أمريكا... وهم الديمقراطية

أمريكا... وهم الديمقراطية

تشبه «ديمقراطية» الغرب والولايات المتحدة الأمريكية المفرقعات النارية عندما تطلق في الهواء، فهي تعد بالكثير، أصوات عالية وألوان صارخة ولكن ما أن تنفجر في السماء حتى تتلاشى مخلفة وراءها الفراغ.

فعلاً صار بإمكاننا أن نرى شيئاً آخر مبهجاً بعد البهجة التي سببها طوفان الأقصى، كما اعتبرته الأكاديمية الجامعية جودي دين التي نشرت مقالة بعنوان «فلسطين تتحدث باسم الجميع» على موقع «فيرسو» وصفت فيها مشهد الطائرات الشراعية الفلسطينية التي عبرت إلى الأراضي المحتلة في السابع من تشرين الأول الماضي بأنها كانت «مبهجة للعديدين منّا». وأكملت: «من منا لم يشعر بالانفعال لرؤية الناس المضطهدين وهم يهدمون الأسوار التي تحيط بهم، ويحلقون في السماء هرباً، ويطيرون بحرية في الهواء؟». واستخلصت بأن مشهد السابع من أكتوبر كان «تحطيماً جماعياً لحدود الممكن، وجعل الأمر يبدو كما لو أن بمقدور أيّ منّا أن يكون حراً، وكما لو أنّ الإمبريالية والاحتلال والقمع يمكن الإطاحة بها، وستتم الإطاحة بها». المقال الذي تسبب في إعفائها من التدريس في «كليّات هوبارت وويليام سميث» في نيويورك.

نكتة سمجة

ما أعادنا اليوم إلى ذكر موقف جودي دين هذا هو أن كلماتها السابقة تختزل المشهد اليوم، لما يحصل في الجامعات الأمريكية والأوربية. فقد انطلقت احتجاجات واسعة بما يشبه الدومينو في كثير من الجامعات، وما زالت، وقد قوبلت هذه الاحتجاجات بالقمع.
يتابع الناس تطورات ما يحدث على الشاشات، ويشاهدون بعيونهم انهيار وهم «الديمقراطية» التي تبجح فيها الغرب لعقود مضت في عقر دارها، بشكل واضح وصريح، يفقأ العيون، خاصة تلك التي ما زالت مستمرة بالدفاع عن ثقافة ومفاهيم «الغرب المتحضر» وديمقراطيته، وما زالوا يظنون أن ثمة إمكانية لتحقيق «الحلم الأمريكي». متغاضين عن الوقائع التي تثبت بطلانها، فما يحدث اليوم من قمع للاحتجاجات أثبت أن مؤسسات التعليم العالي كغيرها من المؤسسات الاقتصادية والعسكرية والإعلامية جزء من النظام الإمبريالي وأنه أمين على دعم الكيان الصهيوني بصفته المعبّر عن رأس المال المالي العالمي لهذا النظام، حتى لو اضطر إلى هدم شعارات الصورة التي رسمها عن نفسه لسنوات، «فالحرية الأكاديمية وحق التعبير» تحولت إلى نكتة سمجة.

بطن الوحش

علقت دين في حديثها للصحافة واصفة الوضع حينها: «إنّ عدم القدرة على الاعتراف بشجاعة المقاومة وعزمها هو أحد الأشياء التي تمنع تطوير أكبر قدر من التضامن الذي نحتاجه حقاً هنا في بطن الوحش، في الولايات المتحدة، للمشاركة في وقف هذه الإبادة الجماعية وتقديم دعم حقيقي للفلسطينيين».
الفرز اليوم أوضح ما يكون وهو يتسارع في كل الاتجاهات، ولن يكون هناك ثمة تبرير يتلطى خلفه أي موقف. فإما أن تكون مع الحق والحقيقة وإما أن تكون مع معسكر العدو.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1172
آخر تعديل على الإثنين, 06 أيار 2024 17:53