حدث في برلين

حدث في برلين

بعد أن فشلت العديد من الدعوات المباشرة للتطبيع الثقافي مع الكيان الصهيوني، تستمر محاولات بعض المؤسسات الثقافية الغربية، للتحايل على الرموز والنخب الثقافية العربية عموماً والسورية على وجه الخصوص، وزجهم في أنشطة ذات شكل تطبيعي مع الكيان الصهيوني، آخر هذه المحاولات ما حصل مع الفنانين السوريين، أثيل حمدان مدير المعهد العالي للموسيقى سابقاً، وزوجته روان الكردي، وقد أصدر الاثنان بياناً، في ٢٨ ايلول ٢٠١٦ أوضحا فيه ملابسات محاولة التحايل، قالا فيه: 

 

«في شهر آب الماضي، تلقينا، أنا وزوجتي روان الكردي، دعوة من المسؤولة عن تنظيم الحفلات في متحف الفنون الإسلامية للمشاركة في حفلة موسيقية ضمن رباعي وتري يضم موسيقيين اثنين يشاركوننا العزف، من دون ذكر تفاصيل إضافية. وبعد أن أعطينا موافقتنا وقبلنا الدعوة، تبين لنا فيما بعد أن هذه الحفلة تقام برعاية وزارة الخارجية الألمانية، تحت عنوان: «رؤية ٢٠٢٠ :سياسة ثقافية تتخطى الحدود، مقاربة عربية-أوروبية»، يقام بتاريخ ٢٩ ايلول ٢٠١٦ بمشاركة واسعة من بلدان متعددة، ما لم نكن نعلمه عند تلقينا الدعوة.

قام منظمو الحفل بتعريفنا على شريكينا في العزف: غي براونستاين واوحاد بي آري، وقد قيل لنا وقتها أن أحدهما أمريكي والآخر ألماني. لكن، وبعد انتشار خبر الحفل، وصلني تنبيه إلى أن هذان العازفان يحملان الجنسية الإسرائيلية، لا بل إنهما أيضاً إسرائيليي المولد والنشأة، وهذا ما تم التأكد منه. فانتابنا شعور بشرك قد نصب لنا كسوريين، وهو أن نتشارك العزف مع أشخاص إسرائيليين بدون علم منا.

وبناءً على هذه الخدعة الرخيصة التي قد يتعرض إليها كل سوري، فقد قررنا أنا وروان أن نعلن انسحابنا الفوري من المشاركة في هذا الحفل من منطلق وطني لا لبس فيه، وهذا ما أبلغنا به الجهة المنظمة. ونؤكد أنه لن تكون لنا أية مشاركات مستقبلية تمس كرامتنا الوطنية التي نحرص عليها كل الحرص مهما كانت الظروف».

ويذكر أنه سبق انعقاد المهرجان حملة مقاطعة في بيروت، وكان أول المستجيبين لنداء «حملة المقاطعة» في بيروت الوزير اللبناني السابق غسّان سلامة الذي غرّد عبر تويتر قائلاً: « إنّ ‏الاهتمام بأطفال اللاجئين السوريين أمر، واستفادة بعضهم من هذا الواجب لغايات أخرى أمر مختلف. لن أشارك في لقاء برلين ونقطة على السطر»

وفي هذا السياق كتبت إحدى الصحف اللبنانية «تعليقاً على بوست أثيل حمدان الفايسبوكي، رحّب أحد مؤسسي «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان»، سماح إدريس، عبر الموقع نفسه بهذه الخطوة، معتبراً أنّ «مؤتمر برلين التطبيعي يتهاوى... النصر لمقاطعة «إسرائيل». في انتظار انسحاب السوريين الباقين: عروة نيربية، عمار البيك، روشاك أحمد، يارا بدر، طلال ديركي».

بقي أن نشير أن مقاطعة كل نشاط ثقافي له علاقة مع الكيان عدا عن أنه واجب وطني من الدرجة الأولى، هو في الوقت نفسه أحد معايير الانتماء الحقيقي إلى عالم الإبداع، وأن المواقف الرافضة للتطبيع، يجب ألا تكون مواقف عابرة، وخاضعة للاعتبارات الشخصية، أو تنتظر دعوات المقاطعة لتعبر عن نفسها، بل يجب أن تكون جزءاً من كينونة المبدع الثقافية والإنسانية.