قبلَ قليل  زارني لينين
رائد وحش رائد وحش

قبلَ قليل زارني لينين

قبلَ قليل زارني لينين.. فرحنا نخطّط للثّورة وإسقاط الكرملين على رأس القيصر..

لينين بالسّكسوكة والمعطف الجوخ، زارني ليقول: «ما العمل؟»، شددّته إلى النّافذة ليرى الشغّيلة مشغولين بانتظار شغل.. قلتُ: «العمل تأمينُ العمل يا رفيق».. قال: «فلتكن الثورة عملاً!!».

ها هم الشغّيلة متعبون يغنون للسّمراوات والبيض الأغاني ذاتها،

ها هم يلعنون التّعب ويشتمون العمل وربّه..

ها هم مثلما هم..

يأتون وكأنّهم يولدون توّاً من دبر الأحياء الميتة،

الأحياء التي دكاكينُهَا غرفٌ من بيوت أصحابها،

الأحياء التي تتساوى فيها حياةُ القطط وحياةُ السكّان..

ها هم العشاق..

انظرْ، كلّ غرفة هي الكرملين..

انظرْ، كلّ حديقة هي ساحة حمراء..

العشّاق ثوّار حتى في شرب الشاي، حتى القبلة، حتى العناق، حتى الانتظار، حتى ركوب السّرفيس، الحبّ هو الثورة والعمل.. يا رفيق»..

«عليك بالشّاي يا رفيق»..

«ليكن شايّاً أحمر كالدم، كراياتنا، هاهاها»..

«ريثما ننهي احتساء الشاي ستقوم الثورة»..

«ويعود اتحاد العمّال والفلاحين بيتَ العائلة، تتأسّس نقابة الحريّة، ويصبح الشارع برلماناً.. حتّى السّماء تغدو ملكيةً شعبيّة»..

«وقتها سيكون العالم لنا، نحن الذين نرى العدالةَ حقيقة العالم.. نحنُ الّذين نولدُ منك لنحبّك، ونحبُّك لتولدي منّا بلاداً يا بلادُ»..

يختفي قبلَ غليان الإبريق، فأقلب المكان بحثاً وقلبي يصرخ: لينينُ.. لينينُ، ومع الالتفاتة الأخيرة أرى آخره يتماهى بأوّل بخار الشاي..

أشربُ كوبي والصمت دمدمةٌ في الرّأس: ما العمل؟؟ ما العمل؟؟

• من مجموعة «عندما لم تقع الحرب»