الفرنجي برنجي
لؤي محمد لؤي محمد

الفرنجي برنجي

هناك من يطلق رصاص الإعلام في اتجاه محدد، ينتجون تقارير وفيتشرات فيديو قصيرة أو مجموعة صور مصممة بعناية، تحمل هذه المواد جميعها رسالة سياسية وثقافية واحدة تصل إلى الجمهور المستهدف بكثافة. أول ما تسببه هذه المواد في ذهن المتلقي هو اليأس والإحباط، وليس انتهاءً بشعور الذل والدونية تجاه الغرب! وكأن الحياة مختصرة بأبدية الاستعباد الرأسمالي وصورته ذات الأفق المنعدم.

 

تخاطب هذه المواد جمهور المتلقين مباشرة وتقول في إحدى التقارير القصيرة: فشل حتى النخاع، من محطينا لخليجنا، لـ 350 مليون مواطن عربي، يستيقظ المواطن العربي صباحاً ويستخدم فرشاة أسنان مستوردة ويركب سيارات ألمانية أو ميكروباص أجنبي، ويحمل هاتفاً أوروبياً، ويكتب الإيميلات والفاكسات بمنتجات غربية.... إلخ، ويتساءل التقرير: ماذا سيفتقد العالم إذا اختفى العرب؟ العالم العربي لم يقدم أي شيء للبشرية! ولم ينتجوا أي مصنع عربي. ويحصل التقرير على 700 ألف مشاهدة.
الشعوب العربية وشعوب الشرق عموماً، هي شعوب محطبة يائسة تابعة، ويجب أن تبقى التبعية للسيد الغربي، هكذا ينظر إلينا أصحاب هذا النوع من المواد الإعلامية.
يعكس هذا التيار نمطاً من الثقافة الدونية التي تعبر بامتياز عن المأزق الذي تعيشه القوى المأزومة عالمياً وعربياً، والتي رهنت وجودها ودورها بهيمنة النموذج الثقافي الأمريكي، والغارقة حتى النفس الأخير في مستنقع اليأس والإحباط، حيث لم يستطع أصحاب هذه الرؤية اكتشاف القدرات الكامنة لدى الشعوب، كونها تعيش في أبراجها، وتعيش حالة فصام تجاه الواقع في حركته وجدليته.
بهذا الشكل يصبح الناطقون بهذه اللغة الإعلامية لسان حال التبعية للغرب، ويعبرون بصراحة عن ثقافة نمط الحياة الاستهلاكية والنموذج الليبرالي الغربي والأمريكي، تعمل هذه المنظومة الإعلامية بحيث لا تترك لشعوب الشرق سوى خيارين: إما التبعية والدونية للغرب الرأسمالي، وإما الجانب السوداوي للتراث، في قفز فوق التاريخ، وانتهاك لحق الناس في الاختيار وتجاوز لحركة الواقع، ومحاولة إغلاق الأفق أمام الشعوب، وهذا لن يقوى عليه أحد.