حاورته: هند مرشد حاورته: هند مرشد

«قاسيون» في لقاء مع الفنان نور الشريف: لم تخرج السينما من وضعها المأزوم!! أمهاتنا لايذهبن الى دور العرض!!

من المسرح إلى السينما والتلفزيون عمل مع أهم المخرجين في كل القطاعات وترك أخيلة تسبح في مخيلة المتفرجين عن كل دور قدمه، فهو ينتقي أدواره بعناية فائقة وبدراية فائقة فقدم للتلفزيون عمر بن عبد العزيز،  لن أعيش في جلباب أبي، وأخيراً مسلسل عائلة الحج متولي الذي أثار كما تثير دائماً الاعمال والشخصيات التي يختارها نور الشريف جدلاً واسعاً لدى طيف واسع من الشارع العربي كما قدم مع عدد من الأسماء الهامة في السينما أعمالاً كثيرة ومنها ماقدمه مع المخرج المصري يوسف شاهين، عن حركة السينما ومعاناتها في الشارع العربي وتجربته الفنية ماضياً وحاضراً ودخوله مجال الإخراج كان لنا معه هذا الحوار:

بعد سنوات من العمل كممثل فضلت أن تقدم تجربة إخراج سينمائية هي (العاشقان) فما هي مبرراتك؟

هذا قرار قديم ولكنه جاء متأخراً جداً حوالي خمسة عشر عاماً، فأول فيلم كنت أريد إخراجه كان عام 1983، قدمت سيناريو القصة التي كنت أريد إخراجها، وهي (الحرب في بر مصر) للكاتب (يوسف القعيد) ولكنها رُفضت، حاولت بعدها عدة مرات البحث عن موضوعات بديلة لأنني في النهاية سأبقى ممثلاً محترفاً ومخرجاً هاوياً، وتأجلت تجربة الإخراج إلى أن اتخذت القرار منذ ثلاث سنوات دخول تجربة الإخراج مرة أخرى، واخترت لذلك سيناريو فيلم اسمه (دخلة وداد) للكاتب (محمد فهمي هلال) ولكن للأسف الشديد لم أستطع إكمال التجربة في هذا الفيلم لأني وجدت صعوبة في التمويل وفرض الموزعون شروطاً صعبة مما كان سبباً في تراجعي عن إخراج هذا الفيلم، إلى أن أتيح لي أخيراً أن أحقق حلمي في تجربة الإخراج السينمائي، فأخرجت فيلم «العاشقان»، وأنا سعيد بهذه التجربة.

هل تجربة إخراج فيلم رومانسي وسط طوفان من الأفلام الكوميدية، هي مغامرة لم يتم حسابها كما يقول البعض؟

طبعاً ليست مغامرة، فأنا لدي قناعة خاصة حين أحب أن أفعل شيئاً أفعله دون النظر لرأي الآخرين فيه وليكن ما يكون، وفي مسيرتي الطويلة هذه كثيراً ما كانت قناعاتي محقة وصائبة، فعندما يكون لدي شعور بالحب تجاه عمل معين أنفذه فوراً، فمثلاً عندما قدمت فيلم حبيبي دائماً وهو من إنتاجي كان في ذلك الوقت يوجد نفس هذه الظاهرة من الأفلام وكانت تعرض أقوى الأفلام الكوميدية لعادل إمام ومع ذلك نجح هذا الفيلم.

أخرجت للمسرح أكثر من مرة، بينما هذه تجربتك الأولى في الإخراج السينمائي، هل هذا يعني أن الإخراج السينمائي أصعب من الإخراج المسرحي؟

نعم أصعب بكثير، ففي تجربة الإخراج المسرحي تكون العناصر كلها أمامك، وتستطيع أن تخطط لعلاقات العناصر ببعضها وتتحكم بكل شيء لأنها كلها أمامك. ولكن في السينما يجب أن يكون التصوير لقطة لقطة، هذا يستدعي أن يكون لديك تصور مسبق بذهنك لكل عناصر العمل، وإلا فعندما يتم تركيب العناصر مع بعضها لن تكون حقيقية ومقنعة.

