في معرض دمشق للكتاب العين بصيرة... والمسافة طويلة

منذ أيام انتهى معرض دمشق للكتاب العشرون الذي أصبح من المعارض المتميزة في المنطقة العربية والعالم سواء بالتنظيم أو المشاركة، ففي هذا العام شاركت تسع عشرة دولة، ثمان منها أجنبية بأكثر من / 420 / داراً وأكثر من أربعين ألف عنوان شاملاً جميع مجالات الفكر والأدب والفنون موزعاً على أحدى عشرة صالة على أرض مدينة المعارض الجديدة .

نجحنا في المكان.. وخسرنا القارئ:

وبالرغم من عامل المكان والعرض الجيد والمساحة الواسعة لم يلق المعرض الإقبال المتوقع مقارنة بالسنوات الماضية التي كانت دمشق وقراؤها ينتظرون هذه التظاهرة الثقافية السنوية كباراً وصغاراً وتجذب اهتمامهم وتستقطبهم للتعرف على كل ما هو جديد في مجالات العلم والثقافة، لكن بُعد المكان نحو / 20 / كم عن دمشق خلق استياءً لدى زوار المعرض ومرتاديه الذين كانوا يزورونه في موقعه القديم رغم جيوبهم الخاوية فبقي الإطار جميلاً لكن الصورة تغيرت .

المعرض في العناية المشددة:

والزوار الذين أدلوا بآرائهم عن المعرض هذه السنة كانت آراؤهم متشابهة، فالجميع قالوا بأن بُعد المعرض، وأوقات الزيارة، والأسعار الباهظة للكتاب، وقلة المواصلات التي قيل أنها مجانية أدخلته في العناية المشددة، مقارنة بالمعارض التجارية والصناعية التي تقام في المكان نفسه، واعتبروها رسالة إلى القائمين عليه وإسعافه في السنوات القادمة قبل فوات الأوان.

دور نشر فوق .. ودور تحت:

أما انتقادات أصحاب دور النشر فحدِّث ولا حرج، فأحدهم قال كان المعرض في السابق قريباً جداً من القارئ، فكان يشارك أحياناًَ كثيرة بشكل اعتيادي دون أي تخطيط للحضور فيلفت نظره عنوان أو أكثر للشراء، أما اليوم فيجب أن يخصص له يوم كامل للزيارة وميزانية خاصة للشراء وأمور أخرى.

دار أخرى استاءت من المكان وبعده عن العاصمة الذي كلفها أكثر لنقل الكتب والدوام غير المناسب الذي كان على فترتين صباحية من دون زوار، ومسائية لمدة خمس ساعات فقط، مع احتفاظه بالترتيب الجديد لبعض الأجنحة والصالات.

وإحدى دور النشر التي طلبت عدم ذكر اسمها قالت إذا بقي المعرض على هذا الشكل فلن نشارك في السنوات القادمة، فتوزيع الأجنحة ضمن الصالات لم يكن عادلاً، مما ظلم الكثير من دور النشر وخاصة التي لم ترصد حتى ريع تكلفة المشاركة بالإضافة إلى ما حدث في الكواليس، من وضع بعض دور نشر العربية في أماكن بعيدة عن الأبواب الرئيسة للدخول ولو لم يتداركوا الأمر إلا في الأيام الأخيرة بفتح جميع الأبواب والذي حرك المبيع قليلاً لعادوا إلى بلادهم مديونين للمعرض بدلاً من الربح….؟؟

ودار أخرى اشتكت من موضوع التكييف في بعض الصالات، بالإضافة إلى الانتقائية والأولوية في الأجنحة مع عدم وجود مياه الشرب في الأيام الأولى للمعرض وحتى قلة دورات المياه .

رقابة في زمن اللا رقابة:

الرقابة التي تعد من المسائل الرئيسية التي تتعب الناشر كان لها حضورها، فقد تم منع عرض عناوين كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر " أزمة الديمقراطية في الوطن العربي " لعلي الكواري ، و" ذهنية التحريم " لصادق جلال العظم " ، و " سنوات مع الخوف العراقي " لهاديا سعيد ،وغيرها الكثير، وهنا نقول ما جدوى الرقابة في معرض يدعى معرض الكتاب المتنوع!! ثم كيف يمنع عرض كتاب وتوضع القيود عليه بعد الطبع والنشر ؟؟ كيف سيكون شكل هذا المعرض أمام دور النشر العربية والأجنبية المشاركة ؟؟ وما أجمل هذا التنوع الذي فيه!!

مابين الهدف والواقع:

من المفارقة العجيبة أن يقام المعرض في مدينته الجديدة، وأن تقام الندوات في مكتبة الأسد، فهذا التشتت قد أفرغ المعرض من هدف إقامته وهو رصد الحركة الثقافية والفكرية، وتنشيط دائرة الكتاب، والتعارف بين دور النشر العربية والأجنبية، وتبادل التجارب والخبرات، والإطلاع على كل جديد وأحدث ما أنتجته الموسوعة المعرفية والعلمية، إضافة إلى الفائدة المادية ، فأين المعرض من تحقيق هدفه ؟؟

فعنصر الموضوعية في المعرض مفقود تماماً في كل جوانبه ابتداء من موقعه، إلى قاعة محاضراته، إلى رقابته، وصولاً إلى سعر الكتاب المشتعل، فهل هناك خطة موضوعية للسنوات القادمة ؟؟.

 

■ علي نمر

معلومات إضافية

العدد رقم:
232