التعافي «الموجي» و«المتعرّج» للاقتصاد الصيني؟
ليو زيكيانغ ووانغ هو ولي جينبينغ ليو زيكيانغ ووانغ هو ولي جينبينغ

التعافي «الموجي» و«المتعرّج» للاقتصاد الصيني؟

نما الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 5.5٪ على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2023. جذبت موجة التعافي في الاقتصاد الصيني اهتماماً واسع النطاق على كلا المستويين المحلي والدولي. بعد انتقال مستقر في السيطرة على الوباء ومنعه، يتقدّم التعافي الاقتصادي بشكل «موجي» و«متعرّج».

ترجمة: قاسيون

عقد المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني في 24 تموز لقاء لتحليل الوضع الاقتصادي الحالي ووضع الترتيبات الاقتصادية اللازمة للعمل في النصف الثاني من العام، وأعلن، «بعد الانتقال السلس في السيطرة ومنع الوباء، يتخذ تعافي الاقتصاد شكل عملية موجية وتقدماً متعرّجاً. يتمتع الاقتصاد الصيني بمرونة قوية وإمكانات هائلة وحيوية عظيمة، وسوف تظلّ الأساسيات التي تدعم النمو طويل الأمد في الصين دون تغيير».
من أجل الفهم العميق للتقدّم «الموجي» و«المتعرّج» للانتعاش الاقتصادي في الصين، من الضروري تحليل وتحديد النقاط المضيئة في العملية الاقتصادية. وباستعراض إنجازات النصف الأول من العام، كان أداء صادرات السيارات الشخصية الكهربائية وبطاريات الليثيوم والخلايا الشمسية – المعروفة باسم «السلع الثلاث الجديدة» لصادرات التجارة الخارجية، مثيراً للإعجاب.
لنأخذ سيارات الطاقة الجديدة مثالاً. يتمّ تشغيل أكثر من نصف سيارات الطاقة الجديدة في العالم في الصين. وفقاً لموقع أكسيوس، ارتفعت صناعة السيارات الكهربائية في الصين في الأعوام الأخيرة بسبب الحوافز الحكومية، والمنافسة الشديدة، وتقبّل المستهلكين. بلغ إجمالي نمو صادرات «السلع الثلاث الجديدة» 61.6٪، ممّا ساهم في نموّ الصادرات الإجمالي بمقدار 1.8 نقطة مئوية. يقبع خلف هذه الأرقام تحسّن متسارع في جودة وكفاءة التجارة الخارجية، والارتقاء بالصناعات، والزخم القوي لشعار «صنع في الصين».
أيضاً، من أجل الفهم العميق للتقدّم «الموجي» و«المتعرّج» للانتعاش الاقتصادي في الصين، من الضروري مراقبته من منظور عالمي. قال بيير أوليفيه غورينشا، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، إنّ الاقتصاد العالمي يواصل التعافي تدريجياً من الوباء والصراع الروسي الأوكراني، لكنّه لم يخرج من الأزمة بعد.
ليس الاقتصاد الصيني بحيرة، بل محيطاً. بدأت الطائرة الكبيرة المنتجة محلياً C919 تشغيلها التجاري المزدوج للطائرات لأوّل مرة. دخلت أوّل توربينة غازيّة للجهد العالي منتجة محلياً F-class 50 MW العمليات التجارية، وذلك بالإضافة إلى الطائرة البرمائية الكبيرة «كونلونغ Kunlong» التي لديها القدرة على القيام بمهام مكافحة الحرائق. وقد احتفظت الصين بثبات بمكانتها كثاني أكبر اقتصاد في العالم، وكأكبر دولة صناعية في العالم، حيث احتلّت صناعاتها التحويلية المرتبة الأولى في العالم لمدّة 13 عاماً متتالية. وقد وصلت قوتها الاقتصادية وقوتها التكنولوجيا وقوتها الوطنية الشاملة إلى مستوى جديد.
بقي معدّل التضخم الأساسي لمؤشر أسعار المستهلكين مستقراً نسبياً، ويعتبر العرض المستقر والوفير للأرز والخضراوات والفواكه هو الجانب الأساسي والأكثر أهمية لرفاه الشعب وللأساس الاقتصادي. وبالمقارنة بالأسعار المستقرة في الصين، تشهد الولايات المتحدة والدول الأوروبية أعلى مستوى من التضخم منذ عقود من الزمن، في حين تواجه بعض الدول النامية مشكلات الديون. ويتوقّع صندوق النقد الدولي أن يصل مستوى التضخم العالمي الإجمالي إلى 6.8٪ هذا العام. وبلغ معدّل التضخم الإجمالي في منطقة اليورو في حزيران 5.5٪، وهو أعلى بكثير من حدّ التحذير من التضخم البالغ 2٪ الذي حدده البنك المركزي الأوروبي. وفقاً لمؤسسة نيكي Nikkei، فالصعوبات المشتركة التي تواجهها الشركات المحلية هي ارتفاع التكاليف بسبب ارتفاع الأسعار ونقص العمالة.
الطلب العالمي ضعيف. تتوقّع منظمة التجارة العالمية أن ينمو حجم التجارة السلعية بنسبة 1.7٪ هذا العام، وهو أقل بكثير من متوسط المستوى البالغ 2.6٪ على مدى السنوات الاثنتي عشرة الماضية. وبقي مؤشر «طلبيات التصدير الجديدة لمؤشر مدير المشتريات PMI» التصنيعي العالمي في حدّ الانكماش. أظهرت الأبحاث أنّ «مؤشر الانفتاح العالمي» بقي في حالة تراجع خلال السنوات العشر الماضية.
وفي سياق عدم كفاية زخم النمو الاقتصادي العالمي، يمضي الاقتصاد الصيني قدماً على الرغم من الأعباء الثقيلة، ممّا يضخّ اليقين في عالم غير مؤكّد بفضل تنميته المستدامة والمستقرة. كما قال تشيوان هنغ، الباحث الزميل في أكاديمية شنغهاي للعلوم الاجتماعية: «سنعمل بثبات على توسيع الانفتاح وتوسيع التبادلات الاقتصادية والتجارية مع الدول في جميع أنحاء العالم على أساس المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجانبين، كما أنّ تحقيق الانفتاح رفيع المستوى من الأمور المتزايدة باستمرار».