أنت في سن النضج كممثل، فهل النضج يطفئ النجومية؟

إطلاقاً... فمثلاً في السينما المصرية ولن أقول الأمريكية (فريد شوقي) بقي نجماً لزمن طويل، فقد يتعرض النجم أحياناً شاباً كان أم ناضجاً لفترات نجاح متوسط ونجاح كبير فالشباب ليس مقياس للنجومية والنجاح، فكما قلت (فريد شوقي) و(كمال الشناوي) و(محمود مرسي) لم يستطع أي من النجوم الشباب وأنا منهم حينها أن يطفئ نجوميتهم.

السينما السورية تعيش أوضاعاً مشابهة لما عاشته السينما المصرية قبل خمسة عشر عاماً، فما هي النصيحة التي تقدمها للسينمائيين السوريين لتفادي عثرات السينما المصرية؟

للأسف الشديد فن السينما فن مكلف وطالما بقي الوضع الاقتصادي في الدول العربية غير مستقر ستظل السينما في مشكلة، والوضع عندكم في سورية أكثر صعوبة منه في مصر، لأن منتجي السينما والقطاع الخاص توقفوا أو يكادون أن يتوقفوا عن الإنتاج،فقد كانت معظم الأعمال التي أنتجت حينها والتي شاركت ببعضها أعمالاً تجارية تشبه إلى حد ما موجة أفلام هذه الأيام التي لا أنتقدها ولكننا لا نريد أن تكون هي النوع الوحيد في  السينما وأن لا تكون هذه الأفلام التي يتم الترويج لها، وكما قلت سابقاً لقد اشتركت بمثل هذه الأفلام مع الفنان السوري (أبو صياح) و(محمود جبر) قديماً، ولم أكن وحدي ناك مجموعة كبيرة من الفنانين المصريين غيري شاركوا بمثل هذه الأفلام مثل (حسن يوسف) و (شادية) و(ناهد شريف) و (شمس البارودي)، وكلها كانت أفلام تجارية صرفة،والمنتجون السوريون الذين كانوا ينتجون للقطاع الخاص توقفوا عن الإنتاج وأصبح المصدر الوحيد للإنتاج السينمائي هو مؤسسة السينما. شكراً مؤسسة السينما التي تمول إنتاج الأفلام الآن، ولكن تبقى هناك مشكلة في أن كم الإنتاج السنوي أقل بكثير من عدد الموهوبين في السينما العربية.

هرت مؤخراً في القاهرة شركة إنتاجية كبرى ذات طابع احتكاري، هل ترى أن رأس مالها القوي يمكن أن يقدم خدمة للسينما أم على العكس؟

أن السينما تمر بأزمة شديدة وتحتاج إلى دعم حقيقي من الدولة ورعاية من وزارة الثقافة،وأنا أخشى على السينما كصناعة من الانهيار وأعتقد أن المحاولات الأخيرة هي طفرة في حركة الرواج والاقبال الجماهيري، لكنها في مستوى آخر تشكل خطرا على مستقبل السينما المصرية ومستقبل النجوم ولاسيما أن معظم النجوم الحاليين من الشباب لم يتم إعدادهم بشكل جيد ولم يمروا بخبرات السابقين واعتلوا عرش النجومية بشكل فجائي دون مقدمات نتيجة هذه الازمة ورغبة المنتجين في التخلص من حالة الركود.فهذه الشركات  ستقدم خدمة حقيقية أو بالأصح هي التي قدمت خدمة واضحة، فهي التي أنتجت ثمانية أفلام دفعة واحدة منها خمسة أفلام لشباب جدد نجوم ونجمات ومخرجين وكتاب سيناريو فشكراً لهذه الشركة على هذه الجرأة في تمويل أفلام الشباب، لأن تكلفة إنتاج الأفلام في مصر أصبحت مرتفعة جداً ولأنها أتاحت الفرصة لهم، ولكنني أعود وأؤكد  أنني أتمنى أن يكون هناك خطة لتقديم هذه الأجيال الجديدة حتى لا يتم ذبحها في أول الطريق لأنه من المحتمل أن لا تنجح بعض تجارب الشباب وهذا معناه حكم مسبق ومبكر بإعدامهم ولن يتم استخدامهم بعد ذلك مرة أخرى، لذا يجب أن يعمل هؤلاء الشباب أولاً إلى جانب نجوم كبار وقدامى حتى يثبتوا نجاحهم وبعد ذلك وحين يتم إسناد دور البطولة لهم يكون لهم رصيد كبير عند الجمهور.

