دولة الإخوان والمنطلقات النظرية والفكرية حول المشروع السياسي لسورية المستقبل

دولة الإخوان والمنطلقات النظرية والفكرية حول المشروع السياسي لسورية المستقبل

دولة الإخوان الاقتصادية

 

هذا مربط الفرس، فهذا قلب البرنامج السياسي الحقيقي للجماعة (الإخوان) فالجماعة ترفض الاقتصاد الاشتراكي والرأسمالي وما بينهما. البديل هو الإسلامي، فلنبحر في هذا الاقتصاد.

إنه الذي يحل القيم محل قوى السوق الخفية والقيم هي: (الواجب، الإحسان، الشفقة، تجنب العيب والحرام). إضافة إلى حث المسلمين على العمل. والوسطية في الاستهلاك، ويرون أن مشكلتنا الاقتصادية عدم الإيمان، وجوهر عدم الإيمان هو الربا. ثم يقررون أن الغُنم بالغُرم. وقاعدة الاستخلاف الشهيرة: المال مال الله، وقاعدة التكافل وهي الزكاة والصدقة والوصية والوقف والكفارات.

والآن ننتقل مباشرة إلى التطبيق العملي في سورية.

تقر الجماعة أن هنالك أزمة اقتصادية في سورية، وأن 22% من السكان يعيشون تحت خط الفقر.

وترى الجماعة السبب في:

أ) التخطيط المركزي.

ب)  تخلف القوانين.

ج)  وجود القطاع العام.

د)  نمو اقتصادي متأرجح.

ه)  نقص في برامج التنمية البشرية.

و)  غياب محركات السوق في حماية المستثمر.

ز) ضعف كبير في قطاع المعلومات.

والحل الإخواني هنا:

الانتقال إلى اقتصاد السوق المفتوح والمحافظة على قطاع النفط والغاز والثروة المعدنية كقطاع عام فقط.

تشجيع القطاع الخاص ــ جذب رؤوس الأموال السورية من الخارج والعالمية أيضاً، خصخصة القطاع المصرفي، رفع القيود عن رؤوس الأموال، الانتقال للاقتصاد الإسلامي بإقامة بنوكه ومؤسساته ومنها الزكاة.

 

نحو العولمة

هذه هي الخطوط العريضة لاقتصاد دولة الإخوان، ما المشكلة إذاً؟ هي أن هذا النظام ليس اقتصاداً مختلفاً عن غيره. ولنتابع. إنهم يرغبون باقتصاد السوق المفتوح، أي التحرير الاقتصادي تماماً من أية قيود توضع أو توجد الآن لحمايته من الكارثة. هو أكثر تطرفاً مما يوجد الآن. الآن فتح السوق جزئياً في سورية أدى للانتقال إلى تحرير التجارة الخارجية جزئياً مع بقاء الضرائب المرتفعة على الواردات، أي أقل بكثير مما يطلبه الإخوان. (أدى إلى انتقال الميزان التجاري من فائض 666 مليون دولار عام 2000 إلى عجز قدره 3500 مليون دولار عام 2005)، والبداية هذه سهلة إذا قارناها ببقية الكوارث. الدكتور منير الحمش ــ ندوة الثلاثاء الاقتصادية 20/3/2007، قاسيون العدد /299/.

إن الجماعة (الإخوان) توافق على العولمة. وجوهر العولمة اتفاقية الجات كما أسلفنا. فما تأثير ذلك على الصناعة عماد الاقتصاد؟!

إن الانفتاح الجزئي واستيراد نصف المفتوح سوف يؤديان الآن إلى إغلاق مائة وعشرين ألف منشأة صناعية (قاسيون العدد 298) إذا اقترضنا اقتصاد السلطة الإخوانية فسيتضاعف هذا العدد أي سوف تخرج من السوق منشآت الصناعة التي تشغل معظم عمال سورية في الصناعة. أي ستدمر الإنتاج الصناعي الصغير والمتوسط لعدم قدرته على المنافسة الجدية مع الإنتاج الأجنبي.

