لينا محمد لينا محمد

حسام الدين بريمو لـ«قاسيون»: ليست مهمة الثقافة خدمة المؤسسات الربحية

بريمو في سطور:
• وكيل المعهد العالي للموسيقى
• مؤسس كورال لونا
• يدرِّس موسيقى الحجرة والصولفيج في المعهد العالي للموسيقى
• يعد من أبرز الموسيقيين السوريين العاملين في مجال الكورال والإنشاد الجماعي.

• ما هو المشروع الفني الذي تحاول أن تقدمه من خلال أعمالك؟
تعلمت الموسيقى في الكنيسة، وأحببت الكورال وفن الأداء الجماعي فيها. هذا الحب سكن بداخلي، فشعرت بحاجة ماسة لأن أنشر وأعمم هذا الفن الذي تعلمته في الكنيسة، فإذا كنت مسيحياً داخل الكنيسة، فأنا خارجها مواطن عربي سوري أولاً وأخيراً.
مشروعي هو نقل جماليات الكورال الكنسي إلى خارج جدران المعابد، لكي تتواجد على خشبات المسارح، فتتحول إلى فن شعبي مع الوقت... أنا أرى  أن الشعب السوري يتقبل الأنماط والأشكال الفنية الجديدة، ويجب أن ألفت النظر إلى أن الفن الإسلامي قد عرف أيضاً نمط الكورال من خلال فرق المنشدين.
 
•  ضمن ثورة الاتصالات والمعلوماتية التي نشهدها حالياً، مع كل ما يرافقها من تلوث سمعي، هل فقدت الموسيقى قيمتها كوسيلة اتصال؟
الموسيقى والغناء وسائل اتصال قديمة. وفي عصر التكنولوجيا والاتصالات السريعة، لم تفقد الموسيقى أهميتها كوسيلة اتصال، بل على العكس اكتسبت إمكانيات جديدة، فبفضل وسائل الاتصال نستطيع تسويق الموسيقى بشكل واسع. لا أقصد بالتسويق هنا المعنى التجاري للكلمة. بل أعني أن ثورة الاتصالات أعطتنا الإمكانية لإيصال موسيقانا إلى أوسع شريحة ممكنة من المستمعين.

•  كيف تُقيِّم ثقافة المواطن السوري الموسيقية؟؟
ثقافة المواطن السوري  الموسيقية ليست متطورة كثيراً، لكنه يمتلك مخزوناً موسيقياً راقياً، ورثه بفضل الكثير من الممارسات الفنية التي عرفها مجتمعنا. فنحن نعرف مثلاً كيف نصغي لموسيقى  العود والقانون والناي. فهذه الآلات مرتبطة بممارسات اجتماعية ودينية استمرت عبر قرون طويلة.
وبرأيي الشخصي فإن للرحابنة وفيروز دوراً كبيراً في صياغة الذائقة الموسيقية السورية، ولولا  تجربتهم الإبداعية لكانت الذائقة الموسيقية لدينا مختلفة، وبناءً على هذا فأنا أرى أننا  نمتلك ذائقة موسيقية راقية، رغم أننا لا نمتلك ثقافة موسيقية متطورة.
 
• الوسيلة الأساسية التي تحاول أن توصل من خلالها رسالتك الفنية هي فرقة لونا، أرجو أن تحدثنا قليلاً عن هذه الفرقة..
فرقة لونا هي تجمُّع مؤلف من خمسة كورالات وأوركسترا صغيرة، وهي مشروع قديم راود ذهني طويلاً، لكن تحقيقه دفعة واحدة كان صعباً، لذلك جزّأت تنفيذه، فأسست مع عدد من الأصدقاء الخريجين والطلاب في المعهد العالي جوقة اسمها «قوس قزح» في عام 1999، وبعد أن وقفت الفرقة على قدميها، أسست في عام 2003 فرقة «ألوان» للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 - 13 عاماً، بعد ذلك أسست فرقة «ورد» في عام 2004 وهي مكونة من المراهقين  الذين كبروا في ألوان، ثم أسست فرقة شام وأعمار أعضائها أكبر من أعمار أعضاء فرقة قوس قزح. وآخر فرقة أسستها  كانت فرقة  «سنا» في عام 2007، وهي مخصصة لأطفال أعمارهم أقل من 6 سنوات.  أما فرقة «ندى» وهي اوركسترا صغيرة خاصة بالكورالات الخمسة، فقد أعلنَّا وجودها في عام 2008، لكنها تعمل منذ تأسيس فرقة قوس قزح.
 
