محاكمة الألف عام
د.هلا المصري د.هلا المصري

محاكمة الألف عام

في أوائل التسعينيات خلال جلسة أصدقاء، ضحكت من قلبي عندما أخبرني أحد الأصدقاء من أمريكا اللاتينية أنني إرهابية لأني عربية، وأجبته أن دماغه مغسول من كثرة مشاهدة الأفلام الأمريكية.

اليوم و نحن في عام 2013،  في زمن العولمة، أصبحت أدمغة الشعوب مغسولة في الغرب وفي الشرق كلٌ على طريقته. هناك يدفعون شعوبهم ضدنا، وهنا يدفعوننا ضد أنفسنا عن طريق تحويل الفكرة إلى واقع. عندما ننظر إلى التاريخ ما بعد الحديث، نستنتج أنه لا بد من التحضير النفسي للرأي العام، قبل بدء أي حرب يشنها الغرب. لا بد من تحديد «العدو» والتعريف عن «الخطر الكامن» و ذلك لجعل أي عدوان وأي حصار للحريات الشخصية مقبولاً. حتى لو لم تصدق شعوب الغرب في البداية جميع الأكاذيب، لكنها في النهاية تنام ونفوسها مطمئنة دون الشعور بالذنب عندما تبرر حكومتها العدوان، «نحن في النهاية ندافع عن أنفسنا و عن حضارتنا».


«محاكمة الألف عام» لكاتبه تشارلز هيل، الصادر عن مجموعة  هربرت وجين دوايت المتخصصة بالإسلاميين والنظام العالمي.
 كتاب عن الإسلام وعن الإسلاميين بالذات وهو موجه للقارىء الغربي، يرفع فيه من قيمة «النظام العالمي» ويحدد في القطب الآخر عدو هذا النظام وهم الإسلاميون و يؤكد على ضرورة محاربة أمريكا خاصة والغرب بشكل عام لهذا «الخطر».

يتحدث الكاتب قائلاً: «قال المصري سيد قطب، وهو شخصية رئيسية في عالم الإسلام السياسي والذي أعدم من قبل النظام العلماني في وطنه في عام 1966 : «لا يوجد للمسلم جنسية باستثناء معتقداته الدينية». على مدى عقود، رفض العقائديون  الإسلاميون قبول الحدود والمسؤوليات التي وضعها النظام الدولي».

 في محاكمة الألف عام، يصور تشارلز هيل حرباً إسلاميةً طويلةً ضد النظام الدولي العالمي ويضع الإسلاميين في «مكانهم التاريخي الصحيح»، وهم الذين تبين أنهم ليسوا سوى أحدث تحدٍ للمتطلبات التي قد وضعتها الدول على أنفسها منذ نشأة النظام الدولي عام 1648.

يصف المؤلف الحروب العديدة ضد النظام العالمي على مدى القرون الحديثة، الثورة الفرنسية والحروب النابليونية، والحربين العالميتين الأولى والثانية، والحرب الباردة، ويعطي وجهة نظر تاريخية «فريدة من نوعها» للتحدي الإسلامي في القرن الحادي والعشرين في إيران وأفغانستان وما وراءهما. ويستنتج أن أمريكا  «يجب ألا تتخلى عن قيمها» و لا ينبغي لها التراجع عنها، من خلال اعتبار قيمها مساويةً لأي قيمٍ لحضاراتٍ أو ثقافاتٍ أخرى في العالم.
الخطوة الأولى -كما يقول- هي «التعرف على المشكلة أو العدو» ومن ثم محاولة تطوير طرق للتعامل مع «أعداء النظام العالمي».