الحق في تفضيل وسائل الاتصالات
حسين خضّور حسين خضّور

الحق في تفضيل وسائل الاتصالات

تواصل نجيب مع صديقه بعد فترة انقطاع وجيزة؛ سببها الأساسي حذفه لكامل تطبيقات التواصل الاجتماعي.

بعد زمان يا نجيب، شو عدا ما بدا حتى تتراجع عن قرارك وترجع تستخدم الواتس!!
نزلت الواتس بشكل مؤقت، حتى خبر الكل: حالياً استخدم تطبيق وي تشات، ويلي بدو...
احترنا معك يا أخي، مرة بتقول نزلوا تطبيق سيجنال لنتواصل من خلاله، وبعدها بتقول لا هذا التطبيق احتكاري مثله مثل الواتس، يا أخي أرسى على بر، ويعني مفكر تطبيق الوي تشات غير احتكاري!! هل تعلم أن هذا التطبيق الصيني يُتهم بمراقبة المواضيع ذات الأهمية السياسية في الصين، بما في ذلك انتهاكات حقوق الإنسان.
بالله عليك هذه الديباجة الأخيرة ما نسختها من الويكيبديا، ولصقتها بوجهي!
يعني بعدك بتفكر بسذاجة بأن الصين ليست إمبريالية!! عنجد غريب عايش بنص أوروبا من خمس سنوات، وعندك احتكاك مباشر مع الديمقراطية الحقيقية، ولك لازلت بعدك بذات العقلية!
حاجي تحلّل بحياتك تسلم لي تحليلاتك، من واتس لا واتس عم ترجع لا ورا... ليك بدك تنزل تطبيق وي تشات أما لا؟
يا لطيف شو تنح!!!


بعدما أنتهى نجيب من تواصله مع صديقه، ضاق به الحال، مما دفعه للتفكير، بالبداية بموضوع تطبيقات التواصل، ومن ثم بكامل تاريخ شبكة الاتصالات، إلى أن وصل إلى اليوم وقرر الكتابة عن هذا الموضوع الشائك.
هاتف ثابت داخلي/ هاتف نقال دولي
مصدر نشوء ظاهرة الهاتف الثابت الداخلي، مرتبط بالجانب الاقتصادي.
بشكل تقديري ظهر الهاتف الثابت الداخلي في بداية الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، ففي ذلك الوقت وصلت الدولة الرأسمالية إلى ذروتها من حيث وجود سوق واحدة لتلك الدولة، دائرة إنتاج وتوزيع واستهلاك مساحتها هي مساحة الدولة نفسها، وتفصلها عن الدول الأخرى حدود جمركية تحمي السوق الداخلية.
يبدو بطبيعة الحال أن كافة وسائل الاتصالات تظهر بعد فترة طويلة من تطور الاقتصاد ذاته، وكأنها تتويج لذروة تطوره النوعي.
ذات الشيء ينطبق على الهاتف النقال الدولي، حيث ظهر في منتصف القرن العشرين، أي بعد الحرب العالمية الثانية، عندما كانت اقتصادات العالم في صراع ضد طحنها بفكرة العولمة الجانحة نحو جعل العالم بأسره، بطريقة أو بأخرى، سوقاً واحدة بيد الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا بالفعل ما حصل مؤقتاً منذ مطلع الألفية الثالثة، وهنا بالتحديد بدأ يتصاعد أكثر وأكثر وجودنا داخل الشبكة العنكبوتية.
من نافلة القول إن هناك تطبيقات تواصل مما هبَّ ودبَّ، ولكن المشكلة تكمن بأن التطبيقات الأكثر استخدماً في معظم دول العالم، والتي تعد على الأصابع هي الخيار الأول للتواصل مع العائلة، الأصدقاء، المعارف، الناس الجدد، وحتى لقاءات العمل... إلخ.
ما هو الحل في الوقت الراهن حتى نستطيع كسر هيمنة أي تطبيق تواصل؟
لعلّنا نجد الإجابة عندما نفكر معاً بتمعن بأن الهاتف النقال الدولي نفى الهاتف الثابت الداخلي، لكن قبل ذلك كانت هناك نقطة علّام أساسية تقع قبل ظهور الهاتف النقال الدولي، حيث ظهر تناقض جوهري في ظاهرة الهاتف الثابت الداخلي، أي إنه أصبح داخلياً، وخارجياً في ذات الوقت، بمعنى أنه ثابت في دولة ما، لكنه يستطيع إجراء مكالمة دولية.
المقصد هنا: تصور إمكانية استقبال مكالمة، رسالة، صورة...إلخ، من تطبيق الواتس على سبيل المثال إلى تطبيق آخر تلغرام، سيجنال، وي تشات... إلخ. ففي حال تم ذلك، سيكون لدينا تفضيل حر في استخدامنا لأي تطبيق تواصل، دون إعطاء الإمكانية لأي تطبيق كان من احتكارنا جميعنا تحت مظلته.
بالطبع هذا سيكون حلاً مؤقتاً، ريثما نصل إلى ملكيتنا العامة لكافة تطبيقات التواصل، والتي تختلف هنا خصوصيتها عن ملكية وسائل الإنتاج، من حيث إنه قد اقترح مرراً جعل كافة التطبيقات، وحتى أنظمة التشغيل مفتوحة المصدر، وعلى هذا الأساس نستطيع منع الشركات المالكة لها، سواء شركة عامة أم خاصة، من التحكم في بيانتنا عبر وضع رموز (كودات)، تمكنهم من التلاعب في البيانات، وفق مقتضيات السوق، فقد أصبح معلوماً للجميع كيف تظهر لنا الإعلانات عن منتجات تتوافق مع بياناتنا.
هذا أبسط شيء يمكن أن يفعله رمز مشفر إذا كان ضمن نظام مغلق المصدر. أنكى من ذلك أنه يشتد سرية أكثر عندما يتلاعب مالكو النظم والتطبيقات في بياناتنا وفق مصالحهم المتعلقة بالأحداث السياسية الكبرى.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1077