• ما مدى إيمانك بإمكانية تمازج الموسيقى الشرقية مع بقية أنواع الموسيقى في العالم؟؟    
بعد أن وحَّد باخ السلم الموسيقي، بدأت أنماط الموسيقى تتقارب من بعضها في كل العالم. أما في الشرق فبفضل الديانتين اللتين سكنتاه منذ ألفي عام (المسيحية والإسلام) وُحدت المقامات الموسيقية عن طرق الموسيقى الدينية، وتوحَّد أسلوب طرح الموسيقى على هذا المقام أو ذاك، فأصبح التمييز مثلاً بين الموسيقى الفارسية و الموسيقى العربية أمراً صعباً. اليوم لدينا مقامات الآذان (حجاز أو رصد أو بيات)، وهذه المقامات وحدت الموسيقى بكل الدول التي يُرفع فيها الآذان. ولدينا أيضاً ترانيم الفصح المبنية على (الهزام)، والموجودة بكل كنائس الشرق، وكذلك أغاني عيد الميلاد المبنية على (العجم)، وهذان المقامان وحّدا كل المسيحيين في العالم. فعولمة الدين أدت إلى عولمة الفن.
 
• ما مدى الاهتمام الذي تلاقيه فرقتك، وهل تتلقى الدعم من جهات إنتاجية أو تمويلية؟
 لم تأتنا أية عروض لدعم فرقتنا، لسبب بسيط هو أننا لا نستطيع أن نخدم أي شخص يملك نقوداً، نحن لسنا مشروعاً يهدف إلى خدمة الشركات، بل نحن مشروع تنموي ثقافي. التنمية والتربية والثقافة لا تستطيع أن تخدم المؤسسات الربحية، وكورال مثل فرقة قوس قزح يقدّم نوعاً صعباً وراقياً جداً من الغناء... من هو التاجر الذي سيسوق بضاعته من خلال فن يؤديه فنانون من شرائح عمرية صغيرة؟!! الذي يملك النقود اليوم يبحث عن الفن الذي يطال أكبر شريحة ممكنة ليستطيع تسويق منتجه عن طريقه، لأن الشركات التي تدعم الفن هي بالأساس تدعم نفسها من خلال الفن. لذلك تبحث عن اسم لامع لكي تدعمه، وهو بالأصل لا يحتاج إلى دعم... أنا لا أقدم ذلك النوع من الفن. عندما بدأت مسيرتي الفنية، كنت أعرف أن نوع الفن الذي أقدمه لا يشجع أصحاب رأس المال على تقديم الدعم لمشروعي.
نحن نعتمد على أنفسنا حتى نقف على أرجلنا، لذلك لست بحاجة إلى جهة دعم ما لكي تمولني، لأني أستطيع أن أمول فرقتي ومشروعي بنفسي. وموضوع الدعم يهمني فقط من أجل الانتشار الجغرافي، بمعنى أنني كي أستطيع أن أقيم حفلة في اللاذقية مثلاً، أحتاج إلى دعم، ولكنني لا أحتاج إلى الدعم لكي أكون موجوداً على الساحة... فأنا موجود دون دعم.
ولكنني رغم هذا لا أستطيع إنكار دور المعهد العالي للموسيقى الذي يقدم لنا مكان التمرين. وهذا بحد ذاته دعم مادي ومعنوي كبير.