«تياترو».. وجهة نظر أخرى

نشرت «قاسيون» منذ عددين مقالاً للفنانة مي اسكاف حول قضية مسرح «تياترو»، وقد وردنا ردّ عليه من السيدة رحاب ناصر، وإننا إذ ننشر هذا الردّ، فانطلاقاً من الأسس المهنية التي تحكم عملنا، لكننا في الحالين لسنا طرفاً في الشّكل الشخصيّ الذي لبسته هذه القضية.. فانحيازنا أولاً وأخيراً لكل ما يخدم الثّقافة الوطنيّة، والمشروع الثقافي الوطني التحرري الذي ما يزال غائباً..

بعد مرور نصف شهر على حملة الاتهامات والشتائم والأكاذيب اليومية التي تطلقها بحقي الممثلة السورية مي اسكاف في الصحف والمجلات وعلى شبكة الانترنيت، سأخرج عن صمتي الذي طال بسبب رغبة والدة مي وأصدقائنا المشتركين بعدم الرد عليها، لأن كذبة «تياترو» قد تجاوزت الحد المسموح به فنياً وإعلامياً..

 

كيف بدأت الحكاية

في عام 2004. التقت الممثلة اسكاف مع الفنان لاوند هاجو مدير فرقة «رماد» للرقص التعبيري واتفقا على تقديم دروس خصوصية في الرقص والتمثيل واستؤجر قبو في منطقة «الشهبندر» لهذه الغاية وسمياه «تياترو»، وقد تم تسجيل 128 طالباً وطالبة في صف الرقص.. ثم وفي أقل من سنة نشأ خلاف بينهما فانسحب لاوند بهدوء وتسرب طلابه معه.. فاستنجدت مي بالمخرج والممثل بسام داوود وقبل بسام بالمشاركة ثم اختلفت معه بعد بضعة أشهر لتخرجه من تياترو مصحوباً بحملة شعواء.. ثم اختلفت بعدها مع صاحب المكان فأنهى عقدها معه قبل نهاية عام 2006.

المرحلة الثانية بدأت مع الممثل المسرحي يوسف مقبل الذي استنجدت به مي لكي يؤمن لها مكاناً في أحد مقار اتحاد شبيبة الثورة بدمشق فأخذها الفنان مقبل إلى منظمة اتحاد شبيبة الثورة حيث التقت مديرة المكتب الفني السيدة عبير الشمالي التي أمنت لها توقيع «عقد عمل» مع دار الشبيبة للفنون بتاريخ 9/1/2007 أعطيت الممثلة اسكاف بموجبه حق العمل واستغلال «قاعتين وغرفة مكتب» في مقرها الكائن بحي القنوات مقابل نسبة 50 % من صافي الواردات وسجلت مي عضواً في مجلس إدارة دار الشبيبة، وتم تخصيص نصف مليون ليرة من ميزانية الشبيبة لأعمال التجهيز والترميم.

بعدما استتب الأمر لمي اختلفت مع الفنان يوسف مقبل ومنعته من تقديم مسرحية «تشيلو» في «تياترو» بدعوى رداءة النص (الذي حصل على جوائز مسرحية فيما بعد).. بعد يوسف اتفقت مع الممثلة المسرحية ناندا محمد لتدريس كورس طلاب ثم اختلفت معها.. بعد ناندا اتفقت مي مع الممثلة زينة ظروف لتدريس طلاب «تياترو» (15 طالباً) ثم اختلفت معها بعد بضعة أشهر لتتفق مع الممثل والأستاذ في المعهد المسرحي جلال الطويل، ثم حدث الأمر ذاته الذي حدث مع الآخرين وأوقفت مي الدورة و.. القائمة، قائمة المختلف معهم، طويلة لأسباب ليس من الصعب فهمها حيث راح تياترو يعرج خاسرا!؟

 

كيف وقعت في المصيدة؟

في أوائل صيف العام 2007 طلبت مي مني مشاركتها في المشروع مناصفة مقابل دعمه وتنشيطه وترويجه وعندما أبديت حذري وتخوفي قالت: أنت صديقتي وتفهمينني أكثر من الآخرين وسنوثق شراكتنا بعقد مكتوب.. في ذلك الوقت كنت قد انتهيت من مشاركتي في التنظيم والإشراف على الفرق الفنية في مهرجان «سورية شباب»، التي تجول في المحافظات السورية، وأمام إعجابي بالمواهب الفنية الشابة التي تطمح إلى تقديم موسيقى سورية جديدة فكرت بتقديم عروضهم في أحد نوادي العاصمة وتأمين رعاية مالية وإعلامية لهم فاقترحت علي «صديقتي» مي أن أقدم عروضهم في «تياترو».. وهكذا اتفقت مع هذه الفرق ووقعت عقوداً معها لتقديم سلسلة عروض أسبوعية، وأمنت لهم «سبونسر» من الشركات الخاصة والتلفزيون ومحافظة دمشق والمؤسسة العربية للإعلان..  وقد نجحت هذه الحفلات واستقطبت عدداً كبيراً من الجمهور إلى المكان ونالت رضى النقاد..

