زياد الرحباني: تعاون موسيقي واعلامي مع روسيا
وسام متى وسام متى

زياد الرحباني: تعاون موسيقي واعلامي مع روسيا

بحلول نهاية الشهر الأول من العام 2015، يخطو الفنان اللبناني المبدع زياد الرحباني خطوة بالغة الأهمية في مسيرته الموسيقية، التي انطلقت في مطلع السبعينيات من القرن المنصرم، حيث من المقرر أن يغادر لبنان إلى روسيا، في خطوة يتوقع أن تفتح آفاقاً جديدة للتعاون على المستويين الموسيقي والإعلامي.

 كان يُفترض أن يغادر زياد الرحباني (60 عاماً) بيروت إلى موسكو قبل نهاية العام الحالي، لكنه فضّل تأجيل هذه الخطوة، رغبة في إقامة بعض الأمسيات الموسيقية في بيروت، بحسب ما قال لـ"نوفوستي"، والمشاركة في فعاليات الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني، الذي ينتمي إليه فكرياً وتنظيمياً.

يقول الرحباني "فضلت التأجيل قليلاً، ربما ما نقوم به اليوم يفيد بشيء هنا، قبل الانتقال إلى روسيا، وقد أبدى الجانب الروسي تفهمه لهذا التأجيل، وتم تحديد موعد مبدئي للسفر في التاسع والعشرين من كانون الثاني المقبل، وهو موعد أعتقد أنه مناسب، خصوصاً أنه يأتي بعد فترة الأعياد".

يبدو الرحباني، في حديثه إلى "نوفوستي"، متحمساً جداً لفكرة السفر إلى روسيا، خصوصاً أن هذه الخطوة تفتح آفاقاً واسعة للتعاون الثقافي والفني.

وفي هذا الإطار، يقول الرحباني إن "هذا التعاون بدأ عملياً في لبنان، حين اقترحت إدارة المركز الثقافي الروسي عليّ خلال الصيف الماضي المساهمة في برمجة نشاطات المسرح، وإقامة عدد من الأمسيات، بما في ذلك الحفلات الموسيقية الصغيرة، وببطاقات سعرها مقبول نسبياً، بما يجعل أي نشاط موسيقي مدعوم من المركز الثقافي، بصرف النظر عن وجود راع تجاري SPONSOR من عدمه، وكانت هذه فكرة ممتازة، ولا يمكن أن تقوم بها إلا جهة رسمية".

يستفيض الرحباني في شرح أهمية مساهمة المركز الثقافي الروسي في دعم النشاطات الموسيقية، خصوصاً في ظل المقاطعة الكبيرة من قبل التجار لشخصه، بحسب ما يقول، وذلك لاعتبارات سياسية عدة، ما حال دون تأمين راع تجاري لحفلاته الموسيقية خلال الفترة الأخيرة.

ويوضح الرحباني هذه النقطة بالقول: "بالرغم من أن الناس ما زالت متحمّسة لحضور الأعمال الموسيقية التي نقدمها، وهو أمر يعكسه نفاد بطاقات تلك الحفلات بسرعة كبيرة، إلا أن عدم وجود الراعي الرسمي، وإصرارنا على أن يكون سعر البطاقات مقبولاً نسبياً، يجعل هذا النوع من الأعمال الفنية خاسرة من الناحية المالية، أو في أفضل الأحوال غير مربحة، وبالكاد تغطي عائداتها نفقات الموسيقيين".

ويضيف الرحباني "هناك مقاطعة مثيرة للانتباه من جانب عدد كبير من تجار بيروت لنشاطاتنا، وتلك ظاهرة غريبة، لأن التاجر يهتم عادةً برعاية الأمسيات والنشاطات الناجحة، وخصوصاً حين يلاحظ أن بطاقاتها تنفد بسرعة".

ويضيف "روى لي أحد التجار، وهو صديق قديم سبق أن ساعدنا في إنتاج عدد من المسرحيات، ما حدث حين اقترح على تاجر كويتي - الحديث هنا عن تاجر كويتي وليس عن تاجر من "تيار المستقبل" الذي يقاطعنا أصلاً – أن يكون راعياً لحفل كنا ننوي إقامته على مسرح الأونيسكو (بيروت)، فرفض، لا بل راح يشتمني، وهذا يعكس أن ثمة قراراً بمقاطعة كل ما يمت لي بصلة، وهو ما تأكّد لاحقاً حين حاولت (المخرجة) لينا خوري إيجاد راع تجاري لمسرحيتها الأخيرة (مجنون يحكي)، وقد فشلت لمجرّد أنني أؤدي دوراً في هذه المسرحية، إلى أن وجدت شخصاً تبرّع بمبلغ من المال، وفضل عدم ذكر اسمه".

