2023 بالأرقام.. الديون العالمية تتخطى عتبة 300 تريليون دولار بقوة

2023 بالأرقام.. الديون العالمية تتخطى عتبة 300 تريليون دولار بقوة

يقوم «معهد التمويل الدولي IIF» بمراقبة حجم الدين العالمي ومكوناته الرئيسية على نحو دوري. ويتكون مؤشر إجمالي الدين العالمي من أنواع متعددة من الديون، من بينها: الديون الحكومية، وديون القطاع المنزلي، وديون الشركات والمنظمات غير المالية، وديون القطاع المالي.

أحدث البيانات الصادرة عن «معهد التمويل الدولي» هي في نهاية الربع الثالث من عام 2023. وبحلول هذا الوقت، بلغ إجمالي الدين العالمي 307 تريليون دولار. وفي بداية العام، كان الرقم عند حدود 297.5 تريليون دولار. وبذلك، بلغت الزيادة في الدين العالمي على مدى ثلاثة أرباع العام حوالي 9.5 تريليون دولار. ما يعني أنه في هذا العام، تم التغلب على «الحاجز النفسي» البالغ 300 تريليون دولار.
على مدى السنوات العشر الماضية (أي من عام 2013)، زاد الدين العالمي بنحو 100 تريليون دولار. ومقارنة بأرقام العام 2018، زاد بأكثر من 60 تريليون دولار (حسب بيانات معهد التمويل الدولي في 16 تشرين الثاني 2023). وفي عام 2021، نما الدين العالمي نتيجة للأزمة التي تزامنت مع جائحة كورونا، بشكل ملحوظ، ليقترب من مستوى 300 تريليون دولار، لكنه فشل في تجاوز هذه العتبة. أما في هذا العام فقد تجاوزها بشكلٍ حاسم.

حول «معهد التمويل الدولي» وأرقامه

«معهد التمويل الدولي» هو منظمة غير حكومية أنشئت من جانب 38 بنكاً من الدول الصناعية الرائدة في عام 1983 استجابةً لأزمة الديون العالمية في أوائل الثمانينيات. وتوسعت عضوية المنظمة على مدى أربعة عقود بشكل مطرد، لتضم الآن أكثر من 400 شركة ومصرفاً ومنظمات أخرى من أكثر من 60 دولة.
إلى جانب ذلك، يقوم صندوق النقد الدولي أيضاً بجمع إحصاءات عن الدين العالمي، ولكن تقديراته أكثر تواضعاً. ففي نهاية العام الماضي، حدد صندوق النقد الدولي قيمة الدين العالمي بمبلغ 235 تريليون دولار، وهو ما يقل بنحو الخمس عن القيمة التي حسبها معهد التمويل الدولي. ومع ذلك، فإن الفرق بين تقديرات صندوق النقد الدولي ومعهد التمويل الدولي يعود فعلياً إلى أن الصندوق لا يدرج القطاع المالي (البنوك وشركات التأمين وغيرها) في إجمالي الديون. لكن معهد التمويل الدولي يأخذ في الاعتبار ديون القطاع المالي. صحيح أنه ليس من الواضح تماماً كيف يتم حسابها: كإجمالي ديون أو كديون صافية (أي مطروحاً منها المطالبات على القروض والاقتراضات). لكن المتعارف عليه بين باحثي الاقتصاد أن بيانات معهد التمويل الدولي أكثر اكتمالاً.

مقارنات بين «الدول النامية» و«الدول المتقدمة»

حوالي ثلثي ديون العالم موجودة في الدول التي تسمى الأسواق الناضجة (MM)، أو الدول التي تسمى أيضاً «دولاً متقدمة». أما الدول التي تنتمي إلى ما يسمى بالأسواق الناشئة أو «الدول النامية»، فهي مسؤولة عن ثلث ديون العالم فقط. وفي نهاية الربع الثالث من عام 2023، بلغ إجمالي ديون الدول المتقدمة 206.0 تريليون دولار، مقارنة بـ194.4 تريليون دولار في نهاية الربع الثالث من عام 2022. بينما بلغ إجمالي ديون الدول النامية 101.3 تريليون دولار في 2023، وكان عند حدود 94.5 تريليون دولار في 2022.
في الفترة بين 2018 و2023، تم تسجيل أكبر الزيادات المطلقة في الديون في مجموعة «الدول المتقدمة» في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وفرنسا والمملكة المتحدة. أما في مجموعة «الدول النامية»، فقد حدث الجزء الأكبر من الزيادة في الديون في الصين والهند والبرازيل والمكسيك.
وتفاعلات الدين العالمي - معبراً عنها بالقيمة النسبية (أي حجم الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي)- مثيرة للاهتمام بشكل كبير. ففي بداية العقد الماضي، تجاوز هذا الرقم حاجز 300% من الناتج المحلي الإجمالي. وبحلول أوائل عام 2021، قفز الرقم إلى 362%. ولم تكن هذه القفزة بسبب الزيادة الحادة في الاقتراض فحسب، بل أيضاً بسبب حقيقة أنه في نهاية عام 2020 كان هناك انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ثم بدأ الانخفاض التدريجي في المؤشر النسبي. وفي الربع الرابع من العام الماضي انخفضت إلى 334%. ثم استقرت عند مستوى بين 333 و335% لمدة ثلاثة أرباع العام.
وفي مجموعة الدول النامية، سجلت أكبر الزيادات (في المستوى النسبي للديون) للفترة 2018-2023، في روسيا والصين والمملكة العربية السعودية وماليزيا. وحدثت أكبر الانخفاضات في مستويات الديون النسبية في شيلي وكولومبيا وغانا.

