سورية الجائعة

سورية الجائعة

هل تعرفون كم هو عدد المرات التي خاضت فيها سورية النضال ضد الجوع والمجاعة خلال أكثر من 100 عام؟ التاريخ يخبرنا الكثير، وأوراقه الصفراء تخبئ الكثير أيضاً.

حكايات الجدات تذكر أيام «السفربرلك» السوداء، كيف ساق العثمانيون شباب البلاد إلى مهالك الحرب العالمية الأولى، وكيف صادروا مؤن الفلاحين ومواسمهم. وهناك سنة معروفة على ألسنة المعمرين في منطقة عين عيسى وبراري محافظة الرقة تسمى «سنة الجيفة» حيث انتشرت الجثث وتعفنت في البراري بسبب الجوع ومصادرة العثمانيين غذاء السكان.
وفي زمن الاستعمار الفرنسي، أضرب 3000 من عمال النول العربي في حلب عام 1933 احتجاجاً على رفع سعر الخبز، بدأت المظاهرة بشعار «الخبز للجياع» والتقى العمال المضربون في سوق العطارين وهم يهتفون جوعانين .... جوعانين، هاجمتهم الشرطة وسالت الدماء على الأرض، فأضربت المدينة، وألغي قرار رفع سعر الخبز. ولا يمكن أن ننسى الرفيق العامل أبو صطيف الذي استشهد وهو يهتف بسقوط الاستعمار.
تخبرنا مذكرات عدنان الملوحي رئيس تحرير جريدة الطليعة الدمشقية بعنوان «الطريق إلى دمشق» عن ثورة الفقراء في حي جورة الشياح، وتخبرنا ذكريات المناضلة سلمى البني وغيرها عن مسيرة الخبز الأسود في حمص ومظاهرات الخبز الغاضبة التي اقتحمت المطاحن ومخازن التجار ووزعوا الطحين على الناس في أربعينات القرن الماضي، وحدثت مظاهرات مشابهة في مدينة حلب. كما يتذكر سكان عين العرب والجزيرة سنة القمح وسنة التمر عندما صادر الاستعمار الفرنسي مؤن الفلاحين وانتشرت المجاعة زمن الحرب العالمية الثانية. رحل كل هؤلاء، وبقي السوريون.
يقول رياض الصالح الحسين في قصيدته «سورية»: يا سورية الجميلة السعيدة/ كمدفأة في كانون/ يا سورية التعيسة/ كعظمة بين أسنان كلب/ يا سورية القاسية/ كمشرط في يد جرَّاح/ نحن أبناؤك الطيِّبون/ الذين أكلنا خبزك وزيتونك وسياطك/ أبداً سنقودك إلى الينابيع/ أبداً سنجفِّف دمك بأصابعنا الخضراء/ ودموعك بشفاهنا اليابسة/ أبداً سنشقّ أمامك الدروب/ ولن نتركك تضيعين يا سورية/ كأغنية في صحراء.
هكذا كان السوريون، لم يتركوا بلادهم تضيع في الماضي، ولن يتركوها في المستقبل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
966