اعرف عدوك

اعرف عدوك

بعد هدوء السعير الدولي بخصوص العدوان الامريكي على سورية، يتناول المقدم الأميركي الشهير«جون ستيوارت» الحديث عن الموضوع في «البرنامج اليومي» الخاص به.

وبالنسبة للأميركيين تحمل الدقائق الخاصة ببرنامج «جون» الكثير، وقد لاقت نجاحاً منقطع النظير منذ انطلاقتها عام 1999، وهي اليوم من أكثر العروض التلفزيونية مشاهدة وتحميلاً من على شبكة الانترنت، على الرغم من اختلاف وجهات النظر حول ما يطرح خلال وقت العرض.
 وإذا أجرينا مقارنة صغيرة بينه وبين نسخته العربية «باسم يوسف» المقدم الشهير لـ«البرنامج »، نكتشف أن  هذا الرجل لم يحظ بشعبية النسخة العربية. قد يكون عائق اللغة هو السبب.. أو ربما منعتنا القوالب الفكرية المعادية لكل ما هو أميركي من التمعن بما قد يقوله الآخر. وإن كان ذلك انطلاقاً من الحكمة الأزلية «اعرف عدوك»، على الأقل.
 البرنامج الذي يصف نفسه على أنه برنامج إخباري مزيف، ويستمد سخريته من قصص الأخبار والرموز السياسية والمؤسسات الإعلامية وأحياناً يتناول قصصاً من «البرنامج» نفسه، فهو يبدأ عادة بمونولوج يقدمه المذيع «جون» يلخص فيه آخر الأحداث السياسية مع مقارنات تلخص وجهات النظر الإعلامية عن الموضوع ذاته.
كما يتم تخصيص الفقرة الأخيرة لمقابلة مع ضيف مميز قام بتأليف كتاب أو صناعة فيلم وثائقي أو موسيقي أو فنان أو ناقد سياسي.
لم يسلم أحد من سخريته.. مهما علت مرتبته في هرم المسؤولية. ربما كان مدفوعاً لفعل ذلك بسبب "غيرته الوطنية وخوفه من انزلاق بلاده إلى حرب جديدة". أو ربما كان مدفوعاً له،  بسبب  تسلط الماكينات الإعلامية الخاصة بالسياسات الحزبية في إطار «مسرحية» أمريكية محلية تدعى الديمقراطية، يتم من خلالها  الضحك على الرأي العام الأمريكي.
في إحدى حلقات هذا البرنامج استضاف جون شخصية تخيلية تدعى «أرتشيبالد مابسالوت الثالث» (Archibald Mapsalot III) وهو انعكاس صادق لشخصية المستعمر الغربي الجشع والمندفع للهيمنة المطلقة على العالم.. ثم جعلنا نكتشف من خلال المتابعة الدقيقة  بأنه تعبير معاصر عن «مارك سايكس».. الطرف البريطاني لمعاهدة سايكس بيكو المشؤومة .. حيث تقوم هذه الشخصية بتبسيط حملات الاستعمار القديمة وإعادة قولبتها بأسلوب جديد يسمح بإعادة التقسيم بالعنجهية ذاتها التي تمتع بها المستعمرون القدامى في أطار ساخر وذكي جداً يوصل الكثير الكثير من الرسائل..
المثير للاهتمام صدور هذه الحقائق من قلب الولايات المتحدة الأمريكية بينما يتغافل أصحاب القضية وبكل صفاقة عما يجري منتشين باستعراض القوى المهين على السواحل وفي عرض البحر..
يؤكد  السير «أرتشيبالد» في استهزاء مبطن بالحقيقة القديمة-الجديدة في معرض رده على سؤال «جون» حول المغزى من التدخل الدائم في نزاعات العالم العربي بهدف إعادة ترسيم الحدود:
«لا شيء يحترمه العرب أكثر من يد قوية بيضاء حازمة ترسم خطوطاً عشوائية وتعيد ترتيب ولاءاتهم القبلية السخيفة!». وهنا ربما من المهم التأكيد على صحة مقولة «اعرف عدوك».