نظرة على عبء الديون النسبي العالمي

المشهد العالمي لعبء الديون النسبي بالنسبة لأنواع مختلفة من الديون مثير للاهتمام أيضاً. فعلى الصعيد العالمي، ارتفع مستوى عبء الدين العام على مدار العام (من نهاية الربع الثالث من عام 2022 إلى نهاية الربع الثالث من عام 2023) من 96.7 إلى 97.0% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي مجموعة «الدول المتقدمة»، انخفض العبء على هذا النوع من الديون بشكل طفيف خلال العام من 115.9 إلى 114.2%. لكن في مجموعة «الدول النامية» ارتفع المعدل من 64.5 إلى 68.2%. ومع ذلك، فإن المستوى النسبي للديون الحكومية في مجموعة «الدول المتقدمة» في الوقت الحاضر أعلى بمقدار 1.67 مرة منه في مجموعة «الدول النامية». وبالنسبة لهذا النوع من الديون، تم تسجيل أعلى مستوى من العبء في نهاية الربع الثالث من عام 2023 في اليابان (239.9% من الناتج المحلي الإجمالي)، وفي الولايات المتحدة بلغ هذا الرقم (117.6%)، وفي منطقة اليورو (92.6%)، وفي المملكة المتحدة (82.5%).
وفي مجموعة الدول النامية كانت الدول التالية صاحبة الرقم القياسي من حيث المستوى النسبي للدين العام (% من الناتج المحلي الإجمالي): سنغافورة 170.8، هونج كونج 103.4، غانا 85.9، البرازيل 84.4، الصين 83.0، مصر 81.4. وفي روسيا 23.0%. ويمكننا القول إن القيمة في روسيا منخفضة بشكل كبير مقارنة بمعظم الدول المتقدمة والنامية.

1156-10

الديون في القطاع المنزلي: انخفاض بسيط

انخفض المستوى النسبي للديون في القطاع المنزلي بشكل طفيف خلال العام، من 63.1 إلى 61.7% من الناتج المحلي الإجمالي. وبالنسبة لمجموعة «الدول المتقدمة» فقد انخفض الرقم من 73.3 إلى 70.7%. ولكن في مجموعة «الدول النامية» ارتفعت هذه النسبة بشكل طفيف من 46.0 إلى 46.7%. لكن في مجموعة الدول المتقدمة كان عبء الديون أعلى بمقدار 1.51 مرة.
الدول التي لديها أعلى عبء ديون على القطاع الأسري (% من الناتج المحلي الإجمالي) هي: كوريا الجنوبية 100.2، هونج كونج 95.2، بريطانيا 78.5، الولايات المتحدة الأمريكية 73.2. ولكن هناك دول ذات معدلات منخفضة بشكل كبير لهذا النوع من الديون (% من الناتج المحلي الإجمالي): غانا 2.7، الأرجنتين 3.7، مصر 8.1، كينيا 10.7. وجميع الدول التي لديها مستويات منخفضة ومنخفضة جداً من ديون القطاع الأسري تنتمي إلى مجموعة الدول النامية، وفي روسيا الرقم هو 23.3% فقط.

ماذا عن ديون الشركات غير المالية؟

وانخفض المستوى النسبي لديون الشركات غير المالية في جميع أنحاء العالم خلال العام من 96.0 إلى 94.9% من الناتج المحلي الإجمالي. وبالنسبة لمجموعة «الدول المتقدمة» فقد انخفض الرقم من 92.9 إلى 88.7%. وفي مجموعة «الدول النامية»، ارتفع عبء الديون بشكل ملحوظ من 101.4 إلى 105.2%. وبالنسبة لهذا النوع من الديون، يتبين أن العبء في الدول النامية أعلى منه في الدول المتقدمة (على عكس النوعين الأولين من الديون - الحكومة وقطاع الأسرة).
والدول صاحبة الرقم القياسي لعبء ديون الشركات غير المالية هي الدول التالية (% من الناتج المحلي الإجمالي): هونج كونج 267.9، الصين 166.9، كوريا الجنوبية 126.1، اليابان 115.2، فيتنام 107.0. وكما هو واضح، جميع حاملي الأرقام القياسية هم من منطقة شرق آسيا. أما الدول الغربية فلديها مستويات الديون التالية (% من الناتج المحلي الإجمالي): الولايات المتحدة الأمريكية 76.1، دول منطقة اليورو 95.5، بريطانيا 65.0.
وهناك دول في العالم ذات قيمة مؤشر منخفضة للغاية (% من الناتج المحلي الإجمالي): نيجيريا 9.2، غانا 11.8، الأرجنتين 16.9، المكسيك 21.5، إندونيسيا 23.3.