ويتابع "جيّد أن يكون التاجر واضحاً في موقفه، لكن من المستغرب أن يفوّت الراعي التجاري فرصة المشاركة في نشاط ناجح. سبق أن تعاونّا مع أشخاص عريقين في الإنتاج المسرحي (آل عيتاني)، ولم يكن يهمهم انتماءك السياسي. اليوم أصبح موقف التجار أكثر حدّة".

ويشير الرحباني إلى أن "التعاون مع المركز الثقافي الروسي يخرجك من هذا المأزق، لا بل أن ادارة المركز الثقافي تؤكد أن برمجة المسرح ليست حكراً عليّ، فهم مستعدون لتنظيم نشاطات مختلفة على مدار العام، بالإضافة إلى تأمين التجهيزات للمسرح، علماً بأن هذا المكان مناسب جداً لهذا النوع من النشاطات الثقافية".

الجانب الثاني في التعاون الموسيقي بين زياد الرحباني وروسيا يتعلق بقناة "روسيا اليوم" التلفزيونية.

وفي هذا الإطار، يقول الرحباني "مسألة التعاون مع قناة "روسيا اليوم" تهمني كثيراً، لأن هذا التعاون يشكل مخرجاً لمشكلة أخرى نواجهها في مجال عرض النشاطات التي تمّ تسجيلها في الفترة الماضية ولم تجد طريقها إلى العرض في أي قناة لبنانية".

ويوضح الرحباني هذه المسألة، شارحاً طبيعة وسائل الإعلام في لبنان، بالقول "المحطات اللبنانية حدودها الإمارات، وحدود الإمارات هي السعودية، بمعنى أن الاماراتيين ما زالوا متأثرين بما تقوله السعودية - وإن كان الأمر يبدو مسايرة وليس اقتناعاً - فإذا أراد (القائمون على المجال الثقافي والفني) في أبو ظبي والإمارات عرض مادة فنية، تراهم يأخذون في الحسبان ألّا يسبب الأمر إزعاجاً للسعودية، وهذا ما حدث فعلاً حين حاول (نادي) خريجي الجامعة الأميركية في مطلع العام الحالي عرض مسرحية لينا خوري في أبو ظبي لليلتين، فكان الرد أن زياد الرحباني يكتب بشكل متواصل ضد السعودية في جريدة الأخبار، ولا يمكننا تسويق هذه المسرحية في الإعلام".

ويعود الرحباني إلى الحديث عن قناة "روسيا اليوم"، قائلاً: "لديّ ما يقرب من 12 أمسية تم تسجيلها، وبعضها نحن من قام بتصويره، وقد استرديناها من قناة (أل بي سي)، ونحن مستعدون لوضعها في تصرف قناة "روسيا اليوم"، لأن لا مشكلة لدى القائمين على هذه المحطة في عرضها، وليست لديهم أي موانع تحول دون نشر ما تحتويه، مع العلم بأن هذه الأمسيات لا تقتصر على الموسيقى بل تشمل اسكيتشات ومقالات... (رئيس مجلس إدارة قناة المؤسسة اللبنانية للإرسال) بيار الضاهر تسلم هذه المواد منذ ثمانية أشهر ولم يعرضها. طلبنا موعداً لمناقشة هذا الأمر ولم يأت الرد. في نهاية المطاف طلبنا استرجاع المواد المسجّلة وستكون تحت تصرّف قناة "روسيا اليوم".

ويتابع "في ما يتعلق بقناة "روسيا اليوم"، وإلى جانب إمكانية عرض هذه الأمسيات، ثمة حديث عن إعداد برنامج موسيقي، وربما الإشراف على إدارة المحطة في لبنان"، مبدياً اعتقاده في أن الأمور ستتبلور خلال زيارته المقبلة إلى روسيا، وما ستشمله من لقاءات مباشرة مع القائمين على القناة.

 ورداً على سؤال حول ما إذا إقامته في روسيا ستكون دائمة، قال الرحباني: "أنا مستعد لذلك.. مثل كل اللبنانيين الذين يبحثون عن مكان يتمركزون فيه".