 

النهاية غير السعيدة

بعد مجيئي انتعش «تياترو» مالياً وإعلامياً بعدما دعمته بحملة إعلانات طرقية وفي الصحف ومواقع الأنترنيت وعملت على سقف المكان وإضافة التجهيزات والخدمات إليه من ريع الحفلات وكان مديحها لي بحجم الواردات التي كان جلها يذهب لاستكمال تجهيز الدار والديون المتراكمة بسبب دروس التمثيل، حتى أنها أقنعتني في بداية عام 2008م بالموافقة على طلب إدارة دار الفنون بتوقيع عقد خبرة لتنشيط واستثمار كامل المكان.

لكن سوء الإدارة المالية وإصرار مي على االاستعانة بأحد طلابها كأمين للصندوق وعدم موافقتها على توظيف مختصين بدلا من الطلاب الذين يعملون في الدار مقابل تسجيلهم في الدروس مجانا كان يرهق عملي ويعرقل جهودي، ولما طلبت منها صرف أمين الصندوق بعد تجاوزات وأخطاء عديدة رفضتْ بشدة!؟

التفاصيل طويلة غير أن القشة التي قصمت ظهر البعير كانت نجاح مهرجان «شاعرات عربيات» الذي اقترحته الشاعرة السورية هالا محمد وحضّرنا له طوال شهرين كانت مواقف مي تجاهه سلبية ومعرقلة فأطلقنا المهرجان باسم دار الفنون ونجح بشكل لافت حيث نشرت الصحافة السورية واللبنانية والعربية عشر مقالات تشيد بهذه التجربة الجديدة في استقبال الشعر ونشره وترويجه.

أما الأمر الذي وسع الخلاف بيننا أثناء تحضيرنا للمهرجان فهو إقدامها على شتمي أمام الطلاب والفنانين الذين كانوا يعدون المسرح قبل إطلاق المهرجان بسبب موقفي من سوء الإدارة المالية التي أصرّت على الدفاع عنها. وكان ردي عليها بالقول: أنا سحبت يدي من «تياترو».. ولتخلصي شوكك بيدك.. لقد انتهت الكذبة..

 

هجوم مسرحي ضد المسرح

بعد المهرجان وفي مساء اليوم التالي  - وحسب ضبط شرطة القنوات - ومحضر إدعاء محامي منظمة الشبيبة وشهادة الجيران واثنين من طلاب «تياترو» قامت السيدة مي اسكاف بنقل موجودات الدار (المشتركة) في سيارة سوزوكي وقام اثنان من طلابها بحضورها (أحدهما أمين الصندوق الذي كنت قد فصلته) بتكسير خشبة المسرح وتكسير الزجاج وقطع توصيلات الكهرباء وتمزيق الموكيت وتدمير المكان، وعندما أتيت في اليوم التالي كان المكان خراباً.. مع ذلك لم أستدع الشرطة حفاظا على سمعتها واحتراما لأسرتها التي أكن لها الاحترام، واكتفيت بإعلام منظمة شبيبة الثورة كونها موظفة بعقد عمل معها ولا يجوز لها إنهاءه قبل تقديم استقالتها..

وهكذا غادرت مي اسكاف المكان مع منحة 7000 يورو لتياترو قبضتها من جهة خارجية، وذهبت إلى أحد تجمعات الصحفيين والفنانين وأخذت تصرخ وتنوح: «سرقوا مني «تياترو» بمساعدة السلطة.. «تياترو» مكان الله.. وين بكون بيكون؟!»، مع أن أحداً لم يطلب منها شفهياً أو خطياً المغادرة؟ ثم راحت تنشر تهديدات في الصحف بأنها ستقاضي كل من سيستخدم اسم «تياترو» مع أن أحدا لم يفعل!! ثم غيرت تصريحاتها بعد أسبوع لتزعم بأنها هي التي تركت المكان (لأن بعضهم كانوا يريدون حرف «تياترو» عن مسيرته؟!) ولم أفهم كيف يمكن لمهرجان شعري أن يشكل انحرافاً ؟

 

أخيراً

أنا الآن أعمل على برنامجي الثقافي كمديرة لدار الفنون، وآمل من السيدة مي اسكاف أن تتابع نهضتها المسرحية مع «تياترو» بدلاً من تخصيص كامل وقتها لشتمي واتهامي في مقاهي دمشق والإنترنيت،فمشكلتها مع اتحاد شبيبة الثورة التي كانت تعمل معه، وأنا لست حزينة سوى على أولئك الطلاب الذين أضاعوا أربع سنوات من عمرهم في «تياترو» ولم يحصلوا على شهادات أو يصبحوا ممثلين مسرحيين..