موعد مع وديع سعادة

 سنكون، الشهر القادم، على موعد خاص مع الشاعر الكبير وديع سعادة الذي سيزور سورية ويقرأ من شعره في دمشق وطرطوس (سيُعلن عن المواعيد لاحقاً)، كما سيقوم بتوقيع «الأعمال الشعرية» التي أصدرتها له دار «النهضة العربية» في بيروت.

لقاء وديع سعادة حدث ثقافي بامتياز، فهو الساحر الذي جعل كثيراً من أعقد الأسئلة الوجودية أناشيد سهلة وسلسلة، مستلهماً قوة الحياة في الروح الإنسانية رغم استناد نصه إلى مرجعية ثقافية متعددة الأبعاد.

منذ ديوانه الأول «ليس للمساء إخوة» وليس انتهاء عند «تركيب آخر لحياة وديع سعادة» ونحن أمام مشروع شعري ثري وجاد، بنى نفسه بأناة الأنفاس، ودون جعجعة وضوضاء. ولعل اعتكاف وديع للشعر فقط، وسكناه أوستراليا، جعلا الصحافة الثقافية تتجاهل تجربته الهامة على صعيد قصيدة النثر العربية.

يقول الشاعر شوقي بزيع: «يرى وديع سعادة إلى الحياة بوصفها لحظات هاربة باستمرار ويتعذّر إيقافها والقبض عليها بالجسد أو الحواس. وهو لا يعرف ما يفعله إزاء ذلك النهر الذي لا يتوقف قليلاً لكي نتملى من مياهه أو نسائله أو نتّحد به. كل ما نستطيعه هو الاحتفاظ بجرعات قليلة من السعادة أو بلقطات متفرقة من مشاهدها ما تلبث أن تتراجع باتجاه النسيان أو تتحوّل إلى برق خاطف وسط الظلمة المهيمنة. يتقدم الشعر في هذه الحالة لا ليوقف النهر عند حد ولا ليمنعه من ان يصب في محيط الموت بل ليمنع الحياة من التشظي واصلاً قدر المستطاع بين شتاتها المتباعد والتماعاتها النائية. وليس من قبيل الصدفة على الإطلاق أن يعطي الشاعر لمجموعته السابعة عنوان "محاولة وصل ضفتين بصوت"، وأن يعطي لمجموعته الأخيرة عنوان "رتق الهواء" حيث يشترك العنوانان في المعنى نفسه تقريباً ويتبدّى الإلحاح إياه على كون الشعر وسيلة ناجعة للمّ شمل الحياة ووضع أشلائها المتناثرة في نسق أو سياق».

من كتبه: «مقعد راكب غادر الباص»، «نص الغياب»، «بسبب غيمة على الأرجح».. ومن الجدير بالذكر أن شاعراً بوزن سعادة لا يجد ناشراً يتبنى آخر أعماله «تركيب آخر لحياة وديع سعادة» ما حدا به إلى نشرها الكترونياً، كنوع من الاعتراض على انشغال دور النشر بالكتب المضمونة الانتشار على حساب الإبداع الحقيقي.