لا تخرج زيارة الوفد العربي إلى موسكو، وبعدها وارسو، عن إطار التخوُّف الذي يلفّ الكثير من دول العالم إزاء ما ستؤول إليه الأحوال بعد ظهور موقع روسيا الدولي الجديد إبان الأزمة الأوكرانية، وحيث ظهر بوضوح أنّ أوضاع الولايات المتحدة وموقعها العالمي أخذ بالتغير في طريق منحدر لا تظهر له آفاق تحسُّن نهائياً. وتتحسس الدول العربية هذا الانحدار ويلامسها مباشرة وخاصةً لعلاقتها الوثيقة بموضوع إنتاج النفط العالمي كدول الخليج، ووقوعها ضمن مجال النفوذ الأمريكي المدمّر، حيث ترى في تغيُّر توازن القوى الدولي اليوم إحداثيات جديدة لم تعتد التعامل معها وتتلمّس طريقها في التكيف مع الأوضاع الجديدة، وخاصةً مع الضغوط الأمريكية التي لم تتوقف والتي ترمي إلى الحفاظ على وضع الهيمنة الأمريكية بشأن الموقف من روسيا، رغم فقدانها لمقوّمات هذه الهيمنة وتَعَارُض المصالح العربية مع المصالح الأمريكية في مجالات عدّة أهمها النفط والغاز. ليس هذا الموقف بعيداً عن براغماتية الموقف التركي المشابه، ويبدو أنّ التملّص من الضغوط الأميركية هو الطابع الأهم لهذه التحركات.