الممثل الأمريكي شين بين : شاهدت في العراق شعباً طيباً حرم من الحياة

■ قضيتي هي مع نظامنا السياسي الذي يلغي نفسه بنفسه

■ يشرفني أن يكون اسمي على اللائحة السوداء للممثلين الأمريكيين..


■ انحطاط اقتصادي يلعب بالعقول..

■ الفئات المستفيدة فقط تريد الحرب..

■ هل يعرف الشعب الأمريكي ما الذي يريده؟؟!!

ذاعت شهرته بعد أدائه في الفيلم الحائز على أوسكار (dead man walking) ميت يمشي، بالإضافة إلى مجموعة من الأفلام الأخرى التي كانت لها مكانة رفيعة في السينما، خاصة فيلمه الأخير (am sam ) أنا سام، والذي حاز على عدد من الجوائز  في مهرجانات داخل أمريكا وخارجها. لكن بعيداً عن عمله في السينما فقد سطع نجم الممثل السينمائي شين بين مع مواقفه الواضحة والجريئة ضد الحملة المجنونة للحرب الأمريكية على العالم (كما يسميها)، والتي توجت بسفره إلى العراق، شين ليس وحده فهو يقف مع حشد كبير من المثقفين  والفنانين الأمريكيين المعارضين لهذه الحرب، والذين يعلنون مواقفهم بكل شجاعة أمام آلة إعلانية غربية استطاعت أن تلعب بعقول الملايين من البشر.. بعد الكثير من المشاكل التي تعرض لها شين وبعد سقوط نظام صدام حسين اخترنا مقتطفات من آخر لقاء أجري معه:

■ الآن وبعد سقوط نظام صدام حسين في العراق عدت و اشتركت في مجموعة من النداءات التي رفعت إلى الإدارة الأمريكية وإلى رئيس هذه الإدارة السيد جرج بوش، معارضاً للحرب، ألا ترى أن هذا الموقف يتناقض مع روح الأمة التي تسود الآن؟

■■ أولاً أريد أن أؤكد شيئاً، هو أن مواقفي، كل مواقفي بلا استثناء، فيما يتعلق بالعراق،  لا تنطلق من كوني ممثلاً، أو من كوني شخصية شهيرة، فلو كنت أضع نفسي في حذاء هذه الشخصية الشهيرة، اعتقد أنني كنت سأفكر عشر مرات قبل أن أنطق بكلمة، وهذا هو السبب في أنني لم أتراجع عن مواقفي كما فعل الكثيرون ممن أرادوا من مواقفهم أن تكون حملة دعائية، ربما ستصب في خانة أخرى.. بينما مازلنا أنا ومجموعة كبيرة محتفظين بمواقفنا لأننا نرى أن خير روح هذه الأمة، في أن نقول ما نقول.

إن كل مواقفي تنطلق من تلك الأحلام التي حشونا رأسنا فيها، مذ كنا صغاراً، لذا فإنني أنطلق في كل مواقفي من كوني مواطناً أو من كوني إنساناً، ولا أعتقد أن روح الأمة الأمريكية، تتمثل في تلك الضوضاء  التي نراها كل يوم على شاشاتنا في الحرب الأمريكية على العالم.. أما بالنسبة لسقوط صدام حسين، فاعتقد أنك لا تعني الكثير من الأمور، وأعتقد أنك لم تزوري ذلك الجزء من العالم.. أما انا فقد كنت هناك.. ذهبت إلى ذلك الجزء من العالم الذي يجهله أكثر من نصف السكان الأمريكيين، ولا يفرقون بين هندي وعربي. قضيتي لم تكن يوماً متمثلة في إلغاء نظام أو غيره لا في العراق أو أي بلد آخر، قضيتي هي في  نظامنا السياسي هنا في أمريكا، والذي يلغي نفسه بنفسه. فالدخول في هذه الحرب هو الجزء الأسهل من العملية. أما الأسباب الأخرى فتتمثل في السياسات الخاطئة المتتالية للسيد الرئيس مذ تولى منصبه في البيت الأبيض، وساذكر لك مثالاً وحيداً   وهومثال اقتصادي، لقد انخفضت السوق بما يقارب 7.7 ترليون دولار، منذ أصبح رئيساً للولايات المتحدة، ولن يصلح هذه الأمور بإخراج سفنه وآلته الحربية من حظائرها، ومتى خرجت الآلة الحربية من شواطئ أميركا من يعرف متى ستعود.