وسيرافق ذلك قرار الإخوان بإلغاء القطاع العام، وهذا أيضاً إغلاق لمعامل تشغل عشرات ألوف العمال، وعدا الأثر الاجتماعي للإلغاء الذي سنعود إليه، فإن حرمان البلاد من القطاع العام الصناعي والإنشائي سيجهز على بقية القطاع الصناعي ككل، أي أن سورية ستصبح عارية تماماً من مركز قوتها الاقتصادية الرئيس.

ومن غير المفهوم لماذا التركيز على إلغاء القطاع العام، فهذا القطاع مع الفساد يعطي ناتجاً إجمالياً قدره 50% من الدخل الوطني. (د. قدري جميل، الإصلاح الاقتصادي بين الأبيض والأسود).

والمطلوب إيقاف الفساد وليس الإلغاء، لأن أي بلد نام لابد له من حماية إنتاجه حتى يقف الاقتصاد على قدميه، وهذا ما فعلته الدول الكبرى جميعاً بحماية الإنتاج المحلي حتى قوي فسمح بالاستيراد. (بريطانيا، أمريكا، اليابان، كوريا الجنوبية.. إلخ).

ولا أفهم الرغبة في إلغاء القطاع العام في ظل حجة فساده، فإذا كان الإخوان يرون أنفسهم نظيفي الكف وهم سيقودون الاقتصاد مستقبلاً حسب زعمهم، فإن القطاع العام لن يصبح فاسداً، وسترتفع حصته من الدخل الوطني إلى 70 ــ 80%، فهل ندمر هذا الإنتاج؟!

هناك حلان، إما أن الإخوان لا ثقة لهم بنظافة كف رجالهم، أو أن الهدف من تصفية القطاع العام ليس فساده، بل استكمال الإجهاز على الصناعة الوطنية تنفيذاً لتعليمات العولمة ولخدمة البورجوازية التقليدية التي ستشتري هذا القطاع وتستغل الأرباح الناجمة عنه بدلاً من بقاء الأرباح في خزينة الدولة وجيب البيروقراطية إلى جيب التجار الكبار ثم خزائن الغرب؟!

ولا يعقل أن نعتمد على أن تقوم البورجوازية بإنشاء صناعات جديدة بدلاً عن المغلقة (120 ألف منشأة) وما سيضاف عليها بعد توسع السوق المفتوحة، وتدمير القطاع العام، فرأس المال القادم (إذا أتى) سيكون ذا طابع ريعي (عقارات، فنادق)، وليس ذا طابع إنتاجي، وهو لا يقدم أي تقدم للتصنيع في البلاد حيث تشترى عقارات وتبنى عقارات وتباع، ثم يتم شفط الأرباح إلى خارج البلاد بالقطع النادر مما يخفض قيمة العملة السورية ويشفط القطع النادر الذي يجب أن يوجه للتصنيع، فتصبح بلا تصنيع ولا قطع نادر.

وهناك حتماً صناعات ستقام، ولكن أية صناعات، إنها غالباً ذات الربحية العالية ورأس المال البسيط، أما الأكثر تقدماً فسوف تتوجه إلى شركات شرق آسيا حيث الشروط الموضوعية أفضل: (بدون ضرائب تقريباً، مهارة العمالة، انخفاض الأجور نسبياً، دعم الدولة... إلخ).

ولا توجد لدينا إمكانية لمنافسة هذه الشروط، فلا نستطيع إعفاء هذه الصناعات من الضرائب إذا قبض الإخوان على السلطة وفتحوا البلاد وألغوا القطاع العام، لأننا نكون قد خسرنا للتو معركتنا الاقتصادية التي تركت الاقتصاد على شفا الموت، ولا نستطيع إعفاء الرأسمال الأجنبي وأخذ ضرائب من الصناعة الوطنية حيث ستغرقها البنوك الأجنبية فوراً.

ولا نستطيع منافسة العمالة الماهرة التي أصبح لديها خبرة عميقة في الإنتاج الصناعي ذي التقنية العالية ولا بأجورها الأرخص نسبياً منا (في مجال العمالة الماهرة النادرة لدينا).

