نصف ساعة من الاحتلال الناعم

نصف ساعة من الاحتلال الناعم

مالذي يفعله الأمريكيون في ألمانيا؟ نريد أن نعرف، الحديث ليس فقط عن التجسس، بل عن العمليات العسكرية والصناديق الأمريكية غير الربحية والمنظمات غير الحكومية والصحافة والأحزاب السياسية ومجموعات الكتاب والصحفيين وطلاب الجامعات والمخابرات الألمانية والجيش والحكومة، أي: نقاط الهيمنة الأمريكية في ألمانيا.

الصحفي «جوريج كوفنر» مواطن ألماني قرر أن يقوم بتحقيق صحفي، بدأ باستكشاف تاريخ ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، لفهم كيفية عمل العلاقات الألمانية – الأمريكية، وأخذ يبحث في أشكال التعاون بين البلدين تحت مظلة الناتو لكي يرى إن كانت ألمانيا تتصرف وفق مصالحها الوطنية، أم تنفذ إرادة أجنبية، وليكشف مدى ارتباط القرارات السياسية في بلاده بالأجندة الأمريكية.
تحول تحقيقه الصحفي إلى فيلم وثائقي عرضته قناة روسيا اليوم الإنكليزية بعنوان: «الاحتلال الناعم -Soft Occupation». توصل كوفنر إلى نتائج مفاجئة، تتحكم الصناديق غير الربحية الأمريكية في معظم مفاصل النفوذ الأمريكي داخل ألمانيا، مثل مكتب «جسر الأطلنطي» في برلين، الذي لا يحمل أية علامات على المبنى، ولكن الشرطة الألمانية تحرسه بعناية، وهنا بالضبط تتخذ القرارات التي تتعلق بحياة ألمانيا.
لا يبعد هذا المكتب عن منزل أنغيلا ميركل سوى 30 متراً، ويهيمن على الإعلام الألماني بشكل كاف، من مهامه تأمين التنسيق بين الصحف الألمانية وحكومة الولايات المتحدة، من جهة تأييد العسكرة والحروب في العالم، إضافة إلى توريط الجيش الألماني في الحروب الأمريكية مثل حرب البلقان 1999، والمناورات العسكرية على الحدود الروسية، دون أن ننسى أن ألمانيا هو البلد الذي يحتوي على أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج الولايات المتحدة «قاعدة رامشتاين».
يرى إيغور بانارين الخبير الروسي في الحرب الإعلامية أن تأثير الإعلام مثل القنبلة النووية عسكرياً، ويبدو أن الحالة الألمانية لا تختلف كثيراً عن هذا الوصف، احتلال أمريكي ناعم يبدأ من التجسس والعسكرة، ولا ينتهي عند الإعلام الذي يؤثر على مجموعات الكُتّاب والبرلمانيين والأحزاب السياسية. قال بعض الكتاب والصحفيين الألمان: «نحن نسمي ذلك احتلالاً روحياً». تلك هي نصف ساعة من المعلومات التي جمعها جوريج كوفنر حول الاحتلال الأمريكي الناعم لألمانيا.

معلومات إضافية

العدد رقم:
825