في بداية مسيرته الموسيقية، تأثر زياد الرحباني بالموسيقى المصرية، وهو ما يمكن تلمّسه على سبيل المثال في أغنيتي "اسمع يا رضى" و"بعتّلك يا حبيب الروح" وإسطوانة "بالأفراح" (1977)، وغيرها. وفي مرحلة لاحقة، وتحديداً في الثمانينيات والتسعينيات تأثر بموسيقى أميركا اللاتينية، وهو ما تبدّى في أعمال عدّة، وخصوصاً في إسطوانة "مونودوز" (2001)، ناهيك عن تأثره بالموسيقى الكردية في أعمال عدّة أبرزها موسيقى "ديار بكر" وأغنية "ما شاورت حالي" التي أدّتها والدته فيروز، وقبلها الموسيقى الكلاسيكية التي أضفى عليها نكهة "الجاز"، وتحديداً "السيمفونية الأربعون" لموزارت، و"الفالس السابع" لفريدريك شوبان.

ومع استعداد الرحباني للانتقال إلى روسيا، يُطرح السؤال عمّا إذا كان ذلك سيضفي تأثيراً خاصاً للموسيقى الروسية على أعماله الموسيقية الجديدة، بما يمهد لبروز نمط جديد في موسيقاه.

يجيب زياد الرحباني على هذا السؤال، قائلاً: "التأثير موجود أصلاً، وتحديداً ضمن العائلة الرحبانية، التي تأثرت بالموسيقى الكلاسيكية الشرقية، والروسية بشكل أساسي، وهذا التأثير انعكس عليّ بالفطرة، ويضاف إلى ذلك تأثري بموسيقى القوقاز، حتى أن موسيقيين أرمن لاحظوا التقارب بين بعض الأعمال الموسيقية الخاصة والموسيقى القوقازية، وبشكل خاص الأذرية، وربما البلغارية... وهذا ما لاحظه والدي (الموسيقي الراحل عاصي الرحباني) ذات مرّة، وسألني من أين التقطت هذه الموسيقي؟ وهو تساؤل لا أستطيع الإجابة عليه، لأنني حقاً لا أعلم سبب هذا التأثير المباشر".

ويتابع: "ثمة مشاريع موسيقية مؤجلة، وإذا كان مسهّلاً إنتاجها في روسيا، فلن نتأخر في ذلك، خصوصاً أن ثمة تجارب سابقة في هذا الخصوص لعدد كبير من العازفين والموسيقيين الذين يمكن التعاون معهم".

ويشير الرحباني إلى أن موسيقيين كثيرين من لبنان سجلوا أعمالهم في روسيا، ومنهم على سبيل المثال عبد الله المصري الذي سجل قصيدة "مطر" لبدر شاكر السياب والتي أدتها أميمة الخليل، وقطعة موسيقية أهداها لعاصي الرحباني، وكونشرتو بيانو عزفه رامي خليفة، وذلك بسرعة كبيرة وإتقان واضح.

وفي ما يتعلق بالصعوبات التقنية، خصوصاً أن الموسيقى الشرقية تحتوي على أرباع الصوت، بخلاف الموسيقى الروسية، يقول الرحباني "أعتقد أن بالإمكان إيجاد موسيقيين أفراد يحسنون التعامل مع ربع الصوت، ولا داعي بالضرورة لأن تكون هناك فرقة كاملة، علاوة على أن التحايل على ربع الصوت أمرٌ ممكن من الناحية العملية، وهو ما اختبرناه بالفعل حين شاركَنا في العزف موسيقيون أرمن في حفلات فيروز في بيت الدين".

ويشدد زياد الرحباني على أن الاهتمام بالجانب الثقافي في روسيا مستمر منذ أيام الاتحاد السوفياتي، وربما يكون هذا الجانب من الأمور التي لم يطرأ عليها أي تغيير برغم تفاوت الأولويات بين الحكومات الروسية المتعاقبة في ما يتعلق بأمور الاخرى".

هل يأتي سفر زياد الرحباني إلى روسيا في سياق ظاهرة "تهجير الأدمغة" التي طالت كثيرين في لبنان، وربما تطال آخرين خلال المرحلة المقبلة في ظل ما تشهده المنطقة العربية من احباطات على المستويين السياسي والاقتصادي؟

"ليس الأمر مسألة تهجير"، يجيب الرحباني، مضيفاً "إذا كان بإمكان الإنسان العيش في روسيا وأن يكون فاعلاً هناك، فأين المشكلة في الأمر؟".