ديون القطاع المالي: العبء على الدول المتقدمة «ثلاث أضعاف»

وأخيراً، انخفض المستوى النسبي لديون القطاع المالي على مستوى العالم خلال فترة عام واحد من 81.5% إلى 79.5% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي مجموعة الدول المتقدمة انخفض العبئ من 108.5 إلى 105.8%. أما بالنسبة لمجموعة الدول النامية انخفض من 36.2 إلى 35.5%. ومن الجدير بالذكر أن هذا النوع من الديون يكون العبء عليه في مجموعة الدول المتقدمة أعلى بثلاث مرات منه في مجموعة الدول النامية!
الدول التالية لديها أعلى مستوى من عبء ديون القطاع المالي (%): اليابان 198.3، سنغافورة 168.9، بريطانيا 156.3، هونج كونج 168.9، دول منطقة اليورو 106.6. وفي الولايات المتحدة الأمريكية بلغت النسبة 75.9%.
وفي عدد من الدول، كانت قيمة المؤشر أقل من عشرة بالمئة (% من الناتج المحلي الإجمالي): باكستان 1.3، كينيا 2.2، غانا 2.4، الهند 2.6، فيتنام 4.5، إندونيسيا 6.6، المكسيك 9.4.

اليابان هي الحلقة الأضعف عالمياً

إذا قمنا بتلخيص الديون لجميع العناصر الأربعة المذكورة أعلاه، فإن المستوى الإجمالي للديون في الدول سيكون على النحو التالي (% من الناتج المحلي الإجمالي): اليابان 618.1، بريطانيا العظمى 382.3، كوريا الجنوبية 362.3، الصين 358.9، دول منطقة اليورو 349.3، الولايات المتحدة الأمريكية 342.8. وهي اقتصادات كبيرة تتجاوز مستويات ديونها الإجمالية النسبية المتوسط ​​العالمي.
هناك أيضاً دول ذات مستويات نسبية منخفضة جداً لإجمالي الديون (% من الناتج المحلي الإجمالي): نيجيريا 70.2، المكسيك 87.0، بيرو 98.8، غانا 102.7، كينيا 103.4، الأرجنتين 112.7، مصر 114.5، تركيا 116.9، روسيا 137.7%.
وفي المراجعة التي أجراها «معهد التمويل الدولي»، فإن الأرقام التي تعكس حجم تكاليف خدمة الديون من قبل الدول مثيرة للاهتمام أيضاً. وفيما يتعلق بإيرادات الموازنة، بلغت تكاليف خدمة الدين العام (متوسط ​​القيمة للفترة 2017-2019 %): الهند 24، البرازيل 13، جنوب أفريقيا 12.5، الولايات المتحدة الأمريكية 8.5، ماليزيا 8، إيطاليا 7، تركيا 5، بريطانيا 4، فرنسا 3. كما يتم تقديم توقعات لمتوسط ​​القيمة المحتملة لهذا المؤشر للفترة 2024-2026. بالنسبة للهند، يجب أن تصل النسبة إلى 30% تقريباً، وبالنسبة لجنوب إفريقيا حوالي 25%. وفي الولايات المتحدة وماليزيا، يقدر الرقم بنحو 15%.
وبالقيمة المطلقة، بلغت نفقات الميزانية السنوية على خدمة الدين العام في مجموعة الدول المتقدمة نحو 2 تريليون دولار في السنوات الأخيرة (منذ عام 2017). وبالنسبة لمجموعة الدول النامية (بدون الصين)، ارتفعت تكاليف خدمة الدين العام السنوية من نحو 0.5 تريليون دولار في عام 2009 إلى ما يقارب تريليون دولار في الفترة 2022-2023. وفي الصين في السنوات الأخيرة، بلغت هذه النفقات بالفعل ما يقارب 0.3 تريليون دولار. وفي العالم ككل، تقترب تكلفة خدمة الدين العام اليوم من 2.8 تريليون دولار.
منذ نهاية القرن الماضي وحتى عام 2023 ضمناً، تراوحت حصة دخل القطاع الخاص غير المالي (القطاع المنزلي وقطاع المؤسسات غير المالية) المخصصة لخدمة الدين في حدود 16-18% عبر مجموعة الدول المتقدمة. وبالنسبة لمجموعة الدول النامية (باستثناء الصين)، بلغت هذه الحصة في عام 1999 نحو 18%، ثم في 2004-2005 انخفضت إلى 9%، ثم بدأت بالنمو، ومنذ عام 2008 تقلبت بين 10 إلى 12.5%. وفي الصين، كان الرقم في عام 1999 هو 10.5%، وبحلول عام 2023 ارتفع إلى 21.5%.
من بين جميع الدول الكبرى، كما يتبين من الأرقام المذكورة أعلاه، يواجه الاقتصاد الياباني العبء الأكبر للديون، وهو الأمر الذي تتفق عليه العديد من المصادر الأخرى.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1156