سامي أبو عاصي سامي أبو عاصي

نعمان أفندي قساطلي في: «الروضة الغناء في دمشق الفيحاء»

الكتاب صدر عام 1876، ويقدم دراسة شاملة عن مدينة دمشق أما في البداية فإنه يتحدث عن (الشام) بلاد واقعة بين 3430 و3730 من الطول و3110 و3034 من العرض الشمالي. وقد قسم بعضهم الشام إلى خمس شامات، إحداها دمشق وسواحلها والغوطة.

ويصف سكانها بأنهم أقوياء البنية، ويورد دراسة إحصائية عن عدد سكان دمشق بذلك الوقت ومن كافة القوميات والأديان والمذاهب المتفرعة عنها. أما عند تاريخ مدينة دمشق فيروي ما قاله المؤرخون ليتوصل بأن باني هذه المدينة والوقت الذي بنيت فيه من الأسرار التي عجز الباحثون عن كشفها.

«في تاريخ استيلاء العثمانيين على دمشق وإلى وقتنا الحاضر» وهو أكبر الفصول، ويروي فيه نزاع السلاطين على حكم دمشق ويدون بأن أهالي دمشق قد تعرضوا لطاعون عظيم هلك به خلق كثير منذ سنة 1758 إلى سنة 1761، وهواء أصفر بتموز سنة 1854 فمات به نحو 130 ألف نفس، وعاودها سنة 1875 واستمر مدة شهرين فمات به تسعة آلاف ومئتين.

وفي سنة 1831م كان على دمشق والٍ يدعى سليم باشا، وفرض ضريبة وأجبر الأهالي على دفعها للخزينة وفرضها على المخازن والدكاكين وفيما بعد ثار الأهالي فالتجأ إلى القلعة، وعندما نفذت مؤونته اضطر إلى أكل الدواب فنفذت، بدون أية يرى نافذة للفرج، ونهايته مات صريعاً وأخذوا جثته وعرضوها للناس فرجة.

ويذكر بإبراهيم باشا وإصلاحاته حيث جعل دمشق عاصمة سورية وأقام فيها مجالس القضاء وقرر حق التملك ومنع الرشوة والمحاباة وفي ولايته أخذ يتقاطر السياح إليها وقد كان الأجانب يمنعون من الدخول إليها من قبل.

ووفق التقرير الرسمي سنة 1871 كان عدد دور دمشق نحو 14696 داراً لكل الطوائف، أما عدد كنائس دمشق فإنه يذكر بأن لكل طائفة من طوائف النصارى في دمشق كنيسة أو أكثر. أما كُنس اليهود العامة فعشرة، أما الجوامع فيبلغ عددها نحو 153 جامعاً ومنها الجامع الأموي وهو من أكبر جوامع المسلمين، وأقدمها، وجامع المصلى في باب المصلى ويقال بأنه أول جامع بني في الإسلام بناه أبو عبيدة يوم كان محاصراً دمشق.

وفي دمشق ما ينوف عن مئة وعشر قهاوي، وثمن فنجان القهوة بها بغير سكر خمس بارات، فيقصدها الناس لأجل التسلية والاجتماع بعضهم ببعض.

ويدون « قساطلي » إن دمشق تروى من سبعة أنهر وهذه الأنهر تتفرع من واحد في الأصل هو نهر بردى، أما هواؤها فهو جيد حسن في كل الفصول إلا الخريف فإن الهواء فيه يتغير ويصير مضراً بالصحة، وفي فصل «المعارف في دمشق» يذكر بأن مدارس النصارى كانت تدرس فيها العربية والتركية والفرنساوية واليونانية والجغرافيا والحساب وكانت مدارس المسلمين تدرس العلوم الدينية واللغة والفقه ومبادئ القراءة.

وقد كان في دمشق جمعيتان أدبيتان هما (رباط المحبة) و(التاريخية) ويركز على أنهما لم تكونا تتعرضان للمسائل السياسية.

وهناك فصل هام بعنوان «في حكومة دمشق ومتعلقاتها» يورد فيه إن واردات جزية ولاية سورية هي، بحسب نشرة الحكومة سنة 1288هـ، قد بلغت 67541936 قرشاً، ومصروفها 34958933 فالدخل يزيد عن الخرج كثيراً ولكن لالتزام الخزينة بالقيام بالمصاريف الحجازية، وسوء الإدارة الناتجة من عدم استقامة بعض المأمورين وقعت الخزينة تحت ديون باهظة جداً تبلغ نحو 600 ألف ليرة، ويقول بأن إيرادات الخزينة لو حفظت لكانت ضعف ما يصل إليها. فإن رامت الحكومة إجراء الإصلاحات في بلادها لا يجب أن تهتم للمصاريف اللازمة لذلك، لأن ضبط الأموال بواسطة الرجال الأمناء يوافيها بزيادة دخل تفوق ما تلتزم لزيادته في أجور مأموريها، وبزيادة العمران الذي يتبع الإصلاح يزداد الدخل لأن سورية بلاد ذات ثروة طبيعية، يُستبعد الحصول عليها إلا بإجراء الإصلاحات اللازمة كاستقامة الحكام وحفظ النظام وما أشبه ذلك.