الثقة والشروط والإمكانات

لم تكن التنمية الاقتصادية سلسة على الإطلاق. ظلّ الاقتصاد الصيني ينمو ويعزز على الدوام من خلال التغلب على الصعوبات والتحديات. هذا ليس قانوناً تاريخياً فحسب، بل قانوناً اقتصادياً أيضاً. علينا أن نلتزم بالمبدأ العام المتمثل في السعي إلى التقدم مع الحفاظ على الاستقرار، وترسيخ هدف تحقيق النمو النوعي والكمي في الاقتصاد، وتجنّب معالجة الأعراض دون معالجة الأسباب الجذرية. يتعين علينا أن نمتنع عن تبني طوفان من سياسات التحفيز الشديدة. يرى بعض المحللين أنّ هذا المسار ثابت وتقدمي، ويركز على القضايا الأساسية والإستراتيجيات طويلة المدى، ويعكس التصميم والحيوية الإستراتيجية.
إنّ الطلب غير الكافي يمثّل بالفعل مشكلة بارزة تواجه العملية الاقتصادية الحالية. كما قال زو يوهان، نائب مدير قسم التنبؤ الاقتصادي في المركز الوطني للمعلومات «بعد عودة الاقتصاد والمجتمع إلى طبيعته، سوف يتعافى الاستهلاك القائم على الاتصال والخدمات أولاً. ومع ذلك، لا يمكن القضاء على التأثير والآثار الناجمة عن الوباء بشكل كامل على المدى القصير، ولا تزال القوة الدافعة الداخلية للاستهلاك بحاجة إلى تقوية». من خلال الجمع بين تنفيذ إستراتيجية توسيع الطلب المحلي وتعميق الإصلاحات الهيكلية في جانب العرض، يمكننا الاستفادة بشكل كامل من دور الاستهلاك باعتباره «المحرك الرئيسي» وتمكين السكان من الاستهلاك، وزرع الثقة في الاستهلاك والاستعداد للاستهلاك.
في النصف الأول من العام، انتعش الإنتاج الصناعي بشكل مطّرد، لكنّ أرباح المؤسسات الصناعية الكبيرة انخفضت على أساس سنوي. تجدر الإشارة إلى أنّه بسبب مشكلات مثل عدم كفاية الطلب، لم تستعد بعض الشركات ثقتها بالكامل. وعلى وجه الخصوص فإنّ بعض المؤسسات الخاصة غير متأكدة من اتجاهات التنمية واتجاهات الاستثمار. من خلال الجمع بين فعالية السياسات وتحفيز حيوية كيانات السوق، تم تقديم سلسلة من التدابير السياسية العملية والفعالة لمساعدة الشركات على العمل بشكل مطرد والمضي قدماً والأداء الجيد.
العمالة هي أساس معيشة الناس. يقول لي تشانغان، البروفسور في جامعة الأعمال والاقتصادي الدولية: «إنّ زيادة العرض وتكثيف المنافسة، إلى جانب عوامل مثل عدم تطابق المهارات، وعدم تناسق المعلومات والتغيرات في الخيارات المهنية، أدّت إلى ضغوط توظيف كبيرة للشباب». تبذل الصين جهوداً في الصناعات الإستراتيجية الناشئة، وفرص العمل في المجالات الأكثر توافقاً مع مهارات التوظيف واحتياجات خريجي الجامعات، الأمر الذي سيسهل استيعابهم بشكل أفضل ضمن القوى العاملة. ومع استمرار الاقتصاد في التعافي وتوسّع الطلب على العمالة، من المتوقع أن يتحسن تشغيل الشباب تدريجياً.
من التحديات إلى الاستجابات، ومن الاتجاهات إلى الآفاق، من المهم القيام بعمل جيد في التنمية الاقتصادية والاجتماعية هذا العام لبناء دولة اشتراكية حديثة في جميع النواحي والبدء من المكان الصحيح.

بتصرّف عن:
How to understand the ‹wave-like› and ‹zigzag› Chinese economic recovery

معلومات إضافية

العدد رقم:
1138
آخر تعديل على السبت, 06 كانون2/يناير 2024 20:53