■ بعكس ما قلت قبل قليل، تردد كثيراً أنك سعيت وراء هذه القضية بهدف دعائي بحت؟

■■ نعم أن أضع مهنتي على المحك، وأرشح بجدارة كي أوضع على اللائحة السوداء للممثلين، دعاية رائعة.. ألا تعتقدين ذلك.

■ لكن كلامك هذا يتناقض مع الكثير من مبادئ الديمقراطية .. وفيه اتهامات مبطنة؟

■■ سأقول لك شيئاً عندما تتعرض مجموعة كبيرة من الأسماء الهامة المعارضة للحرب، منذ بدايتها لضغوطات شديدة  وعلى كافة الأصعدة ابتداءً بالإعلام مروراً بالحرب المهنية، وصولاً إلى المعاكسات على الإنترنت والهاتف، عن أي ديمقراطية تتكلمين ..  وأي اتهامات.

■ وهل تعرضت لمثل هذه الإزعاجات؟

■■ ما تعرض له الكثير من زملائي.. واتهمت بمختلف الاتهامات، لكن الزمن سيثبت يوماً أنني كنت على صواب..

■ لقد زرت العراق.. وقابلت عدداً من المسؤولين العراقيين من النظام الحاكم سابقاً أليس كذلك؟

■■ لن أجيبك إن كنت قابلت أحداً.. لكن سأقول لك أن دونالد رامسفيلد، قبل عشرين عاماً زار صدام حسين مبعوثاً خاصاً من الرئيس الأمريكي دونالد ريغن، حاملاً رسالة تحمل الكثير من الود، أسفرت عن معلومات استخباراتية بين الدولتين، أسفرت عن ذخائر، أدت إلى آلاف لا بل عشرات آلاف القتلى، أما أنا فكانت زيارتي بهدف معاكس تماماً.

■ عن ماذا أسفرت رحلتك إلى العراق؟

■■ عن الكثير من مشاهد الأسى والألم.. شاهدت وسمعت شعباً طيباً حرم من أبسط حقوق الحياة، شعرت بالالم، لقد حصلت معي امور غريبة، شاهدت كل تلك الصور، وسألت نفسي، اليس الخوف من المجهول هو الذي جاء بصدام إلى مكانه، وقارنت الأمور بما يحصل في أميركا الآن إننا ننزلق نحو الهاوية، أسئلة كثيرة، من يصنع هذا الغول (المجهول)، ستسألين نفسك عن الديمقراطية، ستسألين نفسك، ما معنى الديمقراطية.. إنها أمر نسبي .. أليس كذلك؟

■ إنها المرة الأولى التي تتخذ موقفاً حاداً تجاه أمر سياسي؟

■■ لا، صدقيني مواقفي كلها متشابهة، لكن عليك أن تسألي الآلة الإعلامية التي حشدت كل شيء لتبرز الصورة التي تريد، فمواقفي هي ذاتها تجاه الكثير من القضايا، والتي لا أريد الخوض فيها الآن ... لكن الأمور الأن مختلفة وأعتقد انك تدركين ذلك.

■  هل تعتقد إن تطورت الأمور لاحقاً، ستغير من نظرتك، ألا تعتقد أن هذه الحرب (الوقائية) كما يسميها الرئيس بوش هي أمر حتمي على الولايات المتحدة الأمريكية؟

■■ بالرغم من أنني لا أحب الدخول في هذه التفاصيل إلاّ  أنني سأفصل الأمر لك على النحو التالي: ازدهار أو انحطاط اقتصادي يلعب بالعقول، وتيه قومي حماسي، وخوف من كل تحرك شعبي .. هذه هي العناصر التي تضافرت لتؤدي إلى التضحية بحقوق الإنسان، الجميع الآن في فورة وحماسة، كل القطاعات من رجال أعمال ومضاربين، وتجار، وصناعيين، وغيرهم من الجمعيات (الوطنية) المستفيدة،  سعت وستسعى لإيجاد مناخ ملائم لمقتضيات وميزانية البنتاغون، فمعظم هذه المشاريع تعرف أن لها ما تكسبه من ذلك.. لكن نحن علينا أن نسأل ما الذي سنكسبه.. لقد دفعتني إلى الإجابة عن سؤالك الأول مرتين.. لا لن أغير من رأيي.

■ ترجمة وإعداد: ع . س