الاقتصاد الأمريكي... وأخيراً صرخ أحدهم: (الامبراطور عارياً)!

الاقتصاد الأمريكي... وأخيراً صرخ أحدهم: (الامبراطور عارياً)!

الاقتصاد الأمريكي في وضع بائس منذ مدة طويلة، حيث بلغ الدين الإجمالي أربعة أضعاف الناتج السنوي تقريباً! ولكن هذا ليس كل شيء.

الولايات المتحدة، هي المقترض الأكبر على هذا الكوكب. وسأذكر فقط ما يعرفه الجميع حول حجم الدين السيادي الإجمالي البالغ 20 تريليون دولار، وهذا فقط قمة رأس الجليد الظاهرة على السطح. فإذا ما أخذنا بالاعتبار الديون الموجودة في القطاعات الأخرى في الاقتصاد الأمريكي (غير المالي، والمالي، وقطاع الاستهلاك المنزلي) فإن الدين الإجمالي للولايات المتحدة قد يصل إلى 70 تريليون دولار. وكل هذا موثق ومحسوب ومنشور من البنك الفيدرالي الأمريكي، ووزارة الخزانة الأمريكي، ومكتب التحليلات الاقتصادية، وغيرها من الجهات الرسمية الأمريكية. وهي معلومات يمكن إيجادها ببساطة في موقع العداد الأمريكي.
الدين الأمريكي
 220 تريليون دولار!
منذ سنوات عدة، أحدثت دراسة للبروفسور الأمريكي Lawrence Kotlikoff من جامعة بوسطن، ضجةً كبرى في الولايات المتحدة، وذلك بعد أن حاول إجراء تقديرات جديدة لإجمالي دين الولايات المتحدة، آخذاً بعين الاعتبار، الالتزامات الاجتماعية للدولة. وبناء على حساباته، فإن الدين الإجمالي للولايات المتحدة قد تجاوز 220 تريليون دولار (مأخوذاً بدولار عام 2011).
بالأحوال كلها فإن مثل هذا الرقم المأخوذ من هذه الدراسة هو الحد الأقصى في محاولات قياس الدين الإجمالي للولايات المتحدة. والبرفسور عدّل الالتزامات الاجتماعية للدولة في دراسته، وتبين أنه حتى اللحظة فإن مستحقات الدولة الأمريكية على الخدمات الاجتماعية تبلغ 112 تريليون دولار!
(الولايات المتحدة: مفلسة)
إنني أتابع الاقتصاد الأمريكي منذ مدة طويلة، وفي السنوات الأخيرة بدأت أكرر خلاصة بحثي بكل ثقة بأن: (الولايات المتحدة دولة مفلسة)، ومدعماً أقوالي بمجموعة من المؤشرات الإحصائية الضرورية. وبينما يردد البعض من غير المصدقين ما يتردد دائماً حول أن: (الولايات المتحدة هي بلد متطور) وغيرها من الجمل النمطية مثل: (الولايات المتحدة هي الدولة الأغنى عبر العالم)، وأن (أميركا هي الدولة الأكثر استقراراً عالمياً) وغيرها... إن جميع هذه المقولات النمطية المصدّرة عبر الميديا الشائعة، أو وسائل الإعلام العالمية الأكثر رواجاً، وهذه بدورها تعتمد على (التصريحات الرسمية)، والتي من بينها وبالدرجة الأولى (الثلاثة الكبار) من وكالات التقييم المالي العالمية.
الصين في وجه (الثلاثة الكبار)
وكالات التقييم العالمية الأساسية : Fitch، Moody’s تضع الولايات المتحدة في أعلى سلم التقييم (AAA). بينما وكالة التقييم العالمية الثالثة S & P  خفضت منذ عام 2011 تقييمها للدين الأمريكي ووضعته في مستوى أخفض قليلاً: (AA +) ولكن حتى هذا التقييم هو عالٍ جداً، بالقياس إلى تقييم كل الدول التي يسمونها (متقدمة).
وكالات التقييم الثلاث، والتي كانت طوال الوقت تشكل مع بعضها احتكاراً عالمياً لعمليات التقييم العالمية، ستظهر قريباً في موقف أحمق... حيث إن بعض وكالات التقييم المحلية، في بعض البلدان تعطي تقييمات مختلفة، وأحياناً متناقضة تماماً مع التقييمات التي يعطيها تحالف (الثلاثة الكبار). فعلى سبيل المثال: وكالة التقييم الصينية Dagong خفضت مؤخراً تقييم الدين السيادي الأمريكي، وذلك تحديداً في التزامات الدين عبر العالم، وبالعملات الأجنبية، والوكالة بهذا توجه نقدها إلى توسع الاعتماد على أكبر اقتصاد ممول بالدين عالمياً. الوكالة الصينية أعلنت أنها خفضت تقييمها للدين السيادي الأمريكي من A-  إلى BBB+، مع نظرة سلبية اتجاه مستقبل التقييم.
وأخيراً فإن واحدة من الوكالات العالمية قد شاهدت الحقائق، كما حصل مع بطل قصة أندرسون الذي صرخ فجأة وبأعلى صوت: (الملك عارٍ). وكالات التقييم العالمية تظهر في روسيا كذلك، ولكنها لا تزال حتى الآن معنية بالبيانات والتقييمات المتعلقة بالاقتصاد الروسي، ومن المؤسف أن الوكالات الصينية، وليس وكالاتنا، كانت أول من أوضح الحقائق حول هذا (الملك العالمي). ولكني أتمنى منهم أن يعيدوا ويكرروا هذه الجملة وبأعلى صوت وبأوسع مدى، لينطلق منها وزراؤنا ومؤسساتنا ومن ضمنها البنك المركزي، ويعتمدوا هذا التقييم البسيط وإن كان من وجهة نظر سياسية!

عن مقال لفالنتين كاتاسانوف