السياحة السورية تنمو...  فمن يستهلك؟

السياحة السورية تنمو... فمن يستهلك؟

خصصت منظمة السياحة والسفر العالمية WTTC تقريراً خاصاً في عام 2018 عن سورية، حيث مؤشرات قطاع السياحة ملفتة في البلد المثقل بأزمته للسنة السابعة على التوالي. ينبغي الإشارة إلى أن أرقام التقرير لا تعتمد على البيانات الحكومية المحلية، وقد لا تتطابق بدقة مع بيانات الناتج السياحي، أو الناتج الإجمالي السوري، ولكنها تعطي مؤشر حول التغيرات في القطاع. فالسياحة وفق التقرير تنمو استثماراً وإنفاقاً وناتجاً في عام 2018... فما هي المؤشرات، وما مصادر هذا الإنفاق؟

550 مليار ليرة، وأكثر من مليار دولار هي مقدار المساهمة المباشرة للسياحة والسفر في الناتج الإجمالي السوري في عام 2017، لتشكل السياحة نسبة 6,2% من الناتج. أما المساهمة الإجمالية للسياحة الممتدة لتأثيرها على القطاعات وعلى مصادر الدخل الأخرى فوصلت في 2017 إلى 1221 مليار ليرة، وحوالي 2,35 مليار دولار. لتشكل نسبة مساهمة 13,8% من الناتج الإجمالي السوري في عام 2017، وفق تقديرات التقرير للناتج السوري الإجمالي في عام 2017.

وبالمقارنة مع عام 2010 عام الذروة السياحية في سورية، فإن التراجع في الناتج السياحي السوري كبير. فعملياً كانت السياحة تساهم مباشرة بحوالي 1900 مليار ليرة في ذلك العام، أي: بتراجع قرابة 70%. حيث الأرقام يأخذها التقرير بالأسعار الثابتة لعام 2017.
ولكن ما يلفت التقرير ليس التراجع، بل نسبة النمو في ناتج السياحة المتوقعة في عام 2018 والتي من المتوقع أن تبلغ 2,1%.
الاستثمار السياحي
نسبة النمو المتوقعة في القطاع مبنية على توقعات نسبة نمو الاستثمار السياحي في عام 2018، والتي يضعها التقرير قرابة 7,4%، لتكون نسبة النمو الأعلى في الاستثمارات السياحية في المنطقة. فحيث استثمر في سورية عام 2017 قرابة 52 مليار ليرة استثماراً سياحياً، وبنسبة 4,2% من الاستثمار الإجمالي.
استقرت المستويات الفعلية للاستثمار السياحي خلال عامي 2016 و 2017، بينما تراجعت عن عام 2010 بمقدار: 84% عندما بلغ الاستثمار السياحي في ذلك العام قرابة 330 مليار ليرة، بالأسعار الثابتة لعام 2017 أيضاً.
التشغيل السياحي
عدد العاملين في القطاع السياحي مباشرة بلغوا في عام 2017: 96500 عامل، وشكلوا نسبة 3,6% من العمالة. أما فرص العمل الإجمالية المرتبطة بدخل السياحة والسفر فبلغت في عام 2017: 170 ألف عامل، ونسبة 8,9% من المشتغلين. ومن المتوقع أن تنمو في عام 2018 لتصل إلى 177 ألف عامل، بنسبة نمو في التشغيل: 3,8%.
أما بالمقارنة مع التشغيل السياحي المباشر في عام 2010، فإن عدد المشتغلين قد تراجع من قرابة 430 ألف عامل، إلى 96500 عامل، بخسارة 77% من فرص العمل في القطاع.
من أين يأتي الإنفاق؟
أكثر من ثلثي الإنفاق السياحي هذا يأتي من الزوار الخارجيين بنسبة 66,8%، والذي بلغ حوالي 663 مليار ليرة تقريباً، ومن المتوقع أن ينمو في عام 2018 بنسبة 3,9%. بينما الاستهلاك المحلي السياحي لا يتعدى الثلث 33,2%: ومبلغاً يقارب 312 مليار ليرة، ويتوقع التقرير انخفاضه في عام 2018. وهو المؤشر السياحي الوحيد المرشح للانخفاض.
في تصنيف آخر لوجهات الإنفاق السياحي بين الترفيه وقطاع الأعمال، يتبين بأن الإنفاق في الخدمات الترفيهية سواء محلياً أو من الخارج بلغت 86,9% من الإنفاق السياحي، مقابل 13,1% لإنفاق قطاع الأعمال على السياحة والسفر.
يرتبط النمو في القطاع السياحي في عام 2018 بالتحسن في الظروف الأمنية، ولكن «مؤشراته الواعدة» ترتبط بأن القطاعات التي يتحفز الاستثمار تجاهها، هي القطاعات التي يتأمن فيها طلب، وقدرة استهلاك. وبناء على عدد السوريين في الخارج، وفوارق العملات، فإن عدد الزائرين، وإنفاقهم يرتفع بطبيعة الحال... بينما الـ 312 مليار ليرة المنفقة محلياً على وجهات السياحة، والتي تقارب: 26 مليار ليرة شهرياَ! فهي ترتبط بشرائح محددة من أصحاب الدخل المرتفع في سورية، القادرين على إنفاق بهذا المستوى.
إن انتعاش السياحة قد يحقق مصادر دخل، وتشغيل... ولكن انتعاشه يرتبط أيضاً بمنطق سياسة الأمر الواقع الاقتصادية، حيث تدخل الكثير من الأموال والعمالة في خدمة القادرين على الاستهلاك عموماً، وعلى استهلاك من هذا النوع خصوصاً، وهؤلاء أصبحوا شريحة ضيقة بعد أن توسعت إلى حد كبير شريحة السوريين الذين يعيشون على خط الفقر الحاد الذي يتطلب في سورية اليوم: 234 ألف ليرة شهرياً للأسرة من خمسة أفراد.

آخر تعديل على الأربعاء, 18 تموز/يوليو 2018 10:48