المعادن النادرة.. (سلاح صيني) في الحرب التجارية

المعادن النادرة.. (سلاح صيني) في الحرب التجارية

اجتمعت مؤسسة صناعات المعادن النادرة الصينية (ACREI) مؤخراً في هذا الأسبوع، وهي التي تضم أكثر من 300 منجم، ومُنتج، ومصنع، وكان اجتماعها بخصوص إجراءات الرد على الحرب التجارية ورفع الرسوم الأمريكية، في إشارة إضافية إلى إمكانية استخدام الصين للمعادن النادرة (سلاحها الثقيل) في الحرب التجارية، المسألة التي يعتبرها البنتاغون مسألة أمن قومي...

في ظل التهديد الصيني بزيادة الرسوم على صادرات المعادن النادرة، أو حتى إيقاف توريد بعضها للولايات المتحدة، فإن وزارة الدفاع الأمريكي طلبت من الشركات الأمريكية المستهلكة أن تقدم خطة بديلة بحثاً عن المعادن النادرة، وأمهلتهم لنهاية شهر تموز الماضي، ولكن هذا صعب... فالصين تمتلك 37% من احتياطي المعادن النادرة العالمي، وتنتج أكثر من 80% من الإنتاج العالمي، بينما تعتمد الولايات المتحدة على الصين بنسبة 80% من حاجاتها للمعادن النادرة التي تدخل في أغلب الصناعات عالية التكنولوجيا والصناعات العسكرية.
وبالتفاصيل فإن الصين تنتج حوالي 97٪ من خام التربة النادرة، و97٪ من أكاسيد الأرض النادرة، و89٪ من السبائك الأرضية النادرة، و75٪ من مغناطيس البورون الحديد النيوديميوم، و60٪ من مغناطيس الكوبالت السماريوم. بينما تفتقر الولايات المتحدة بالكامل تقريباً إلى القدرة على التكرير والتصنيع، وصناعة المعادن والسبائك والمغناطيس لمعالجة التربة النادرة، وتعتمد بالكامل تقريباً على الصين.

المعادن النادرة والتكنولوجيا العالية

المعادن النادرة هي مجموعة من حوالي 17 عنصراً معدنياً في الجدول الدوري للعناصر، التي لديها ميزات عالية في الوصولية الكهربائية والمغنطة. وتعتبر هذه المعادن نادرة لأنها تظهر في تركزات قليلة في الطبيعة، وهي عملياً ليست نادرة بمعنى الكم، بمقدار أنه من الصعب وجود كميات كبيرة في مكان واحد، ولهذا فإن عملية الاستخراج والتصنيع تتطلب عملاً وموارد مكثفة ومكلفة، ما يجعل كميات إنتاجها قليلة.

تستخدم المعادن النادرة في العديد من المنتجات المدنية والعسكرية، من هواتف الـ آيفون إلى محركات وبطاريات السيارات الكهربائية والهدروجينية، ومحركات الطيارات، والليزر والأقمار الصناعية، والعديد من المنتجات الأخرى. من بينها المونيتورات، وتوربينات الرياح، والألياف البصرية، والموصلات الفائقة، والأجهزة الطبية، والقطارات عالية السرعة، ويمكن القول: إنها مدخل هامٌّ في العديد من الصناعات عالية التكنولوجيا.
كما أن بعض المعادن النادرة أساسٌ في الصناعات العسكرية، في محركات الطيارات، وفي أنظمة القيادة، ومضادات الصواريخ، فاللانثانيوم على سبيل المثال أساس في أجهزة الرؤية الليلية العسكرية.

