خليل صويلح خليل صويلح

عن المكتوبجي

هل يختفي «المكتوبجي» بزيه القديم وحواسه المستنفرة لكل ضمة وفتحة وكسرة وإشارة تعجّب في نصِ ما؟

المقصود بالمكتوبجي هنا هو الرقيب العصملي الذي كان يراقب الصحف بعدسة مكبّرة، عسى أن يلتقط عبارة هنا، وكلمة هناك، ووأدها على الفور. الحديث عن قانون إعلام جديد في سورية، يحتاج إلى هيكلية أخرى، تضع في صلب اهتمامها، ما وصل إليه الإعلام من انفتاح ورحابة في مناقشة القضايا الملحة التي تخص الشارع. وتزيح الغطاء عن بئر الفساد، ذلك أن الصحافة النزيهة والجريئة هي الخندق الأول لحماية أي مشروع وطني. ينبغي أن نعترف أن الفساد لا يطال المسؤول الفاسد فقط، بل الصحفي الفاسد أيضاً، لأنه شريك معلن في تحسين مواصفات صفقة ما، ولطالما قرأنا معلّقات في مديح هذا المسؤول أو ذاك، لنكتشف لاحقاً، أن المدّاح حصل على مظروف ما، أو على سيارة من مؤسسة المسؤول، وأحياناً يحصل على مخصصات شهرية. يحتاج الإعلام أيضاً إلى رؤية عصرية للتطور المذهل الذي أضافته الصحافة الالكترونية في فضح انتهاكات بالجملة، فيما لا تزال بعض الصحافة الورقية تغرّد بمزايا مضادة، لا يصدقها أحد. الوثائق هي المدماك الأول لأية مادة صحافية، ولكن ماذا لو تحوّلت الوثيقة التي يمتلكها الصحفي إلى ورقة مساومة للمسؤول؟ هذا يحصل كثيراً، وفي وضح النهار، وفي المقابل لا ننفي وجود من يرفض بيع وثائقه، في سبيل إعلاء شأن الحقيقة، ووضع بصمة في تاريخه المهني.

لا نريد قانون إعلام مليء بالثغرات، يصنعه إداريون في غرف مغلقة، فالأمر يحتاج إلى مائدة مستديرة للنقاش، تحمي الصحافي، مثلما تدافع عن الحقائق، وتحترم القارئ في المقام الأول.

هل سنستيقظ قريباً على صحافة محلية تنافس الصحف الوافدة؟

هذا ما نأمله بالتأكيد، فمحاربة الفساد بكل جبهاته تحتاج إلى مانشيتات شجاعة، وليس إلى كلمات متقاطعة يصعب حلها. أو إلى بلاغة جوفاء تدعو إلى التثاؤب.

هل سيختفي القارئ الذي يقول باطمئنان: أنا لا أقرأ الصحف المحلية؟

 

■ khalil.s@scs-net.org