قصة في البلاد

كان أمام منزلي تماماً. رأيته بعدما هبطت من سيارة الأجرة التي أقلّتني. كنت منتشياً، ومستعداً لأن أصفر بفرح، وأنا أتجه من أوّل الحارة، لو لم أره.. ما الذي يفعله أمام المنزل؟

نفس السؤال كان قد كسر علي فرح ليلة مشابهة، ذلك عندما رأيت سيارة تقف تحت المنزل، وتهيّأ لي أن رجالاً داخلها، ينظرون إلى شبابيكه. وآنذاك لم اقترب حتى مشت السيارة، والتي عرفت فيما بعد أنها كانت تنتظر امرأة تسكن بعيداً، و توقفوا عند منزلي، لكي لا يثيروا انتباه الآخرين.

لكنْ  ما الذي يفعله أمام منزلي في هذا الليل.. لم أجرؤ على الاقتراب، عبرتُ إلى الطرف المقابل، وراقبته عن بعد، وكان ما يزال قرب الباب يتحرك ببطء، دون أن يبتعد.

وجيف قلبي يعول. والرغبة بأن أصفر فرحاً طارت تماماً، كذلك كانت نشوة الشراب.. وهو ما يزال قرب منزلي، يتلفت، ويتحرك ببطء، دون أن ينتبه، مشيت عن بعد متطلعاً إليه، وكان ما يزال..

وحين انتبهت إلى عامل التنظيفات، الذي يقترب منه بعربته، كاسراً صمت المكان، أحسست بنوع من الجرأة.. قلت:

سأتقدم، وليحصل ما يحصل، خاصة وأنّ الخوف أشعرني بالتعب، وذكرني بالرغبة في الاستلقاء سريعاً في الفراش، لكن هل لاحظ عامل التنظيفات حالتي وهو يتقرب؟.. ذلك لأنّه رمى إليه بشيء. وعندما ركض نحوه يتشممه، وهو يحرك ذيله، حينها تظاهرت بأنّ ما حدث لا يعنيني، وأنا أدعي تلك الخطوات الواثقة باتجاه الباب الذي لم يعد أمامه أحد.

■ جميل حتمل

(حين لا بلاد)

آخر تعديل على الأحد, 20 تشرين2/نوفمبر 2016 22:28