انطلاقاً من هذا الواقع، يقفز زياد الرحباني مباشرة إلى الحديث عن المشهد السياسي العام، قائلاً "العالم اليوم منقسم بوضوح شديد، بين معسكرين، أكثر مما كانت عليه حال أيام سقوط جدار برلين، والصراع بات يتسم بشراسة كبيرة تصل إلى حد الإجرام، خصوصاً بعد دخول عناصر جديدة على خط هذا الصراع، ومن بينها ظاهرة تقسيم البشر بين أديان وأعراق، وأصبحت المسائل تتلخص بعبارة: إما أن تكون قاتلاً أم مقتولاً".

ويتابع الرحباني متحدثاً عن سبب اختياره روسيا بالتحديد، فيقول "حين تجد من يقاتل فكر السوق، ومن يواجه أولئك الساعين لتحويل العالم إلى سلعة، لا يمكنك إلا أن تقف معه".

يستحضر زياد الرحباني، في سياق الحديث عن المشهد العالمي، ما قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للغربيين في الاجتماع الأخير في أستراليا، حين ذكرهم بأن سياسة الحصار تنتهك ميثاق الأمم المتحدة، مبدياً إعجابه في قدرة الرئيس بوتين على تذكير الغرب بهذه القضايا وبطريقة "تعكس أنه فكّر بالأمر كثيراً".

لا يمكن لأحد أن يشك في قدرة زياد الرحباني على استشراف المستقبل. هو ليس نبياً يعلم الغيب، لكن الوعي السياسي الذي تكوّن عنده منذ شبابه، واحتكاكه المباشر بهموم الناس، في موازاة إلمامه بتفاصيل ما يجري في العالم – حيث تلفت نظرك على سبيل المثال قصاصة من جريدة معلقة على أحد ابواب الاستوديو الخاص به وتحمل خبر مقتل شاب أسود على أيدي الشرطة الأميركية في فيرغسون – تجعله يمتلك منهجية فريدة تفسّر الواقع وتستشرف آفاق المستقبل.

وفي ما يتعلق بما تشهده المنطقة العربية من تطورات دراماتيكية، يمكن أن يستوقف المرء المشهد الأخير من مسرحية "بخصوص الكرامة والشعب العنيد" (1994)، حين تظهر كائنات عجيبة، تبدو أقرب إلى إرهابيي "داعش"، وتنتهي المسرحية بأن تنشق الأرض وتبتلع من عليها.

تعيد تذكير زياد الرحباني بهذا المشهد، وتسأله عن المستقبل، فيضحك ويجيب: "الجو يفوق القدرة على الاستيعاب، حين تغمض عينيك وتفكر في من يقاتل من، تشعر بأنك خارج التاريخ وخارج الجغرافيا. حين تسمع الأخبار، تتساءل عن المصداقية، فهل ما يقال حول ما يجري في هذه المنطقة أو تلك صحيح أم لا؟ وفي ظل غياب المراسلين في المناطق التي يسيطر عليها المسلحون كيف يمكنك التحقق مما يقوله هؤلاء؟".

تسأل زياد الرحباني: "إلى أين يتجه هذا الصراع؟"، فيجيب "الله العليم"، قبل أن يجيب "الأمر الوحيد الذي يمكن تأكيده هو أن الطرف الذي يعتقد أنه قادر على الخروج سالماً كل مرة من السيناريوهات ساذج وغبي. إذا كانت الإدارة الأميركية تعتقد أنها قادرة على أن تعبث بمصير العالم، ومن ثم تخرج سالمة من التداعيات، فهي خاطئة، وتلك القدرة باتت موضع شكوك، خصوصاً بعدما عادت روسيا بقوة إلى الساحة الدولية. في السابق كان بإمكان أميركا أن تفعل ما تريد لأنها كانت القوة الوحيدة في العالم، لكن الوضع أصبح مختلفاً اليوم".

يعرّج الحديث مع زياد الرحباني على بعض القضايا الإقليمية، وتحديداً مصر، التي زارها في العام 2013، قبل أشهر من "ثورة 30 يونيو"، وتوقع حينها سقوط نظام "الاخوان المسلمين".

يقول الرحباني في هذا الإطار: "قلت (في مقابلة مع الإعلامي يسري فودة على قناة أون تي في) أن الإسلام السياسي سيصل إلى نقطة الذروة قبل أن يتهاوى، لكنني لم أتوقع أن يحدث ذلك بهذه السرعة". ويتساءل "هل يمكن أن يختفي الإخوان في مصر بهذه السرعة؟ يبدو الأمر غير طبيعي وغير منطقي".

