رحيل الروائي السوري ياسين رفاعية

رحيل الروائي السوري ياسين رفاعية

رحل القاص الروائي السوري ياسين رفاعية في بيروت عن عمر يناهز 82 عاماً. تميز رفاعية، وهومن أهم الكتاب الذين تنوّعت مؤلفاتهم من قصص وروايات وشعر ودراسات، بغزارة إنتاجه، وكان يعتمد على تجربته ويحول ما خبره إلى قصص وحكايات يعيد اختراعها، ويوظفها في توليف الحكايات.

 

 ولد رفاعية في دمشق عام 1934، لعائلة فقيرة. في حي العقيبة الدمشقي اكتشف قسوة العيش وواجه الحياة وجهاً لوجه كان والده صانع كعك في أحد الأفران، وقد أغلق هذا الفرن في الحرب العالمية الثانية لعدم توافر الطحين، مما اضطره للتنقل بين عدة أعمال فعمل في مطلع شبابه حارساً ليلياً وعتالاً.. الخ،  بدأ مشواره الأدبي، فكتب قصته الأولى عن يوميات ماسح أحذية كان يعرفه عن قرب، وأرسلها إلى مسابقة كانت قد أعلنت عنها مجلة «أهل النفط» في بغداد التي يديرها جبرا إبراهيم جبرا، فحصدت الجائزة الأولى.

بعد صدور مجموعته القصصية الأولى، تحول إلى العمل الصحفي، فعمل محرراً أدبياً، ومن ثمّ سكرتير تحرير لمجلة «المعرفة»، فمديراً لمكتب صحيفة «الرأي العام» الكويتية في بيروت. أسس مجلة «سامر» للأطفال وترأس تحريرها لسنتين. وتزوج من الشاعرة أمل جراح (1945 ــ 2004)التي ترك رحيلها أثراً بالغاً في نفسه حاول مداواته بغزارة كتابية حتى أيامه الأخيرة.

«الحزن في كل مكان»

منذ مجموعته الأولى «الحزن في كل مكان» (1960)، حاول رفاعية التركيز على  التجربة الحياتية للناس البسطاء والغارقين في أوحال الأزقّة المهملة فكتب عن نماذجها البشرية واصفاً ومعرياً  بؤسها وعشقها وخيباتها. 

بعد ذلك أتبعها بمجموعة ثانية أكثر نضجاً هي «العالم يغرق» (1963). حيث أشخاص هامشيون وبسطاء في شوارع تضج بالحياة، لا يجدون مكاناً لهم وسط الجموع، وأحلامهم المؤجلة التي يصعب تحقيقها، يهتف بطل قصة «العالم يغرق»: «الصخرة ثقيلة. الصخرة ثقيلة. وسيظل العالم في انحداره الأبدي يغرق في بحرٍ آسن»..

 تذهب قصص ياسين رفاعية الذي وصفه بعض المقربين منه بنهر من الحكايات يمشي على قدمين، إلى الكثافة والاختزال وتحيط بعوالم مغلقة وغنية،  تتكرر مفردات مثل: القسوة والفجيعة والعدم والموت والمقابر: «أشعر كأنني ولدت على فراشٍ من شقاء» يقول مع «الرجال الخطرون» (1979). لكنه يبلغ في «العصافير» (1980) النبرة الشعرية ذاتها، ذروة منجزه القصصي لجهة الابتكار والكثافة التعبيرية. 

«الحرب الأهلية اللبنانية»

حضرت بيروت ووقائع الحرب الأهلية في القصص المحكية لياسين رفاعية، وشكلت خلفية عدد كبير من كتبه، إذ تسرب ثقل الحرب اللبنانية إلى أحداث رواية «الممر» (1978). التي تعتبر وثيقة مهمة في نفض الغبار عن تلك الحرب، أما في «رأس بيروت» (1992) التي حملت اسم المنطقة التي عاش فيها فقد تتبع رفاعية يوميات الحرب، وقدم رصداً لمصائر الناس في رأس بيروت وتفاصيل الاجتياح الإسرائيلي للمدينة.

يأخذنا رفاعية في «امرأة غامضة» (1993). إلى الثمانينيات، آخر مراحل الحرب الأهلية. وفي «دماء بالألوان» (1988)، يقف الرسام وديع الخال أمام حياته التي دمرتها أشباح بيروت بعدما خسر لوحاته ودفاتره وأوراقه.

 

من مؤلفاته:

قصص: «الحزن في كل مكان» (1960) و «العالم يغرق» (1963)، و «العصافير» (1974)، و «العصافير تبحث عن وطن» (للأطفال 1978)، و«الرجال الخطرون» (1979)، و«الورود الصغيرة» (للأطفال (1980)، و«الحصاة» (1983)، و «نهر حنان» (1983).

شعر: «جراح» (1961)، و «لغة الحب» (1976)، و «أنت الحبيبة وأنا العاشق» (1978).

روايات: «الممر» (1978)، و «مصرع الماس» (1981)، و«دماء بالألوان» (1988)، و «رأس بيروت» (1992)، و «امرأة غامضة» (1993)، وغيرها.