وكما أسلفنا، وفي ظل السوق المفتوحة ستنهك الصناعة السورية وسينسحب ذلك على كل القطاعات الاقتصادية الخدمات والتجارة والزراعة.. حيث سوف تغيب أجور العمال عن السوق مع البطالة الناجمة عن السوق المفتوحة.

وهذا يعني إضافة أعباء جديدة ناجمة عن اقتصاد السوق المفتوح إلى الزراعة حيث يؤدي (المفتوح) إلى سلسلة من التفاعلات عليها، منها دخول الرأسمال الكثيف للزراعة بشراء الأراضي الواسعة والأتمتة. ونستطيع أن نخمن من سينتصر في حرب الأسعار التالية الفلاح أو الرأسمالي. التجارب المشابهة حطت بالفلاحين إلى الحضيض.. ومنها كوارث وقف تدخل الدول في الزراعة. ولنأخذ مثال: القمح: يقدم دعم للقمح بمقدار 20% تقريباً والمفتوح تعني وقف هذا الدعم وترك الاقتصاد حراً..

 

تداعيات رفع الدعم..

إذا رفع الدعم سترتب النتائج التالية:

1) انهيار الإنتاج السوري لغياب الدعم حيث أن سعر القمح عالمياً /9.50/ ل.س وتشتريه الدولة بسعر /12.30/ ل.س لأن الزراعة تصبح خاسرة، فالاستيراد أوفر.

2) سوف تتصاعد تكلفة الرغيف على المواطن مترافقة مع البطالة الشاملة.

3) ستخسر سورية فوراً المداخيل بالقطع الأجنبي الناجمة عن تصدير مليون طن من القمح وهي فائض الإنتاج.

4) ازدياد البطالة المتوقع من انهيار الإنتاج، فوحدة الأرض الكافية لإعالة عائلة سيرتفع، وسيحتاج فلاح نموذجي إلى ضعف مساحة الأرض التي كانت تكفيه سابقاً مع المحاصيل غير المدعومة في ظل منافسة الشركات الزراعية الكبرى سورية أو أجنبية.

وهذا غيض من فيض، حيث يؤدي تمركز الرأسمال الزراعي إلى أرباح هائلة ستخرج من سورية كالعادة مما يفقدنا المزيد من القطع النادر، بينما كان الدخل الزراعي المتأتي من الزراعة سابقاً يستهلك محلياً، وهذا يدعم قطاعي الصناعة والخدمات، وطبعاً فإن موجهي اتفاقية الجات والمستفيدين منها لن يرفعوا دعمهم الزراعي الذي يصل أحياناً إلى ½ ثمن السلعة، وأحياناً أقل (أمريكا، أوروبا... إلخ). والطريف أن حكومات دول العالم النامي تشتكي من حقيقة أن أجهزتها القانونية لم تستطع تفسير الاتفاقية (الجات)، وأنها توقع عليها دون فهم، بكل بساطة، فقد تقصدت المراكز المالية الكبرى ذلك بتعقيد الصياغة والإغراق في الحجم.

أما بقية المحاصيل الإستراتيجية: (القطن والتبغ والشوندر وقصب السكر..)، فإنها ستتعرض أيضاً للضغوط الناجمة عن (المفتوح)، ولن نطيل لعدم الوقوع في مطب التكرار.

وقطاع الخدمات يأتي في مقدمة القطاعات التي سوف تتضرر من (المفتوح).. صحيح أنه يؤمل باستفادته قليلاً من زيادة السياحة (المأمولة) ولكن القطاع يعتمد بشكل كامل تقريباً على إنفاق الرواتب والأجور التي يأخذها مجمل العاملين في القطاعين الخاص والعام، وهذا الدخل سوف يغيب (البطالة) أو ينقص تحت تأثير البطالة التي تجعل العامل يقبل بأي أجر حتى لو كان تحت مستوى تجديد جسمه ليستطيع العمل في اليوم التالي، وهذا ليس مجهولاً حيث ينتشر هذا النوع من الأجر في كل بلاد العالم النامية التي اتجهت للاقتصاد السوقي المفتوح.