دور العرض في مصر أصبحت أكثر، والشركة اشترت كل دور العروض الخاصة والتي أتمنى أن لا تكتفي بهذا القدر وأن لا تتوقف عن بناء دور عرض جديدة في المستقبل لأن ذلك هو الأمل الوحيد في استمرار صناعة السينما و تحقيق عائد ربح يساعد في استمرار الإنتاج السينمائي، فلو اكتفت الشركة بهذا العدد من دور العرض أعتقد أن ذلك سيمثل خطورة على الإنتاج وطريقة ضغط لأن الإنتاج سيكون فقط لفترة المواسم الجيدة للعرض الذي هو عادة في الصيف والأعياد.

تجاربك في المسرح كمخرج وممثل في السنوات الأخيرة، هل هو حنين للبدايات؟

في الواقع أنا لم أتوقف عن العمل في المسرح ربما كنت أنقطع عنه لسنة أو اثنتين ولكني أعود إليه. والسبب الرئيسي في انقطاعي أنني لاأجد فرصة مناسبة لأقدم ما أريده، لقد عملت في تجربتين لقطاع خاص حزنت لأنني قمت بهما وكنت أطمح أن يكون الأسلوب الذي قدما فيه مختلفاً ولكن للاسف فسعر التذكرة  وإيجار المسرح وتكلفة الدعاية وأسعار الماء والكهرباء في دور العرض  المسرحية مرتفعة جداً، وبالتالي فإن المنتج يقع في مأزق يجعله يرفع سعر تذكرة الدخول مما يضطره أن يكون العرض للتسلية والترفيه على حساب العمل.

أنا كنت وما زلت أحلم بأن يكون هناك مسرح باسمي ولكن ظروف الاحتراف السينمائي بالذات هي التي تبعدني عن المسرح.

اتجاهك إلى التلفزيون في السنوات الأخيرة هل هو بحث عن بديل لنجومية السينما التي أفسدتها الموجات الجديدة؟

أبداً أنا أذهب للتلفزيون لأنني أجد فيه أدواراً لا يمكن أن أقوم بها في السينما، وأنا بعيد عن التلفزيون منذ سنتين وعلاقتي بالتلفزيون علاقة أحسبها بشكل جيد، فأنا لا أعمل إلا الأدوار التي أحبها حقاً أو الأدوار التي لا يمكن أن أجدها أو من الصعب تحقيقها في السينما مثل الأدوار التاريخية وبالتالي لا أتعامل مع  التلفزيون لتحقيق حلم شخصي.. لنوعية الأعمال التي أحلم بأدائها هذا أولاً، والسبب الثاني أنني أرى أن لقاء الجماهير في البيوت كل سنتين هو واجب على كل ممثل، لأن النسبة الكبرى من مشاهدي التلفزيون في الوطن العربي هم أمهاتنا وأمهاتنا لا يذهبن إلى دور العرض، وبالتالي فمن حقهم علينا أن نعمل لهم عملاً كل فترة في التلفزيون.

والتلفزيون هو المستقبل وستأتي فترة سيكون فيها التلفزيون أحد وسائل السينما وسيكون بث الأفلام الجديدة عبره وليس في دور العرض، وذلك لأن التطور الحاصل في وسائل العرض التلفزيوني كبير جداً مثل القنوات المتخصصة والأنترنت الذي بات يسمح لأي شخص أن يرى الفيلم الذي يريده فوراً.

هل هذا يعني أنك تحضر شيئا ًللتلفزيون في الدورات المقبلة؟

 

عرض علي ذلك، وقد اعتذرت عن عملين مؤخراً، ووافقت مبدئياً على عملين آخرين ريثما أقرأ المادة لأنه غالباً ما تكون الفكرة متميزة إلأّ أنها تواجه صعوبات كبيرة عند الصياغة الدرامية فتصبح أقل من المستوى المطلوب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
180