لقاء مع الفنان معتز ملاطيه لي: ليست هناك فرقة منافسة للفرقة القومية السورية

لا يمكن مقارنة المؤسسات الثقافية الموجودة لدينا بتلك الموجودة في الخارج

عندما سافر معتز ملاطيه لي إلى الخارج ذهب لدراسة علمية ولم يكن هدفه الرقص لكنه وقع في غرام هذا الفن وعشقه، ليتحول إلى دراسة الرقص في واحدة من أهم مدارس الرقص في العالم.. وبعد عودته من التشيك واجه معتز ملاطيه لي الكثير من الصعوبات لتحقيق حلمه في تطوير حركة الرقص في سورية للخروج به من الأطر التي وضع فيها، والارتقاء بفهم الرقص والحركة إلى مستويات أكثر جدة، إلاّ أنه بقي مصراً على تحقيق حلمه، وقد بدأ بخطواته للوصول إلى حلمه، واستطاع أن يحقق جزءاً كبيراً منه، ونقل جزءاً كبيراً إلى عدد كبير من تلامذته، الآن استلم معتز ملاطيه لي منصب رئيس قسم الرقص التعبيري في المعهد العالي للفنون المسرحية، كما استلم منصب رئيس دائرة الفنون الاستعراضية والذي ستتبع له كل الأنشطة والفرق التي ستخرج عن هذه الدائرة..

■ هل كان سعيك كراقص خلال فترة عملك هو أن تكون في النهاية ضمن مؤسسة رسمية وفي منصب رسمي؟

■■ لم أفكر يوماً في هذا الاتجاه بل كان هدفي أن أعمل على تطوير نفسي وموهبتي.. ولم يكن عملي في إطار المؤسسات هدفاً.

■ هل تعتقد أن عمل الفنان ـ أي فنان ـ ضمن إطار المؤسسات يمكن أن يأتي بالنتائج المطلوبة ؟

■■ تقسم حياة الفنان عبر مراحل زمنية مختلفة، المرحلة الأولى يعبر فيها الفنان عن موهبته حتى يتم الاعتراف به كفنان، أو كإنسان يعمل في اتجاه معين، وهذه المرحلة تحمل في طياتها الكثير من التجريب والكثير من البحث،وقد استمرت بالنسبة لي لمدة 12 سنة،  تتبعها مرحلة أخرى يحاول فيها الفنان إيصال ما تعلمه في المراحل الأولى، وخلال تجربته لكي يكسب هذا الاعتراف الاجتماعي والرسمي، ومن أشكال هذا الاعتراف أن يكون الفرد ضمن مؤسسة، تضمن له أن يعمل على نقل تجربته بالشكل الأمثل.

وقد عملت في المؤسسات التي طلبت مني أن أكون فها وهدفي الرئيس أن أعمل على نقل هذه التجربة إلى أوسع شريحة ممكنة. فانتمائي إلى مديرية المسارح والموسيقى أو انتمائي إلى المعهد العالي للفنون المسرحية يعتبر جزءاً من حلمي ومشروعي في نشر فن الرقص في سورية. فبعد أن استلمت رئاسة قسم الرقص التعبيري الذي رفضته قبلاً عدة مرات أشعر أنني أستطيع أن أقدم ما أريد، كما أن عملي في زنوبيا يأتي متمماً لما أريد قوله مع الأخذ بعين الاعتبار أن كلا المؤسستين تحملان فروقاً جوهرية فالمعهد مؤسسة تربوية تعليمية لها طابعها الخاص، بينما العمل في الوزارة له طابع إنتاجي.

■ بعيداً عن المستوى النظري الذي تحدثت به هل تعتقد أن المؤسسات عندنا كالمؤسسات الموجودة في الخارج قادرة على الخروج بنتائج مهمة؟

■■ لا نستطيع مقارنة شكل المؤسسات الموجودة عندنا بالمؤسسات في أوربا أو أمريكا، فتلك المؤسسات هي مؤسسات منتظمة ومبرمجة والأهداف التي تضعها أمامها هي أهداف واضحة ويصب كل واحد منها أو كبرنامج متكامل إلى نتائج معينة، وتقسم إلى مراحل، كل مؤسسة لها وظائفها وأشغالها، بينما  لاتزال مؤسساتنا غارقة ببطء الحركة والبيرقراطية، ولا تجوز المقارنة بهذا الشكل.

■ ما سبب إلغاء فرقتي زنوبيا وأمية؟

■■ تأسست فرقتا أمية وزنوبيا في فترة زمنية مرتبطة بمشروع قومي ونهضوي كبير، وترافقتا مع حركة ثقافية على كل المستويات، فنشأت فرقة «أمية» لتقديم العروض  التراثية والفنون الشعبية، بينما كانت وظيفة الفرقة القومية الحديثة «زنوبيا» تقديم عروض مستلهمة من التراث بقالب حديث نسبياً، فكانت زنوبيا تعتمد على الدبكات لكنهم يريدون التطوير مع خوف وحذر شديدين فبقيت مع فرقة أمية في إطار واحد وقدمت ذات الشيء. ودخلت كلتا الفرقتين في مرحلة موت سريرية.