يبدي الرحباني اهتماماً بمعرفة رأي محدّثه في هذا النقطة بالذات، وما أن يسمع أن "ثمة رفضاً شعبياً لوجود الإسلاميين في مصر"، حتى يبادر بعفوية إلى القول "الله يسمع منك"، مضيفاً "إذا اختفى هؤلاء من مصر تحديداً فهذا أمر جيد".

بعد الحديث عن السياسة وأوضاع المنطقة العربية والعالم، يعود الكلام مع زياد الرحباني إلى الموسيقى. هل هناك أسطوانة جديدة لفيروز؟ يجيب "على المدى المنظور ليس هناك مشروع أسطوانة لفيروز، ولكن بعض الأغاني التي كان يفترض أن تتضمنها الإسطوانة (التي أعلن عنها في برنامج تلفزيوني قبل أشهر) يمكن أن يؤديها آخرون".

 

 هل يفكر زياد الرحباني في عمل مسرحي؟

 يجيب بشكل قاطع "لا أفكر إطلاقاً في ذلك. أبحث عن حجة لكي لا أورّط نفسي في عمل مسرحي جديد".

 

ولكن ألا يمكن أن تشكل إقامته في روسيا حافزاً للعودة إلى المسرح؟

يجيب "المسرح يفترض أن يكون هناك جمهور يفهم لغتك، إلا إذا كان الحديث عن مسرح غنائي، على غرار المسرح الرحباني، وهو بنظري إعجاز لا أقدر عليه".

يفسّر زياد الرحباني تحفظه على الدخول في تجربة مسرحية جديدة بأسباب "عملية"، قائلاً "المسرح متعب، ويقتل الأعمال الأخرى، خصوصاً أن وتيرته يومية، علاوة على الأوضاع غير المستقرة... في المقابل، يمكن أن نعوّض ذلك بأعمال أخرى، وعلى سبيل المثال حصلنا على موافقة مبدئية من مؤسسة سينمائية في برلين لإنتاج فيلم هو في الواقع مسرحية بعنوان (مارتن) كتبتها في العام 2004، وهذا أمر جيّد لأن السينما أكثر مرونة إذا ما قورنت بالمسرح".

وحول تعاونه مع فرقة "إسكندريلا"، وتحديداً مع الفنان حازم شاهين، يقول الرحباني: "حازم ممتاز، وحل إشكالية كبرى واجهتنا منذ العام 1997، وتمثّلت في الفراغ الذي خلّفه رحيل جوزيف صقر، فقد استطاع حازم تأدية الأغاني بشكل سلس، وبنَفس مصري، ومن دون أن يترك انطباعاً لدى أحد بأنه يقوم بتقليد جوزيف صقر أو يسعى للحلول مكانه"، مشيراً إلى أن التعاون مع حازم شاهين مستمر "وهو من ضمن فنانين أرسلت أسماؤهم فعلاً إلى موسكو للبحث في إمكانية التعاون، وأبرزهم شيرين عبده وريم بنا، التي أبدت استعدادها لتقديم حفلات في روسيا، خصوصاً أنها من خريجي جامعات موسكو".

وحول تجربته في الكتابة الصحافية، ومدى تعارضها مع الموسيقى، يجيب زياد: "لا علاقة بين المقال والموسيقى. في المقال تغلّب العقل والتفكير بعكس الموسيقى التي لا تعلم من أين تأتي. الموسيقى غالباً تأتي وأنا أسير في الشارع، حيث تشعر بنغم معيّن، وهي غير مرتبطة بمكان أو زمان، في حين أن الكتابة تتطلب منك نشاطاً ذهنياً وأن تبقى مسيطراً على المنطق اليومي".

"لوحظ مؤخراً أنك تخليت عن ذكر اسم ستالين"، تسأله مازحاً في ختام اللقاء، فيجيب ضاحكاً "توقفت عن ذلك... نذكره سراً"، في إشارة إلى أن أحد مقالاته الأخيرة حمل عنوان "تبيليسي" (كتبت بالروسية)، ويتابع: "يمكنك تفسير ذلك كما شئت. جورجيا هي البلد الذي ولد فيه ستالين، وهي البلد الذي خرجت منه فرقة الرقص الجورجية الشهيرة والممتازة... يمكنك أن تقول أيضاً ببساطة إنك معجب بطقس هذا البلد".

 

 

المصدر: نوفوستي