ربما ..! علم الوراثة السوريّ

من العجب العجّاب، في الأوساط الثقافية والفنية السورية، استشراء الحالة العائلية، بالمعنى الوراثي للكلمة، فالأب الكاتب يرغب في جعل أبنائه مبدعين، وكذلك الرسام والسينمائي والمغني.. إلخ. بناء على تفشي هذه الحمى لن يقبل الممثل المرموق بالموافقة على عرض ما دون أن يرتبط ذلك بحصول ابنه على دور إلى جواره، حتى لو تطلب ذلك تغييراً في بنية النص!! والأب الصحافي سيبذل كل ما بوسعه ليحجز زاوية لابنه أو ابنته في كبريات الصحف، وعلى القراّء احتمال المفاجأة في عمود رئيسي دون سابق إنذار!!

العجب العجاب أكثر أن هؤلاء الأبناء البررة لا يمرون بالمنحدرات والمنعطفات والمطبات التي يجب أن يمر فيها من يطمح إلى الوصول لمكان ما تحت شمس هذه الحياة، فعلى الفور يجدون مقاعدهم محجوزة وكأن الإبداع كالمُلك قابل للتوريث!! تخيلوا فتى يافعاً في الثامنة عشرة من عمره يخرج فيلماً قصيراً دون أية صعوبات تذكر، فالسيد الوالد لكونه مخرجاً معروفاً يكفي اسمه ليفتح له كل الأبواب، في حين ان شاباً آخر، من دون ميزة اسم الأب، يتلظى ويتلظى دون التمتع بالوقوف إلى جانب كاميرا، لو من باب التفرّج!

لا شك أن هناك الكثيرين قد جعلتهم الأجواء العائلية على استعداد نفسي وفكري لخوض مغامرة الإبداع، مما يعني أن الحديث هنا يقتصر على تلك الفئة التي تفسح المجال للابن دون أي اعتبار لمعنى الكفاءة.

لك، فقط، أن تتأمل يرعاك الله، كما كان يقول البجيرمي، لتعرف أن المحسوبيات الثقافية والفنية لا تقل خطورة عن سواها بوجود أبناء الذوات.

ذات مرة كتب الزميل راشد عيسى في هذا الموضوع.. كان مقالاً بكائياً جداً، صارخاً جداً، عنا وباسمنا، نحن اللقطاء.. نحن الذين بلا آباء!!

رائد وحش

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.