■ إلاّ أن الفرقتين في مراحل نشوئهما والأعمال التي قدمتهما، استطاعتا أن تصنعا الكثير من النجاح، وبتلك المرحلة المزدهرة ثقافياً التي تحدثت عنها فهل كان الحل بإلغاء أسماء الفرقتين، وتأسيس فرقة جديدة قد تحمل نفس الأمراض التي كانت موجودة في الفرقتين السابقتين؟

■■ بالرغم من الاسم الكبير الذي استطاعت أن تصنعه الفرقتان إلاّ أنهما في المراحل الأخيرة من سنوات عملهما لم تستطيعا أن تقدما منجزاً يليق بهذا الاسم ويحمل هذا التاريخ الإيجابي الذي تحدثت عنه، كما أنهما فقدتا جزءاً كبيراً من جمهورهما، لذا فإن هذا الاسم ارتبط في المرحلة الأخيرة بالكثير من المشاكل التي عانت منها الفرقتان، إلاّ أن هذا التاريخ الإيجابي سيعود بالمحصلة على الفرقة الجديدة وما ستقدمه، ولن يهدم ما قدمته فرقتا زنوبيا وأمية، فالفرقة الوطنية للرقص، هي نتاج نفس المؤسسة التي أخرجت قبلاً زنوبيا وأمية وهي وزارة الثقافة.

■ هل تعتقد أنك ستواجه مشاكل شبيهة بتلك التي واجهتها خلال فترة عملك في زنوبيا سابقاً؟

■■ لا أعرف بعد إذ لم تمض سوى أيام قليلة على تسلمي للمنصب، لكنني لا أعتقد أننا سنستمر بآلية التفكير نفسها، فسوف تكون هناك الكثير من المراحل في بناء هذه الفرقة والتي ستبدأ بفحص قبول جديد للمتقدمين إلى هذه الفرق وسيتم الاختيار من هذا الفحص. وبعض هؤلاء المتقدمين هم من الجيل الجديد الذي التحق مؤخراً بالفرقتين القديمتين.. وبعد ذلك ستبدأ عملية التدريب والتأهيل والتي سأتبع خلالها طريقة مختلفة تماماً عما كان سابقاً.

■ هل تعتقد أن فرقة «إنانا» للرقص سوف تكون في موقع منافسة مع الفرقة الوطنية، خاصة وأنها كانت بديلاً للفرقة الوطنية في فترة سابقة في تمثيلها لسورية في المحافل الخارجية وبدأت  تحتل حيزاً واسعاً ضمن الأطر المؤسساتية؟

■■ لا أعتقد أن هناك مجالاً للمنافسة.. لعدد من الأسباب أولها أن الفرقة السورية سترتكز على التراث بشكل رئيسي، وستؤسس لتكون الفرقة التي ستمثل سورية رسمياً بفنها الشعبي، مع بحث لتقديم عروض أكثر حداثة بالتدريج. بينما أصبح لإنانا أسلوبها الخاص وإسمها ولا أعتقد أنه سينقص على إنانا أي شيء وخاصة أنها قد فتحت عدة منافذ  على الخارج، ولن تكون في موقع تنافس مع الفرقة الوطنية.

■ ما هو مستقبل الرقص في سورية؟

■■ لن يكون هناك مستقبل حقيقي للرقص في سورية حتى يكون للراقص مكانه الصحيح على الخريطة الفنية السورية، ويكون له دور فاعل ومستقل كما للمسرح دوره الخاص والمستقل.

وأرى في تأسيس دائرة الفنون الاستعراضية خطوة إلى الأمام، كما أن الرهان على قسم الرقص التعبيري في المعهد سيؤتي الكثير من النتائج الطيبة في مراحل لاحقة، خاصة بعد أن دخلت تسمية (راقص باليه) إلى نقابة الفنون.. وبعد بضع سنوات سيكون الراقص مطمئناً، لمكانته اجتماعياً واقتصادياً، الأمر الذي سيؤدي بالتقدم في مجال الرقص كثيراً إلى الأمام.

■ كيف تقيم تجارب الرقص والفرق الراقصة في سورية؟

■■ أي الفرق تقصد.

■ إنانا، جلنار وغيرها من الفرق على سبيل المثال؟

■■ إنانا هي ظاهرة خاصة اجتمع فيها كادر«شغيل» بقيادة جهاد مفلح وسمحت لها الظروف بعد التحضير لعدة سنوات ليخرجوا بهذا العدد من العروض، وهي فرقة متميزة بالمقارنة مع الفرق الأخرى والتي أسميها فرقاً موسمية، وهي فرق لا تستطيع أن تشكل فرصاً لنفسها كما تفعل إنانا بذكائها.

إلاّ أن إنانا لم تستطع أن تحقق الكثير من شروط العمل المسرحي الراقص، فهذا النوع من الأعمال له قوالبه واشكاله التي لم تطبق  تماماً مع إنانا، كما أننا نلاحظ أن إنانا تستوحي الكثير من أعمال الآخرين ولم تستطع أن يكون لها وجهها الخاص.

 

■ حوار: ع. س