محمد المطرود محمد المطرود

حسن عبد الله فنان يحمل صندوق فرجته

يقيم الفنان التشكيلي حسن عبدالله معرضه الفردي في صالة «فري هاند» بدمشق في الفترة الممتدة بين 3 و14 /11.. تولد الحسكة 1956 فنان وشاعر وقاص، حمل لوحته إلى الكثير من البلدان العربية والأوربية وغيرها (رومانيا لبنان الكونغو) والمدن السورية، متناهب بين مدينتين دمشق والحسكة حيث يعمل مدرساً في جامعة الفرات.

حسن عبد الله مجد ومثابر ومشغول بهاجس لوحته ومخاضات إنتاجها وهو غير معني رغم احتفاء الإعلام والنقد بتجربته_ نسبياً_ بالحروب والمؤامرات التي تحاك في الظلام وخلف الكواليس، أي أنه ليس ابناً باراً لمدرسة فنية معينة أو شلة، بل على العكس تماماً يعرف نفسه ويعرف ما يريد إذ تكفيه دراسته الأكاديمية وذائقته كشاعر ليجد عمله أو يرضى عنه وهو بذلك يمتلك القدرة ليشعر بمتعته الخاصة من خلال توليفاته عندما تسمعه يقول: ربما تجدني ميالاً إلى مدرسة توسم أعمال الفنانين جميعهم وربما تجد في لوحتي المدارس كلها وقد لاتجد شيئاً من هذا وذاك.. المهم أن هذا الرجل يصنع صندوق فرجته عندما يدرك أن العمل الفني يرتكز أولا على المتعة وهذه مقاربة لأحد شروط الفنية كما حددها إليوت في نجاح ورواج فنية أي عمل على ألا تكون المتعة موضوعاً بعينه أو محاكاة لأحد أو رسما لوجه نحبه وتعودناه.

ألوان حسن عبد الله محيرة تبعث على البهجة لكن أيضاً نرى أن استخدامه لريشته بضربات مقننة ومدروسة تجعل من خلفيته اللوحاتية والإنسانية قاتمة أو باهتة وكأن صراعاً أوليا يتم لحظة إنتاجها وليس قبل، كفعل طبيعي، عندما نعرف أنه بفهمه لما يجري في مطبخ الفنون جميعها يجعله يتخلص من البداهة والعفوية، ما يؤهله ليلف إنتاجه بخيط ناظم، خيط الخصوصية الذي عرِّف به وسيعرف به فيما بعد، وإذا كان الحديث عن اللون، يستطيع الداخل إلى اشتغال حسن عبدالله وتجربته قراءةً أن يتأكد من وجود الأصفر الآيل للبني كشكل معرِّف بالأرض وكأن الشمال الشرقي الذي عاش فينا كمنطقة خصبة سيدها الأخضر هي عند حسن (أبو رودي) شمالنا الشرقي بقسوته وقد غدرت به السماء وخاتلته كثيراً بوعودها مطر وخيرات وليس هجرة قسرية، وقرى بلا سكانها، وكما تقول أحلام مستغانمي «مدن تقتل ساكنيها».

الشخوص تتشابه أيضاً المؤنث والمذكر البعيد والقريب، ثنائيات غير متصارعة دوماً الثنائيات الملفوفة بالأصفر أو الملغمة به أو بأي لون باهت تتشابه ككتل ليس مواد خام هي أو قوى هلامية تسبح في فضاء سلس يبيح لها الحركة المطلقة عند تجنيس الفضاء/ المكان وتسميته من خلال هوية بالتأكيد لم يحسم أمرها بعد.

حسن عبد الله بصمته وهدوئه يشبه نفسه كثيراً كما يشبه لوحته وكما يشبهنا جميعاً نحن الممسوسين بشيء اسمه: فن!!