ولن نستطيع في ظل المفتوح استخراج النفط وطنياً واكتشافه وتكريره، لأن هذا يستلزم ادخار شامل وسلامة الاقتصاد الذي يوفر هذا. ومع الاقتصاد المفتوح سوف ينهار الادخار العام، وبالمنطق فإننا سوف نسلم القطاع إلى الشركات الأجنبية عكس ما كان يؤمل بالتقدم بالاقتصاد نحو السيطرة على النفط مع تنظيف القطاع العام من الفساد.

 

النموذج المصري

ولكي لا نطيل النقاش لنستعرض حالة مصر التي سبقتنا إلى اقتصاد السوق الأقل انفتاحاً من اقتصاد السوق المفتوح الإخواني.

فالذي يتبين اليوم مثلاً من تجربة مصر أنها بركضها وراء الانفتاح خسرت أمنها الوطني ولم تربح اقتصادها.. لندع الأرقام تتكلم:

1) اشترى الرأسمال الأجنبي 64% من شركات القطاع الخاص والعام التي بيعت بين الأعوام 1998 ــ 2002.

2) تمركز الاحتكار الخاص في الحديد والأسمنت والدواء والأسمدة والفحم.

3) سيطرة الشركات الأجنبية على النشاطات ذات الطبيعة الاستراتيجية كالأسمنت والصناعات المعدنية كما توجهت بقوة نحو مشروعات الآمن الغذائي حيث اشترت أسهم 36 شركة.

4) كل زيادة قرش واحد في سعر الجنية تؤدي إلى ازدياد دينها الخارجي 670 مليون جنيه أي أنه خلال السنوات الأربع الأخيرة انخفض سعر صرف الجنيه 54% وزادت الديون أوتوماتيكيا 21 مليار جنيه.

5) انخفضت معدلات النمو إلى 1 ــ 2%.

6) العاطلون عن العمل 6 ملايين، 94% من قرى مصر محرومة  من الصرف الصحي ويقطن 13 مليون مواطن في مناطق سكن عشوائي مخالفة.

7) الهاربون بأموال البنوك من رجال الأعمال الجدد سرقوا 45 مليار دولار بينما توقف عدد آخر منهم عن سداد 40 مليار دولار ديون، اي عملياً نهب 25% من أموال المودعين الضعفاء في بنوكهم.

8) نصيب الفرد من اللحمة يومياً 12.5 غرام. (د. قدري جميل الإصلاح الاقتصادي بين الأبيض والأسود).

أوردنا هذه المعلومات بقصد الرد على افتراض أن السوق المفتوح يحتاج إلى وقت ليعود إلى التوازن بعد إلغاء القطاع العام وفتح السوق أمام البضائع والاستثمارات وهي النظرية الشائعة حيث تطلب الحكومات من الشعب الانتظار لكي يبدأ بقطف ثمار الانفتاح.

ولن نستطيع الاعتماد على وعد الإخوان بأن (فمن جاء بالنفط إلا الله) بل على مبدأ حديث الرسول : (اعقل ثم توكل).

 

دستور دولة الإخوان

تستند الرؤية الدستورية لهذه الدولة على بناء دولة عربية ــ إسلامية مطلقة. والدستور كما هو معروف عبارة عن عقد توافقي بين الناس، وهذا العقد لا يسمح بطغيان جزء من المجتمع على بقية أجزائه، ولذلك يتضمن إلزامياً إمكانية العيش المشترك بين جميع ألوان الطيف الوطني، ويحفظ حق الجميع بممارسة عقائدهم وتنظيم ذلك بفصل السلطات أولاً، وهي التشريعية والتنفيذية والقضائية بإقرار الديموقراطية التي تسمح بهذا الفصل وتنظيمه.

وبهذا فإن حق اختيار العقيدة الفلسفية أو الدينية أو القومية أو السياسية عموماً يكون حقاً دستورياً، ويكون حق اختيار المنهج التعليمي والتربوي أيضاً حقاً دستورياً، وحق استخدام وسائل الإعلام وحيادها، وحياد القوانين بين أطياف المجتمع.. لا طغيان وجهة نظر الأغلبية النسبية أو الكبيرة على صياغة القوانين بما يوافق رؤيتها هي حق دستوري، وحق ممارسة أطياف المجتمع حياتها بحرية دون موانع مستمدة من عقيدة الأغلبية حق دستوري.

