ماذا تقول يا صاحبي؟ الأولويات

■  أنا، كما تعرف، واحد من الناس البسطاء، أحس بما يحسون، ويعتريني ما يعتريهم من قلق وخوف.. حتى في أحلام النوم لا يفارقني شعور القلق والاضطراب.. وأمس في آخر الليل وأنا أقرأ مقالة عن الديمقراطية وحرية المواطن غلبني النوم ورحت في سبات عميق، وحملني الحلم إلى عالم الحيتان والقصور والجان، وكان حلمي كابوساً نهضت على أثره مهموماً مذعوراً.

●● هي أضغاث أحلام.. ومع ذلك لابد لنا أن نحلم.. هات حدثنا بما حلمت؟!

■  حلمت برعد يقصف وريح تعول وصوت يخترق أذني هادراً: اختر واحداً من ثلاثة: الماء.. الطعام … الهواء!! وتتابع الكابوس متداخلاً مختلطاً عنيفاً مرعباً، فانتفضت من نومي وصحوت مرتعداً ولسان حالي يتمتم: خير.. عساه أن يكون خيراً!!!

●● قلت الماء والطعام والهواء.. إنها سر وسبب الوجود.. إنها «مستلزمات» الحياة، وليس عجيباً أن تكون هاجسك حتى في نومك!!

■  تماماً هذا ما أردت أن أتحدث عنه.. فإلى متى يبقى الإنسان لاهثاً وراء لقمة العيش ولايدركها؟

●● اللقمة حاجة لايمكن الاستغناء عنها.. وعلينا أن نسعى جاهدين لتأمينها والدفاع عنها.. ومع أهميتها القصوى فإن الإنسان لايحيا بالخبز وحده لذلك لابد من تحديد الأولويات، تحديد الهام والمهم والأهم. لأن واقعنا الراهن يحتم علينا أن ندرك ونفهم فهماً صحيحاً أن أمن الإنسان، أي حريته، هي الحاجة الأولى.

■  تريد أن تقول إن الحياة الإنسانية لاتكون إلا بتوفر الأمن والأمان وبانتفاء الخوف والرعب، ولكن من يوفر الأمن والأمان للناس ويبعد عنهم شبح التوجس والقلق والخوف؟!

●● يوفر لهم ذلك من يحس بأحاسيسهم ويشاركهم حاضرهم ومستقبلهم أما من يسرق البسمة من شفاه أطفالهم وشعور الاطمئنان من قلوبهم، فإنه لاينظر إليهم إلا من خلال منظار مصالحه في النهب والاستلاب. وهو لن يقبل أن يتخلى عن مصالحه لأن فيها استمراره وحياته، على النقيض من مصالح جماهير الشعب. المعضلة تكمن في حل هذه المعادلة.

■  إذن فشعور المرء هو وليد واقعه؟!

●● نعم.. إن شعور الإنسان بالأمن والأمان أو عدمه يحدده الواقع الذي يحياه… وعلى سبيل المثال، ففي دول كثيرة عندما يمر المرء من قرب مراكز «حراس الدولة» يحس بالأمان والاطمئنان على العكس تماماً مما يحسه إنسان «بلداننا العربية» التي «تنمو» في ظل أنظمة منت بها السماء على شعوبها القاصرة، حيث «ترعى» شعوبها مستفيدة من لبنها ولحومها ومن جلودها لتزين بها صالاتها المترفة.. فماذا تقول يا صاحبي؟!!

■  محمد علي طه

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.