الفعاليات العمالية وخاصة القاعديّة منها لأوسع حوار حول مسبّبات الأزمة وكيفية الخروج منها، وحول حقوقهم ومطالبهم السياسية والاقتصادية.

تفعيل دور المؤتمرات النقابية القادمة من حيث حرية التعبير وتعزيز آليات الحوار بين القيادات والقواعد العمالية.

إشراك العمال في الدفاع عن أماكن العمل من خلال إشراف مباشر من القيادات النقابية، والتصدى الحازم للإدارت الفاسدة التي لم تكن على مستوى القيادة في إدارة المنشآت في ظل الأزمة الحالية.

تبّني حق الإضراب بشكل معلن وصريح من القيادة النقابية كشكل من أشكال الدفاع السلمي عن مصالح وحقوق الطبقة العاملة.

التأكيد على دور الهيئات العامة في إقرار الخطط والبرامج في المواقع الانتاجية وأن يكون لهم حق الانتخاب لممثليهم في اللجان الإدارية وكذلك سحب الثقة إن لزم الأمر.

في المجال التشريعي :

تفعيل دور أعضاء مجلس الشعب الممثلين للعمال في طرح القضايا العمالية من خلال إشراف مباشر لقيادة الحركة النقابية.

النضال من أجل إعادة النظر بالقوانين والتشريعات التي أضرت بحقوق ومصالح الطبقة العاملة مثل القانون (17) والقانون الأساسي للعاملين في الدولة (المادة 137) مما يتناسب ومواد الدستور الجديد.

في المجال الاقتصادي:

إعادة النظر بموقف الحركة النقابية من شعار «التشاركية» مع الحكومة، والتأكيد على استقلالية الحركة النقابية واستقلالية قرارها وخططها وبرامجها بما يتوافق مع مصلحة الطبقة العاملة.

طرح وجهة نظر الحركة النقابية بما يتعلق بالنهج الاقتصادي الذي هو سائد الآن، والذي خلق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.

تقديم وجهة نظر الحركة النقابية بالنهج الاقتصادي الذي ترى فيه تلبية لمصالح أغلبية الشعب السوري وخاصةً الطبقة العاملة, والتأكيد فيه على التوزيع العادل للثروة لمصلحة الأغلبية الفقيرة.

دعم القطاع الخاص المنتج والدفاع عنه وعن حقوق عماله.

الدفاع عن القطاع العام وتخليصه من ناهبيه حيث تسمح الظروف الآن بشن أوسع هجوم على قوى الفساد وتطهير البلاد والعباد من أفعالهم.

المشاركة الفعّالة في الدفاع عن لقمة الشعب واعتبارها خطاً أحمر لا يُسمح المساس بها.  

• المكتب النقابي للحزب الشيوعي السوري (الموحد)

• المكتب العمالي لحزب الإرادة الشعبية