وهذه الحقوق الدستورية لا يستطيع القانون أن يبدلها أو ينص على ما يخالفها، فإذا نص على ذلك تعتبر باطلة أصلاً، ولا يستطيع القاضي تطبيقها بدعوى مخالفة الدستور الذي هو القانون الأساسي، تستمد منه القوانين لا تخالفه.

وهذه الحقوق الدستورية تحقق العدالة وهي الناجمة عن التوافق والمساواة، بينما سيطرة أتباع مذهب إسلامي أو غير إسلامي متطرف على السلطة وصياغة دستور يوافق تطرفه، وبالتالي تكر السبحة نحو صياغة القانون بالروح نفسها، فإن هذا يكبل القضاء عن الرقابة على القوانين والأسوأ لتشريع الإبادة (دمهم وعرضهم ومالهم).. فهذا حق ناجم عن القوة لا عن عدالة.

ومهمة الدستور تنظيم وحدة المجتمع والصراع بين الناس. ينظم الوحدة فيما اتفقوا عليه للتعايش المشترك، ويحدد الحد الأعلى الذي تستطيع فئات المجتمع تحمله من تقييد حريتها من أجل الآخرين.

فالعلمانيون يحترمون حق الآخرين في العبادة والعادات ونشر الدعوة سلمياً.. والمتدينون يحترمون حق العلمانيين بفصل الدين عن الدولة. فإذا بغى طرف منهم على الآخر، بأن لم ينص الدستور على هذا الحق ونص على حرمان العلماني من ممارسة حريته، أو حرمان المتدين من ممارسة طقوسه بسلام، فإن أطراف المجتمع سوف تأكل بعضها بعضاً وهو ما نسميه الحرب الأهلية.

وكذلك إذا كان المجتمع مؤلفاً في الطرف المتدين من طوائف ولم ينص على حريتها المطلقة في الدستور، أو أديان فيها طوائف أو قوميات متعددة.

والمجتمع السوري يحوي كل هذا وأكثر بكثير. فيه قوميات مختلفة وأديان مختلفة ومذاهب متنوعة، وعلمانيون يشكلون طيفاً واسعاً في هذا النسيج. لذلك تكون نصوص الدستور التي تنظم الوحدة في المجتمع لازمة. خاصة إذا رجعنا لحقيقة أن المجتمع أيضاً ودائماً ينقسم لغني وفقير.

ومهمة الدستور تنظيم الصراع بين فئات المجتمع، وذلك لأن المجتمع كائن حي متغير يتفاعل مع الحياة. فإذا نُظّم الصراع بين الفئات في الدستور استناداً لمبادئ العدالة فإن الصراع يبقى سلمياً.

أما إذا نظم الصراع على أساس إعطاء الحق دستورياً لفئة من المجتمع بالانفراد بالرأي والهيمنة على أطراف المجتمع كافة وتحويله جزئياً باتجاه عقيدتها، فإن هذا يؤدي إلى فعل ورد فعل متوال، أي تدمير المجتمع...

فإذا بني الدستور بتعداد الطوائف الديني والقوميات وسيادة قسم على قسم تتبع بعضها بعضاً كمجموعات من الناس بطريقة عصور الانحطاط. ونص على حق (حق وليس عدالة) طائفة من هذا الموزاييك أو قومية منه بالهيمنة الشاملة على كل أطياف المجتمع، فإن هذا غير قابل للتطبيق طبعاً، فإذا طبق لمصلحة هذه الفئة وقد جمعت بين التطرف الطائفي والقومي والرأسمالي (السوق المفتوحة) سينجم عن هذا تلقائياً مقاومة وممانعة حتى من، أو بالأحرى، خاصة من المسلمين السوريين المشهورين بدينهم السمح، ومن كل فئات المجتمع السوري، وخاصة الفقراء الذين ستأكل البورجوازية الجديدة من على موائدهم ما سيتبقى من فتات بعد تسليم الاقتصاد السوري للأجانب كما أسلفنا.