نبيل محمد نبيل محمد

LOL - وحاجة الجمهور إلى التفاهة

لم يكن من أهداف برنامج «LOL» الذي أطلق منذ عدة أشهر على فضائية «OTV» تحريك قاع ما، أو إثارة قضية سياسية أو دينية أو إعلامية معينة، إلا أن الظروف وحركة البرنامج جعلت منه في مقدمة البرامج المثيرة للجدل، على صعيد الإعلام العربي، بل أصبح مسألة جدلية يتم نقاشها على مختلف الشاشات الفضائية العربية، مع العلم أن مضمونه أتفه من أن يشكل قضية ما.

ببساطة يعمل البرنامج على تقديم «النكت» التي يتناقلها الشارع، والتي يحمل بعضها طابع الخصوصية بفضل المكنون الجنسي أو الديني أو السياسي لها، ويعمل البرنامج على تعميم حالة النكتة وجعلها مادة إعلامية خفيفة، تجذب المشاهد لا بفعل مضمون هذه المادة، بقدر ما هو هروب من سلطة شاشة الدم والإزعاج اليومي والمادة ثقيلة الظل على ذهن وروح المشاهد، ليتجه الجمهور إلى ما هو خفيف لا يستدعي استخدام الحواس الخمس في تلقيه والحصول على المتعة اللحظية لا أكثر، بالإضافة إلى الوجوه «خفيفة الدم» أو «السكسي» التي يستضيفها البرنامج لتحمل مع مقدمي البرنامج مهمة تقديم النكتة بصيغة مثيرة وحركية، إلا أن تصاعد حدة «الفلتان» في النكت وصل أوجه في سهرة رأس السنة، بمقدار لم يستطع رجال السياسة والإعلام التغاضي عنه، خاصة عند التطرق بالنكتة إلى الشخصيات الدينية على لسان مقدمي الحلقة والضيوف إيلي أيوب، مي سحاب، مما أثار قضية البرنامج كمادة إعلامية، وجعله موضوعاً للنقاش في أعلى المستويات السياسية والإعلامية في لبنان، وهذا أسهم من حيث لا يدري القائمون عليه في تسويق البرنامج، خاصة بعد مناقشته في برامج اجتماعية وسياسية مهمة مثل «للنشر» على فضائية «الجديد»، ومن ثم عملت فضائية«OTV» على تسويق برنامجها من خلال الدفاع عنه واستضافة الوجوه الإعلامية للحديث عنه، جاذبة بذلك الكثير من المعلنين لتقديم سلعهم من خلال ساعات بث هذا البرنامج الطويلة مساء كل أحد، ليصبح أيضاً بفعل هذا الجدل مقدما البرنامج من الوجوه الإعلامية المهمة والمكررة في مختلف البرامج، مع العلم أن قدراتهما الإعلامية لا تتجاوز طرح نكتة والتصفيق لها.

وبعد تمعن بقية الفضائيات بالضجة التي أثارها هذا البرنامج تم تقديم النسخ المعدلة عنه، مثل برنامج «كلمنجي» على فضائية LBC، وبرنامج «أهضم شي» على فضائية MTV، لتستمر من خلال هذه البرامج محاولة تتفيه قيمة المادة الإعلامية، وتسخيف ساعات البث التلفزيوني لإيصال مادة مضحكة ومضحكة فقط، إلا أن هذه اللاقيمة التي نراها بشكل مباشر قديمة الحضور على شاشاتنا بصور مختلفة وإنما غير مباشرة، تظهر من خلال الكليب والبرنامج المنوع والإعلان وحتى بعض البرامج السياسية التي تدّعي أنها هادفة، إلا أن LOL وسواه كان لهم زمام المبادرة في طرح مادة لا جدوى تذكر منها، لكنها في النهاية واضحة ومباشرة تتجاوز صفاقة بعض البرامج واستخفافها بالجمهور ومحاولة تمرير اللاقيمة بشكل غير مباشر، لذا فمن الواجب وضع إشارات الاستفهام منذ زمن طويل أمام الكثير من برامجنا قبل أن نستهدف نكتة تتم تلاوتها أمام الكاميرا.

آخر تعديل على السبت, 09 تموز/يوليو 2016 13:45