مهرجان السينما الأوروبية: القمع بسيناريوات كثيرة
بانة بيضون بانة بيضون

مهرجان السينما الأوروبية: القمع بسيناريوات كثيرة

احتفالاً بعيده العشرين، يعيد تقديم بعض روائع الفن السابع كأفلام لارس فون تراير، وأمير كوستوريتسا، وفريتز لانغ، فيما يضع بانوراما واسعة من الإنتاجات الجديدة التي تقارب مراحل تاريخية محددة، أو مواضيع الحبّ المثلي مع خرق للسينما الأميركية المستقلة، متمثلة بجيم جارموش، ومشاركة فلسطينية مع خليل مزين.

«وضعية الولد» للروماني كالن بيتر ناتزر، «باربرا» للألماني كرسيتيان بتزولد، و«حياة أديل» لعبد اللطيف قشيش و«قطار ليلي إلى لشبونة» للدانماركي بيل أوغست ونحو 37 من الإنتاجات الجديدة ستعرضها «متروبوليس أمبير صوفيل» ضمن «مهرجان السينما الأوروبية 20» الذي تنظمه بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان، بالتعاون مع سفارات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

 

يُفتتح المهرجان بـ«وضعية الولد» (21/11 ـ س:22:00) الحائز «الدب الذهبي» في «مهرجان برلين». كورنيليا أم متملكة ترفض انفصال ابنها عنها وخروجه عن سيطرتها. يتورط الابن في حادثة ويدخل السجن، فتسعى الأمر إلى إخراجه بكل الوسائل، رافضة الاستسلام. رغم نياتها الحسنة وسعيها المستميت إلى إطلاق سراحه، إلا أنها ليست مستعدة بعد لتحريره من عبء حبها التملكي الذي هو سجنه الأكبر. تؤدي الممثلة الرومانية لومينيتا غيورغهيو دور كورنيليا ببراعة، مجسدةً كل أبعاد هذه الشخصية المعقدة بسطوتها وهشاشتها المفرطة في آن واحد. يتميز الفيلم بإيقاع حيوي في التقطيع والكاميرا المحمولة والكادرات المقربة، بما يحاكي اضطراب الحالة النفسية للبطلة وصراعاتها الداخلية.

 

مع «باربرا» (21/11 ــ س:20:00 و26/11 ـ س:22:30) لكريستيان بتزولد الذي حاز «الدب الفضي» لأفضل مخرج في برلين، نعود إلى ألمانيا الشرقية عام 1980. تؤدي نينا هوس البطولة، مجسدةً شخصية باربرا الطبيبة التي تُطرد من المستشفى الذي تعمل فيه في برلين الشرقية وترسلها السلطات إلى مستشفى صغير يطل على بحر البلطيق أشبه بمنفى لأنها أعلنت رغبتها في مغادرة جمهورية ألمانيا الديموقراطية. منذ البداية، تحيّرنا شخصية باربرا بغموضها وحدتها الظاهرية التي تؤديها هوس ببراعة لافتة. الطبيبة التي تبدو قاسية وبعيدة، سرعان ما نتعرّف إلى شخصيتها التي تتسم بالرقة والمثالية مع تقدّم الشريط. هو نفسه الغموض الذي يلف شخصية باربرا يوظفه كريستيان بتزولد في طريقة الإخراج. تنكشف حقيقة الأحداث والشخصيات تدريجاً ويستغل سينمائياً التناقض بين الطبيعة الريفية الهادئة وهول القمع العنيف المستتر الذي يمارسه الستازي (جهاز الاستخبارات في ألمانيا الشرقية سابقاً) في الخفاء لقمع الأفراد. هكذا، يختار المخرج البطء في الإيقاع الدرامي والكاميرا الثابتة والكادرات الواسعة التي تزيد التوتر الدرامي وتحاكي حالة الجمود والحصار التي تعانيها الشخصيات في سجنها الكبير في ألمانيا الشرقية. الصراع نفسه الذي تعيشه باربرا بين واجبها طبيبةً وحلمها بالفرار، نراه في فيلم آخر سيعرض ضمن المهرجان، هو «قطار ليلي إلى لشبونة» (24/11 ــ س: 20:00 و28/11 ـ س:22:30) ولو في إطار مختلف. الفيلم المقتبس عن رواية للكاتب السويسري باسكال مرسييه من إخراج بيل أوغست، يؤدي بطولته الممثل المعروف جيريمي أيرنز. رايموند (جيريمي أيرنز) بروفسور سويسري يلمح امرأة مجهولة عند الجسر على وشك الانتحار، فيهرع لإنقاذها، لكنها تختفي فجأة تاركة معطفها الذي يجد فيه كتاباً للبرتغالي أماديو دو برادو وتذكرتي قطار إلى لشبونة. يقرر رايموند الذهاب إلى لشبونة حيث يغوص في عالم الكاتب والطبيب الراحل أماديو ويجمع القصص الذي يسردها أصدقاؤه وأخته ليعيد بناء هذه الشخصية الفريدة بين اهتمامها بالأدب ودراسة الطب وانخراطها في المقاومة ضد حكم سالازار الديكتاتوري. من خلال سيرة أماديو، يضيء الشريط على فترة حكم سالازار الديكاتوري في البرتغال، لكن رغم قسوة الأحداث، فهو يحتفظ بجانب شاعري في السرد يظهر من خلال تساؤلات أماديو كما في الرواية الأصلية. رغم الكلاسيكية النسبية في التقطيع والإخراج، إلا أن القصة الغنية وبراعة الممثلين تجعلان الفيلم رحلة فريدة. ومن إحدى مفاجآت المهرجان فيلم جيم جارموش الجديد «وحدهم العشاق بقوا أحياء» (1/12 ـ س: 20:00) الذي يشهد ظهوراً مميزاً للفنانة اللبنانية ياسمين حمدان في مشهد تغني فيه. الفيلم يروي قصة حب رومانسية تدور أحداثها ضمن وسط فني ثقافي باستثناء أنّ الأبطال هم مصاصو دماء، الأمر الذي يصوره المخرج الذي يعتبر من روّاد السينما المستقلة الأميركية بسخريته المعتادة كتفصيل اعتيادي، مجسداً ببراعة قدرته على الابتكار والخروج عن التقليدي والمألوف. يعرض المهرجان أيضاً شريطاً وثائقياً للفلسطيني خليل مزين بعنوان «غزة 36 ملم» الذي يتناول إغلاق الصالات السينمائية في قطاع غزة، إضافة إلى فيلم «وحده الله يسامح» (23/11 ــ س:20:00) للمخرج الدانماركي نيكولاس ويندينغ ريفن قبل عرضه تجارياً في الصالات اللبنانية.