رحيل المناضل المصري د.«إسماعيل صبري عبدالله»..

هذه سنة الحياة وناموسها الأزلي.. دائماً لها بداية يستهلها القادم إلى ركابها بالصراخ.. ودائماً لها نهاية.. تكتب بالدموع والورود ومواكب الوداع.. والموعد مع الموت كان بطله هذه المرة المناضل المصري المخضرم د. «إسماعيل صبري عبدالله» الذي أبى الرحيل دون أن يترك بصمات خالدة..

يعد د. إسماعيل صبري عبد الله واحداً من أهم الاقتصاديين المصريين والعرب المعاصرين، وهو من مواليد القاهرة عام 1925 لأسرة صعيدية الأصل، وقد درس الحقوق في جامعة فؤاد الأول، القاهرة حاليا، وسافر إلى فرنسا عام 1946، وقضى فيها خمس سنوات أنهى خلالها دراسته العليا في جامعة السوربون، وعاد حاملاً درجة الدكتوراه في الاقتصاد السياسي في عام 1951.
وبالإضافة إلى عمله وتفوقه في مجال الاقتصاد، انخرط الراحل في العمل السياسي مبكرا ويقول عن نفسه أنه تحول للشيوعية واعتنق أفكارها قبل سفره إلى فرنسا، وقد شارك في إصدار صحيفة في باريس تلقي الضوء على القضايا والمشكلات العربية وتعرف بالأوساط الفرنسية المختلفة، وهذه الصحيفة كانت البداية الواسعة التي تعرف من خلالها إلى كبار الكتاب والأدباء الفرنسيين. وبعد عودته من باريس انخرط  د. عبد الله في النشاط السري للحزب الشيوعي المصري في عام 1951، واتخذ من جامعة الاسكندرية، التي عمل فيها فور عودته مسرحاً لنشاطه الذي شاركه فيه المفكر الاقتصادي اللامع المرحوم الدكتور فؤاد مرسي وآخرون..
يقول د. عبد الله إن: «جزءاً من تفكيرنا السياسي في تلك الفترة انصب على أن نكون أساتذة متميزين وعلى درجة عالية من الكفاءة، لأن هذا يعتبر جانباً مهما من نشر أفكارنا».
 اعتقل الراحل في عام 1955 وتعرض لتعذيب بشع في السجون والمعتقلات المختلفة، وقدم للمحاكمة وتم فصله من الجامعة، وقد ترك هذا في نفسه غصة شديدة.
لم يكن إسماعيل صبري عبد الله مجرد اقتصادي معروف، بل يعد واحدا من الذين لعبوا أدواراً مهمة في الحياة السياسية المصرية سواء في موقعه داخل المعارضة، أو في مكانه داخل النظام وكمستشار اقتصادي لرئيس وزراء مصر سنة 1954 وكوزير للتخطيط لفترة طويلة، ومديراً لمعهد التخطيط القومي لسنوات عديدة، وأيضاً ترؤسه المجموعة الوزارية للإنتاج والشؤون الاقتصادية، ثم رفضه لقرار الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات عام 1977 بنقله لوزارة الحكم المحلي وخروجه من الحكومة للأبد، وأخيرا عمله كخبير تنمية مستقل، وتأسيسه لمنتدى العالم الثالث وترؤسه له.
وإضافة لذلك فقد أثرى الدكتور إسماعيل عبد الله المكتبة الاقتصادية بالعديد من الأعمال العلمية المشهورة، فمن مؤلفاته : «تنظيم القطاع العام، الأسس النظرية وأهم القضايا العلمية»، « نحو نظام اقتصادي عالمي جديد»،  «التنمية المستقلة»، «مصر التي نريدها»، «الأمة العربية، المصير والسيرة»..
 كما عمل د. عبد الله منسقاً عاماً لمجموعة من الدراسات المهمة: «الخطة الزرقاء»، «البيئة والتنمية في حوض البحر الأبيض المتوسط»، «استراتيجيات التنمية البديلة في منطقة الاسكوا» و«المستقبلات العربية البديلة في إطار جامعة الأمم المتحدة»، وله مؤلفات كثيرة باللغتين الانكليزية والفرنسية.                                       

معلومات إضافية

العدد رقم:
285