لماذا الإساءة لحفل اختتام المهرجان السينمائي؟

اختتم منذ فترة مهرجان دمشق السينمائي، هذا المهرجان الرائع الذي استضاف السينمائيين والفنانين من أنحاء العالم، وضم أفلاماً منتقاة بعناية وامتاز في كثير من جوانبه بالتنظيم الدقيق.

وسأتوقف هنا عند هفوة تنظيمية بحفل الختام كان لها أثر كبير في نفوس متابعي الحفل، فقد أجري الحفل في قصر الأمويين للمؤتمرات، وتكفلت بولمانات حديثة انطلقت من فندق الشام لتقل المدعوين إلى حفل الاختتام، وبعد انتهاء الحفل وتوزيع الجوائز،  وخروج المسؤولين لم يتبق في الصالة لحضور الفيلم المزمع عرضه سوى عدد قليل لا يتجاوز الـ 40 شخصاً، هؤلاء أيضاً تناقصوا تدريجياً تحت ضغوط المكلفين بحفظ أمن قاعة المؤتمرات وموظفيها، والذين أخذوا يصفقون، ويتكلمون بصوت عال، ويضيئون الصالة، كل هذا لأجل إزعاج الحضور، ودفعهم لمغادرة الصالة، وبالتالي ليستطيعوا العودة لبيوتهم باكراً. وفعلاً فقد انزعج الكثيرون، وغادر بعضهم صامتين والبعض الآخر أطلق صرخة احتجاج قبل مغادرته على هذا السلوك المتبع وبصوت مرتفع أمام الجمهور.

هذه الممارسات إن دلت على شيء فإنما تدل على سوء خلق هؤلاء الموظفين وهذاـ برأيي ـ من غير المسموح به في مثل هذا الصرح الحضاري، ويدل أيضاً على غياب الإشراف الكامل من المؤسسة العامة للسينما على هذا العرض، وإلا لقام المسؤول عن العرض بإيقاف هذه التحرشات؟! لكنهم للأسف اكتفوا بالحضور وأخذ الصور التذكارية مع الفنانين والمسؤولين ثم الرجوع سريعاً لئلا يفوتهم شيء من حفل العشاء المقام بالتزامن مع عرض الفيلم.

أما من صمد في وجه هذه الممارسات السيئة، فقد واجه مشكلة كبرى في العودة إلى المدينة، فبعد أن تناقص عدد الحضور تدريجياً بحيث أصبح لا يتجاوز الـ 15 شخصاً خرجوا بعد انتهاء الفيلم ليجدوا أنفسهم بلا وسيلة نقل تقلهم إلى داخل المدينة، البعض استقل سيارته الخاصة كإحدى الدبلوماسيات وبعض الأشخاص الآخرين، أما من تبقى ـ وعددهم عشرة أشخاص ثمانية منهم مصريون وعلى رأسهم الناقد السينمائي المعروف طارق الشناوي ـ فأخذوا يستغربون عدم وجود حافلة مخصصة لتعيدهم لدمشق، أو على أقل تقدير تنبيههم إلى أن الحافلة الأخيرة العائدة إلى دمشق ستنطلق وهم غير مسؤولين عن نقل من يرغب بالبقاء. قمت بالاتصال بأحد مسؤولي المهرجان على هاتفه المحمول ـ وهو كما وصفه الأستاذ الشناوي رجل طيب وبأنه الرجل الثالث في المهرجان ـ ولأن الصدفة وحدها هي التي جعلتني أمتلك رقم هاتفه المحمول قبل يوم من اختتام المهرجان، فقد أنقذتنا من إحراج كبير يتمثل في المسافة البعيدة جداً عن دمشق والتي لا نستطيع قطعها سيراً على الأقدام! وحين أعلمته بالواقعة وبالأشخاص الموجودين معي، بادر إلى الاتصال بالمسؤولين عن النقل وأرسلوا لنا ميكروباص صغير.

 

السيد وزير الثقافة.. السيد المدير العام للمؤسسة العامة للسينما: نتمنى أن تتم المحاسبة ومعرفة المقصرين الذين أساؤوا للحاضرين وفوتوا عليهم متعة متابعة الفيلم بهدوء، و أن يتم تلافي الأمر في المرات القادمة بأن تلتزموا بالحضور جنباً إلى جنب مع ضيوفكم لآخر لحظة، أو تكليف أحد مسؤوليكم بمتابعة الحفل لنهايته، والسهر على تأمين راحة الحاضرين، والتأكد من عودة الجميع بسلامة إلى المدينة ـ خصوصاً وأن المكان بعيد جداً عن أقرب نقطة سكنية مأهولة، ولا يمكن العودة مشياً على الأقدام ـ وهو أقل الإيمان .