الصين المنتج الأكبر عالمياً

تمتلك الصين معظم القدرة الإنتاجية العالمية من المعادن النادرة، في 2017 ساهمت الصين بنسبة 81% من الإنتاج العالمي وفق US Geological Survey، بينما شركة Lynas الأسترالية، تنتج نسبة 15% والباقي موزع عبر العالم، إذ تستخرج العديد من الدول الأخرى المعادن النادرة: روسيا، والهند، وجنوب إفريقيا، وكندا، وإستونيا، وماليزيا والبرازيل.
لدى الصين أكبر احتياطي، وهي أيضاً تنتج من احتياطيات الآخرين، فهي عملياً رائدة في عمليات الفصل والتطهير، وتكرير المعادن النادرة، فعلى سبيل المثال: تشحن شركة California’s Mountain Pass mine الأمريكية 50 ألف طن متري سنوياً من المعادن النادرة إلى الصين للمعالجة، مع العلم أن هذه الشركة هي المنتج الوحيد للمعادن النادرة في الولايات المتحدة. كما أنّ الصين التي تمتلك أغلب سلسلة الإنتاج العالمي، تسعى اليوم إلى نقل إنتاجها النهائي من رقائق المعادن إلى مستوى أعلى من حيث الجودة، حيث لا تزال هنالك فجوة في نوعية المنتجات النهائية من المعادن النادرة بين إنتاج الصين واليابان على سبيل المثال.

البحث عن بدائل

أستراليا هي المنتج الثاني عالمياً، وتحديداً عبر شركة إنتاج المعادن النادرة الأسترالية ليناس، التي أصبحت موضع اهتمام أمريكي وياباني لمواجهة تحدي الوزن الصيني في السوق العالمية.
وقد تعاقدت شركة ليناس مع شريك أمريكي، وهو شركة Texas-based Blue Line لإنشاء منشأة فصل للمعادن في الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يبدأ في عام 2021. تستخرج ليناس المعادن النادرة في أستراليا وتنتجها في ماليزيا، والنية اليوم بنقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة لتتوسع وتتطور عمليات الفصل، بحيث يتم إنتاج الديسبروزيوم وهو عنصر ضروري لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية. لتكون أول شركة تدخل بعد الشركات الصينية إلى إنتاج هذا المعدن، وفي السياق ذاته تحاول شركة أسترالية أخرى منتجة، أن تنشئ محطة فصل في أستراليا لتوقف نقل معادنها إلى الصين ليتم تكريرها.
اليابان توسّع أيضاً علاقاتها مع ليناس، ضمن ثلاثي أمريكي أسترالي ياباني... وقد انخفضت صادرات الصين من المعادن النادرة إلى اليابان بمقدار النصف، بعد أن أممت اليابان جزر سينكاكو المتنازع عليها، وأدى هذا في عام 2011 إلى استدارة اليابان نحو ليناس، حيث قدمت غرف التجارة اليابانية، وشركة الغاز والنفط اليابانية ما يقارب 250 مليون دولار كرأس مال وإقراض لمساعدة الشركة الأسترالية على زيادة الإنتاج، مقابل تعهد الشركة بتقديم المعادن النادرة بكميات وحصص ثابتة لليابان، وهي تقدم اليوم 30% من حاجات اليابان إلى المعادن النادرة.
الخبراء الأمريكيون يقولون: إن الحظر الصيني على واردات المعادن النادرة أو رفع الرسوم عليها، سيخلق مشكلة للصناعة الأمريكية في الأجل القصير، ويخلق مشكلة لطلبيات الدفاع الأمريكية كما في طائرات F-35، فسوق المعادن النادرة ليست كبيرة بالأرقام، ولكنها بالمقابل حساسة في الصناعات عالية التكنولوجية، وفي الدفاع الذي يستهلك نسبة 5% فقط من الاستهلاك الأمريكي للمعادن النادرة، ولكن في منظومات حساسة وهامة. فالصين تنتج بالإجمال نسبة 80% من منتجات المعادن النادرة. ولكن في الأجل المتوسط قد تكون لحاجات الولايات المتحدة من المعادن النادرة حلول في الشراكة مع اليابان مثلاً، التي اكتشفت احتياطيات كبيرة لأربعة من المعادن النادرة تغطي الطلب العالمي لمئات السنين، في جزيرة ميناميتوري... ولكن هذا لم ينجح بأن يكون جزءاً من الاتفاقيات التجارية بين اليابان والولايات المتحدة في لقاء القمة بين البلدين.

37%

ئتمتلك الصين بين 30-37% من احتياطي المعادن النادرة عالمياً.

80%

تنتج الصين نسبة تفوق 80% من منتجات المعادن النادرة عالمياً.

 

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
926
آخر تعديل على السبت, 17 آب/أغسطس 2019 15:25